لبني يونس تؤرخ للاتحاد الافريقي “من الوحدة إلى الإتحاد : رحلة القارة الأفريقية نحو التكامل”

محمد الظفير -محرر الشؤون الافريقية

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_تعتبر القارة الأفريقية، بأبعادها التاريخية والثقافية المتنوعة، موطنًا لأكثر من مليار نسمة. وعلى مر العصور، شهدت هذه القارة تحولات عميقة، كان أبرزها السعي نحو الوحدة والتكامل. بدأت هذه الرحلة مع تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية في منتصف القرن العشرين، والتي مثلت خطوة جريئة نحو توحيد القارة وتحريرها من الاستعمار. ومع مرور الزمن، تطورت هذه المنظمة لتصبح الاتحاد الأفريقي، الذي يطمح إلى بناء أفريقيا موحدة ومتقدمة..

تم تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية في 25 مايو 1963 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعد اجتماع 32 دولة أفريقية مستقلة. كانت المنظمة بمثابة استجابة للتحديات التي واجهت القارة في تلك الفترة، خصوصًا الاستعمار الأوروبي الذي لا يزال جاثمًا على أجزاء كبيرة من أفريقيا. كانت المنظمة تهدف إلى تحقيق أهداف رئيسية مثل تعزيز الوحدة والتضامن بين الدول الأفريقية، مكافحة الاستعمار ودعم حركات التحرير في الدول التي لم تنل استقلالها بعد، التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء لتعزيز التنمية، والحفاظ على8 السيادة والسلامة الإقليمية مع منع التدخلات الخارجية.

لعب العديد من القادة الأفارقة أدوارًا بارزة في تأسيس المنظمة ودعم رؤيتها. من بين هؤلاء القادة: كوامي نكروما من غانا، الذي كان من أوائل الداعين لفكرة الوحدة الأفريقية باعتبارها وسيلة لتحقيق التحرر الشامل؛ هيلا سيلاسي من إثيوبيا، الذي استضاف القمة التأسيسية للمنظمة في أديس أبابا؛ جمال عبد الناصر من مصر، الذي دعم حركات التحرير الأفريقية على مستوى سياسي ومالي؛ وسيكو توريه من غينيا، الذي كان من أوائل القادة الذين اعترفوا بأهمية الوحدة في التصدي للاستعمار.

على الرغم من النجاحات التي حققتها المنظمة في دعم حركات التحرر وإنهاء الاستعمار في معظم الدول الأفريقية، إلا أنها واجهت تحديات داخلية، مثل النزاعات بين الدول الأعضاء وأزمات مثل قضية الصحراء الغربية. ضعف البنية المؤسسية للمنظمة حال دون تحقيق تكامل اقتصادي وسياسي كامل.

برزت ليبيا بشكل لافت في إعادة توجيه مسار المنظمة نحو تأسيس الاتحاد الأفريقي. بقيادة معمر القذافي، لعبت ليبيا دورًا رياديًا في دفع عجلة التحول. كان القذافي من أبرز المدافعين عن فكرة “الولايات المتحدة الأفريقية”، حيث كان يرى أن القارة بحاجة إلى تكتل سياسي واقتصادي قوي ينافس على الساحة الدولية. في مدينة سرت الليبية، استضاف القذافي في عام 1999 قمة هامة للقادة الأفارقة، حيث دعا إلى إعادة هيكلة منظمة الوحدة الأفريقية لتكون أكثر فعالية في مواجهة التحديات الجديدة. كانت هذه القمة نقطة البداية لتحويل المنظمة إلى الاتحاد الأفريقي. ولم يقتصر الدور الليبي على الجانب السياسي فقط، بل قدمت ليبيا دعمًا ماليًا كبيرًا لتعزيز البنية التحتية للاتحاد الأفريقي بعد تأسيسه.

بعد سلسلة من القمم والإصلاحات التي بدأت في قمة سرت، تم الإعلان عن تأسيس الاتحاد الأفريقي رسميًا في 9 يوليو 2002 ليحل محل منظمة الوحدة الأفريقية. وكان الهدف من الاتحاد تعزيز التكامل السياسي والاقتصادي بين الدول الأفريقية، ومعالجة القضايا الأمنية والتحديات التنموية بفعالية أكبر.

بينما كانت منظمة الوحدة الأفريقية خطوة تاريخية نحو توحيد القارة ودعم حركات التحرر، فإن الدور الليبي كان حاسمًا في تحويل هذه المنظمة إلى كيان أقوى وأكثر شمولاً، متمثلاً في الاتحاد الأفريقي. هذا التحول لم يكن مجرد إعادة هيكلة، بل كان تعبيرًا عن طموح أكبر نحو تعزيز التكامل الأفريقي ليصبح فاعلاً على الساحة الدولية.

على الرغم من الإنجازات التي حققها الاتحاد الأفريقي، إلا أنه يواجه تحديات كبيرة، منها الفقر، والبطالة، والتغير المناخي، والصراعات المسلحة، والإرهاب. يتطلب بناء أفريقيا موحدة ومتقدمة جهودًا مشتركة من قبل الدول الأعضاء والمجتمع الدولي.

تعتبر رحلة الاتحاد الأفريقي نحو التكامل رحلة طويلة وشاقة، تتطلب صبرًا وإصرارًا. ومع ذلك، فإن الإنجازات التي حققها الاتحاد حتى الآن تبشر بمستقبل واعد للقارة الأفريقية. من خلال التعاون والعمل المشترك، يمكن لأفريقيا أن تحقق طموحاتها وتصبح قوة اقتصادية وسياسية عالمية…

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post  *وثبت نحوك*     *مشتاق الخطى*        *فثبي*
Next post مئات الآلاف من الهولنديين يعانون من تلف في الكلى