المقاومة الفلسطينية وسر الصمود

إبراهيم عطا _كاتب فلسطيني

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_الاسبوع الماضي قمنا بزيارة لاحد الأصدقاء وهو طبيب غزي يعمل في مسقط منذ سنوات، وذلك للتعزية باستشهاد مجموعة جديدة من اهل زوجته الذين قضوا برصاص الاحتلال الصهيوني في مدينة رفح جنوب قطاع غزة…
ولقد تفاجأت باستقبال الدكتور وهو بحيويته المعتادة و بوجهه البشوش الذي لا تفارقه الابتسامة وحديثه المشوق وهو لا يتوقف عن طرح المشاريع المستقبلية، وكوني لم التق به منذ فترة طويلة تحدثنا وتطرقنا للعديد من المواضيع، وخاصة الحرب الصهيوامريكية على قطاع غزة ومواقف مختلف الدول والاطراف، المتخاذلين منهم للعظم والنخاع، والمؤازرين مثل الاسود والسباع، وحدثته عن الوقفات التضامنية التي تقام اسبوعيا في الجامع الكبير والتي صرنا ننتظرها بفارغ الصبر كي نعبر عن غضبنا وتضامننا مع المقاومة بالرغم من بعض القيود الموجودة، وما الى ذلك من اخبار ومواضيع…وكم كنت مندهشا لرؤيته متماسكا ولمعنوياته المرتفعة وحديثه المعتاد كأننا في سهرة من سهرات السنوات الماضية الاعتيادية…
شربنا القهوة المرة مع التمر كما هي العادة، وتذكرنا القعدات الونيسة مع بقية الاصدقاء، ولم يتغير صوته وتتبدل ملامحه الا عندما سألته عن أهله في غزة، حيث أخبرني كيف قضى الليلة الفائتة وهو يبكي دون توقف على الحال الذي وصلوا اليه، فبعد ان تمكن من الاتصال بأبيه بصعوبة للاطمئنان على الاهل والاقرباء، أخبره والده انهم يحملون فراشهم على ظهورهم ويسيرون في الطرقات ويتنقلون من منطقة الى اخرى بحثا عن سقف آمن يأويهم…ولم يقطع حديثنا الا قدوم مجموعة من اصدقاء الدكتور الذين جاءوا لتقديم واجب العزاء، وبدلا من كلمات التعازي المتعارف عليها، سمعتهم يهنئونه ويباركون له ولاهله بالشهادة، وهو ما زاد من استغرابي ومن دهشتي لهذه القوة وهذا الصبر والايمان الراسخ الذي يتحلى بها ابناء غزة العزة….وقلت بيني وبين نفسي..”يا الله، ما هذا الشعب العظيم، من أي معدن مصنوع ومن اي طينة معجون…؟
من المؤكد ان هذا الخليط من الصبر و التماسك والايمان هو سر الصمود وهو عنوان النصر المؤكد للمقاومة الفلسطينية في غزة وفي عموم فلسطين، وتأكدت عندها ان شعبنا في القطاع لا يشبه بقية شعوب العرب والمسلمين، ولا حتى بقية الفلسطينيين، وأنا واحد منهم، لان ما يحملونه بداخلهم من ايمان وصبر وعقيدة لا يوجد لدى احد سواهم على وجه الخليقة…لذلك، ازدادت ثقتي بالنصر المبين لهذه المقاومة التي صنعت حاضنة صلبة وراسخة لا تتزحزح عن مبادئها ولا يمكن كسرها او اضعافها مهما عظمت قوة وفتك اعدائها وازدادت وتيرة الجرائم بحق ابنائها…
وأنهي هنا بموقف وقع بعد الوقفة التضامنية الاخيرة أول امس، حيث اقترب مني احد الشباب وبعد ان حياني بشدة طلب مني كوفية من غزة واستغربت لطلبه واخبرته اني سأعمل على تلبيته واعطيته رقمي للتواصل، ولكن اغرب ما في الامر انه اشترط علي ان تكون الكوفية كما هي بعرقها حتى يستطيع شم رائحة المقاومين هناك…

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post حفل رسمي لأوركسترا لوكسمبورغ بمناسبة ميلاد الدوق الأكبر
Next post  جولات بالعربات الكهربائية في بروكسل