(مازن مصطفى) يكتب في لندن.. عن مدينة سالم الهنداوي الروائية..!

Read Time:2 Minute, 38 Second

      – “مازن مصطفى”، كاتب وناقد معروف من فلسطين مقيم في لندن، أستاذ الدراسات الثقافية السابق في جامعة “بير زيت” والمؤسِّس ورئيس التحرير الثقافي السابق في محطّتي “mbc” و”الحوار” بلندن..

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_أصدقائي: أعمال الروائي تشبه مدينة مسحورة مسوّرة، لها بوابات، ومن أيها دخلت سيفتنك اختلاف معمارها.. ومن بوابة المحبّة للسيرة والنِتاج دخلتُ مدينة الروائي الليبي الكبير الصديق سالم الهنداوي وكنتم برفقتي بالطبع:-

*************

كم يجولُ في مفرداتك جيلُنا

أَقرأُ سالم الهنداوي، الروائيَ والاديبَ الليبي، بالمساحة الرحبة للّغة العربية، بقدرته الساحرة على الإحاطة بمكنونها وبإحالاتها في الحسّ والشعور، وفي الثقافة أساساً حين لا بدّ من السياسة.  

أتفهّمه بين مزدوجين من تكوين مساحة العروبة، من موجةٍ تلطم صخور البحر على الساحل العُماني لتصطفق بأخرى على ضفاف الأطلسي في الرباط. وفي قلب المزدوج، تاريخ من كفاحٍ  يتّقد بآمالٍ عظيمة وتطلعاتٍ ثورية تضيء ليلنا، كما نهر المجرة، ليعود حين ينجلي النهار إلى جفافٍ كأن نهر تطلعاتنا قد صبّ في الربوع الخالية، مخلفاً حسرة التأمل والفجيعة. 

هنا المفردة هندسةٌ بيوفكرية، إن جاز التعبير، هي جمعٌ بين حساسية الذات وانفعالاتها في الضبط والإطلاق، وبين وقائع حالٍ موضوعي يُمعن في تغريبِ المثقف وفي تأجيج مفاعيل منفاه الدائم بالمعنيين الفكري والجسدي، هكذا، لتحفر المفردة معناها بثباتٍ شفيفٍ ورائقٍ وساحرٍ وأليمٍ ولامع لأنه ينير الفكرة ويجدد معنى الوجود. 

   إيه سالم، سأستزد، كم يحلو التجوّل في مفردتك، في غزارة العواطف وصدقها بثقافةٍ إنسانيةٍ جذورُها في الوطنية الصافية، دون انفكاك ولا انكفاء عن الواقع. وأتذكّر هنا علاقتك الشخصية الحميمية بالأدباء والمثقفين العرب وأُطر تجمعاتهم، وتجاربك (مغامراتك) في النشر والتحرير، ما منحك شرعية الشراكة الفكرية الراقية مع رموز المرحلة، هذا عدا كونك امتداداً أصيلاً لإرثِ أسماءٍ لامعة في أفق الثقافة الليبية في الرواية والفكر الاجتماعي والسياسي. 

   تُرسل لي آخر نتاجك إلى منفاي الاختياري في لندن، وأُحاول جاهداً في قراءتي لها أن أفصل بين الأدبي والسياسي، بين الرواية وليبيا، بين سالم وليبيا، وأنا الفلسطيني (كما فلسطينيتك كحالة ذهنية) الذي يُعذبه أن يرى مأساة الفلسطيني زهرةً تتفتح دامية في كل صقع عربي، وأن إسرائيل صارت “إسرائيلات”. 

   ويزداد التحسُّر، وربما القهر، في تقرّي فشل التنمية العربية وتراكيب حالتها الاجتماعية والاقتصادية، من بَدْونة الريف إلى ترييف المدينة، متمفصلة مع آلية استعمار (نستدعيه كما يقول مالك بن نبي). آلية استعمار يتجدد كل 5 سنوات ذاتياً وداخلياً، وإن لم يحقق ذاته المدمَّرة، فالتدخل العسكري المباشر هو الآلية الأمثل. 

   في “ليل بيزنطي” ليست القاهرة هي المكان، لكنها الرمز لكل مآلات “الثورات” العربية و”استقلال” دولها من الاستعمار، وارتقاء نخبٍ فشلت في القيادة بسبب فشلها الكامن في تكوينها. ثم يعلو نشيج الحزن والإحباط، حيث السخرية ميكانيزم دفاعٍ ذاتي، عن انهدام المدينة العربية في “رحلة نوح الأخيرة”، وسأسمّيها “وقائع الديستوبيا العربية”، من خراب بيروت إلى خراب دمشق، إلى خراب بغداد، إلى خراب طرابلس، إلى خرابات أخرى، حتى وإن غطّاها زجاج شواهق البناء!

   يكفي أن أقول أمام النتاج الواسع والكبير لسالم الهنداوي، إني في الروايتين الأخيرتين، “ليلٌ بيزنطي” و”رحلة نوح الأخيرة”، كنت أتقلّى في محماس الذاكرة واسترجاعاتها، كم وكم فيها من ألم.  

أرأيت يا سالم؟

كم جيلُنا يجول في مفردتك.

نقلا عن صفحة الكاتب الاديب. سالم الهنداوي

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post  سكرات الفراق
Next post كزافييه بيتيل إلى رومانيا