مسلمو فرنسا والمخاوف
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية في تقرير نشرته، أمس الخميس، عن حالة من عدم الاستقرار و القلق والشعور بالاغتراب يعيشها الكثير من المسلمين في فرنسا.
وقالت الصحيفة إن هذه الشعور يأتي رغم أن المسلمين في البلاد يعتبرون أنفسهم جزءا لا يتجزأ من المجتمع الفرنسي.
ووفقا لتقرير الصحيفة، فإن “ظهور مثل هذه المشاعر ليس فقط تعبيرا عن الصعوبات الشخصية التي يواجهها بعض الأفراد، ولكنه يشير أيضا إلى مشاكل أعمق في النسيج الاجتماعي والسياسي” في البلاد.
تفكير متزايد بالهجرة إلى فرنسا
وأضافت بأن العديد من الفرنسيين المسلمين، نساء ورجالا، “المستقرين جيدا”، مصرفيين ومهندسين وموظفين حكوميين وأساتذة جامعيين و فنانين.. إلخ، يُفكّرون بشكل متزايد بالهجرة إلى خارج فرنسا، مرجعة السبب وراء ذلك بسبب انزعاجهم من حالة انعدام الثقة. ويقول أحدهم: “مهما فعلت، فأنا عربي ومسلم”.
وذكرت بأن الشعور بالتمييز وفقدان الثقة في السلطات العامة وبعض وسائل الإعلام يدفع العديد من المسلمين المستقرين جيدا في فرنسا إلى التفكير في الهجرة بحثا عن بيئة أكثر تقبلا واحتراما لتنوعهم.
وأشارت “لوموند” ذائعة الصيت في البلاد، إلى أن العديد من المسلمين الذين تحدثت معهم بأن الرأي العام ووسائل الإعلام أصبحوا أكثر صرامة تجاههم، وخاصة بعد هجوم حركة “حما.س” الفلسطينية على إسرائيل، الأمر الذي يعتبر نقطة تحول جادة.
وقالت إن المسلمين المشاركين في هذا الاستبيان، أدانوا الخطابات السياسية الموجهة ضدهم، إضافة لتهاون السلطات العامة معهم كما ذكروا.
وفي التقرير ذُكر كذلك، أن المسلمين يشعرون بنوع من “الحسرة” تجاه بلدهم فرنسا، باعتبار أنها قدمت الكثير لهم ودربتهم ليصبحوا في نهاية المطاف “أكباش فداء يشار إليهم باستمرار”.
وأكدبأن العديد من الفرنسيين المسلمين منزعجون من الخطابات المعادية للمسلمين عبر وسائل الإعلام، خاصة تلك التي تعمل على مدار الساعة.
تحديات للمسلمات
تقول الصحيفة إن هناك عدة قضايا شكلت تحديات للمسلمات بشكل خاص، منها الجدل حول السماح بارتداء الحجاب أو البوركيني (لباس السباحة الخاص بالمحجبات) أو العباءة، إلى جانب قضايا أخرى حول فترات الراحة أثناء المباريات الرياضية خلال شهر رمضان لكسر الصيام.
وتشدد الصحيفة الفرنسية على أن كل هذه الظروف سببا كفيلا للكثير من الفرنسيين المسلمين للهجرة خارج البلاد والانتقال لبلد يتيح لهم نفس الفرص المتاحة لأي مواطن كالمغرب والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة وكندا وبريطانيا.
“مهما فعلنا تتم عرقلتنا”
وتنقل “لوموند” عن هارون، البالغ من العمر 50 عاما، خريج كلية التجارة المرموقة، قوله:“مهما فعلنا، ومهما بذلنا من جهود، ومهما كانت مهاراتنا، فنحن مرتبطون بأصولنا وهويتنا المذهبية، وتتم عرقلتنا في حياتنا المهنية. لم أحصل على المهنة التي كان ينبغي أن أتمتع بها”.
كما تنقل “لوموند” أيضا عن يوسف، البالغ من العمر 62 عاما، وهو موظف حكومي وناشط مجتمعي، قوله: ”الجمهورية التي نحبها لا تحبّنا. أخبرنا آباؤنا أننا لسنا في بلدنا، وأننا مجرد ضيوف”.
وتابع هارون قائلا:”لكننا لم نرغب في تصديقهم. ومع ذلك، يجب علينا اليوم أن نعترف بأننا غير شرعيين في فرنسا”.
بدوره، عبر “أحمد” للصحيفة عن شعوره بالمرارة. فهذا المسؤول في قطاع الفنادق الفاخرة في العاصمة، البالغ من العمر 52 عاما، يؤكد أنه على مدى سنوات رأى أشخاصا درّبهم هو نفسه يرتقون في الرتب، وهو في حالة ركود.
يضيف بالقول:“هناك دائما حاجز، لكنه غير مرئي، ولم يخبرني أحد أبدا أن السبب هو أنني مسلم ومن أصل مغاربي”.
لكن يوسف من جانبه، يؤكد بأنه لم يعد أحد يصفنا بـ “العرب القذرين” كما كان الحال في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ولا أحد يدعونا بـ “المسلمين القذرين” أيضا، ولا يهاجمنا، فالآليات المتبعة في العمل أصبحت أكثر “غدرا”.
الآلاف يغادرون فرنسا
تؤكد الصحيفة أنه في ظل هذه الظروف، يفكر الكثير من الفرنسيين المسلمين في الهجرة، بعد أن غادر الآلاف بالفعل. ولا يتعلق الأمر بالضرورة بالذهاب إلى المنفى في بلد مسلم، بل باختيار العيش في بلد حيث ستتاح لهم نفس الفرص التي يتمتع بها أي مواطن آخر يتمتع بمهارات متساوية.
ويقول أستاذ وباحث في جامعة السوربون الجديدة:”ما نشهده اليوم هو “هجرة صامتة للكوادر في صفوف الفرنسيين المسلمين، والذين قرروا مغادرة فرنسا بألم جراء التمييز ضدهم”.
كما توقفت “لوموند” عند حالة إسماعيل وهارون وسمير المتردِّدين، حتى الآن؛ حيث يشرح سمير في هذا السياق بالقول: “زوجتي طبيبة، مستعدة للمغادرة، غادر أربع من صديقاتها الطبيبات إلى المغرب، مع أن بعضهن لا يتحدثن العربية”، تضف الصحيفة بأن “سمير مقتنع الآن بأن مستقبله في فرنسا انتهى”.
أخبار أوروبا بالعربي