إعادة فتح السفارة السويسرية في العراق
ترجمة: أمل المكي
تدقيق لغوي: لمياء الواد
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_أعادت سويسرا فتح سفارتها في العراق بعد أكثر من ثلاثة عقود، ولكن لا تزال التحدّيات السياسية والأمنية قائمة على أرض الواقع.
أعادت سويسرا فتح سفارتها في بغداد رسمياً هذا الشهر، إيذاناً بعودتها إلى العراق بعد 33 عاما من إغلاق بعثتها الدبلوماسيّة بسبب الحرب عام 1991.
ورحّب دانيال هون، سفير سويسرا في العراق، المعيّن في سبتمبر، بالقرار قائلا: ”يشرّفني وفريقي أن تُفتح التمثيلية السويسرية من جديد، وأن يرفرف العلم السويسري دائما في العاصمة العراقية“.
ولم تخطّط سويسرا بعد لإنشاء مبنى لسفارتها في بغداد، بل ستقيم بعثتها الدبلوماسية وتعمل في فندق لأسباب أمنية، على غرار البعثات الغربية الأخرى في البلاد.
تحافظ سويسرا الآن على تمثيلها الديبلوماسي في بغداد، إلى جانب أكثر من 50 دولة أخرى، منها النمسا، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا. ويهدف المجلس الفدرالي السويسري إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع العراق، مع التركيز على التعاون الاقتصادي، والأمني، وفي مجال الهجرة، بينما ستواصل السفارة السويسرية في عمّان بالأردن، تقديم الخدمات القنصلية لرعايا العراق.
ورغم استقرار الأوضاع السياسية هناك، لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية متجذرًا في بعض أنحاء البلاد، كما يفتقر البرلمان العراقي إلى الشرعية، ما يزيد المخاطر الأمنية، فيشكّك البعض في توقيت إعادة الافتتاح.
سلام واستقرار ….
تبدو الحكومة السويسرية واثقة من توقيت اتّخاذها القرار. وتؤكّد وزارة الخارجية السويسرية، أنّ الوضع الأمني في العراق ” قد تحسن في السنوات الأخيرة“، فانتقلت البلاد من من صراع داخلي طال أمده، إلى مرحلة من التنمية الاقتصادية. كما يسلط البيان الصحفيرابط خارجي الصادر عنها الضوء على العراق ”الذي تزداد أهميّته كوسيط إقليمي، يمدّ جسور التواصل في المنطقة“، ما يساهم في تحقيق السلام والأمن في الشرق الأوسط.
وستركّز السفارة السويسرية في بغداد على تعزيز العلاقات الثنائية، والنهوض بالمصالح السويسرية في المبادرات الاقتصادية، والأمنية، ومبادرات السلام الرئيسية. وجاء في البيان الصحفي أن قطاع الطاقة في العراق، يقدم فرصاً واعدة على المدى البعيد للشركات السويسرية، لا سيما من حيث آفاق التصدير والاستثمار، إلى جانب اقتصاده المتنوّع.
كما تولي سويسرا التعاون الثنائي في مجال الهجرة أهميّة كبيرة. فقد وُقّعت اتفاقية الهجرة في مايو 2024، لتعمّق التعاون بين البلدين. ولذلك ستضم السفارة موظف اتصال لشؤون الهجرة (مندوب من أمانة الدولة للهجرة)، من أجل ”دعم التعاون الثنائي في مجال العودة“.
ورغم أن طلبات اللجوء المقدمة من رعايا العراق لم تتجاوز 1% عام 2023، لا تزال أمانة الدولة للهجرة تعتبر النسبة ”مرتفعةً نسبياً“. وأوردت صحيفة لوتون خضوع 2317 فردا من العراق حاليا، إلى إجراءات اللجوء في سويسرا، مع وجود 508 حالات معلقة في انتظار تنفيذ الترحيل.
وجاء في البيان الصحفي: ”نظراً لأهمية العراق الجيوسياسية، فإن إعادة فتح تمثيل دبلوماسي في العراق هدف من أهداف استراتيجية المجلس الاتحادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2021،2024“.
… محفوفان بالمخاطر؟
ولا يزال الوضع على أرض الواقع في العراق غير مستقر، رغم ما تبديه الخارجيّة السويسريّة من تفاؤل.
فقد أجرى العراق في أكتوبر 2021، انتخابات تشريعية، لكن فاق تشكيل الحكومة العام، وسط ما اعتبره عادل بكوان، عالم الاجتماع الفرنسي العراقي، ومدير المركز الفرنسي للأبحاث حول العراق، “توتّرات كبيرة، وحرب شبه أهليّة. فالوضع هش، وغير مستقر. وغالبًا ما يسارع المجتمع الدولي إلى تقديم دول مثل العراق، أو لبنان، أو اليمن، أو سوريا، أو ليبيا في صورة إيجابية ما إن تبدو بوادر مشجّعة“، وغالبا ما يحجب التسرّع في إعلان الاستقرار واقعا أكثر تعقيدا.
كما يشير بكوان إلى هشاشة المشهد السياسي في هذا البلد، واصفًا حكومته الحالية، التي أشار إليها ب”حكومة الفاشلين“ في انتخابات 2021، بأنها هشة جدا.
ويشدّد الخبير على المخاوف الأمنية المستمرة، لا سيما التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية المستقرّ في العراق قائلا: ”لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية يشكل تهديدًا حقيقيًا. إذ يشنّ هجماته بانتظام، وقد تكبّدت القوات الأمريكية هناك بدورها، خسائر في الآونة الأخيرة جرّاءها. فالادعاءات باستقرار العراق، لا أساس لها من الصحّة“.
كما ينتقد بكوان بشدّة تركيز سويسرا على التعاون في مجال الهجرة، ويعتبرها غير واقعية قائلاً: ” في السياق الحالي، لا يمكن التفاوض مع حكومة غير مستقرة. فالعراق على وشك الانهيار، ولا قدرة للحكومة، ولا رغبة لها في معالجة قضايا مثل الهجرة“.
وفي المقابل، صرّحت سفارة العراق في برن، في رسالة إلكترونية إلى سويس إنفو بأنّ “الوضع الأمني في العراق قد تحسن بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، بعد صراع مرير مع الجماعات الإرهابية. وتدخل البلاد الآن مرحلة من التنمية الاقتصادية، بلغ فيها معدل النمو 9.3%، صنّفه البنك الدولي الأعلى عربياً، والثاني عالمياً.”
وأضافت السفارة :”وتوفّر موارد الطاقة الغنية في العراق، واقتصاده المتنوع والمتنامي، فرصاً كبيرة على المدى البعيد للشركات السويسرية في مجالي الصادرات والاستثمارات على حد سواء“.
swissinfo