أرقام اللاعبين في كرة القدم كيف ومتى ؟
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_في الغالب لا يحتاج المتابع الجيد لكرة القدم إلى أن يرى وجه أو جسد اللاعب كي يعرفه، بل يكفيه أن يشاهد الرقم على ظهر القميص، وما بعد ذلك هو أسهل بكثير مما تتخيل عزيزي القارئ.
منذ سنين مضت أصبحت الأرقام على ظهر قمصان اللاعبين أمرًا أساسيًا في كرة القدم وغيرها من الألعاب الجماعية الأخرى، وفي كثير من الأحيان يُنظر إليها على أنها إرث خاص بالنجوم لكثير من الاعتبارات أبرزها الإنجازات والألقاب والكؤوس التي رفعوها فضلاً عن أنها باتت تتعلق بالنواحي التجارية والاقتصادية.
أرقام اللاعبين في كرة القدم
وعلى أرض الملعب تُسهّل الأرقام من مهمّة الحكام في تحديد هوية اللاعبين الذين يرتكبون المخالفات ويحصلون على البطاقات الملونة، لذا سنتعرف في السطور التالية على بداية كتابة الأرقام على ظهور اللاعبين وكيف رأت النور والآلية التي كانت متبعة قديماً وإلى أين وصلت في عصرنا الحالي، وإذا ما كانت هناك قواعد وقوانين تنظم هذه العملية.
بداية ظهور الأرقام على ظهور اللاعبين
يمكن القول بأن الفضل في ظهور الأرقام على قمصان اللاعبين يعود لأحد فرق الهواة في إنجلترا وذلك في عام 1911، ثم عرفت طريقها إلى عالم الاحتراف بعد 17 عامًا من ذلك، ولكن ظهرت رسميًا لأول مرة في ثلاثينيات القرن الماضي.
ففي عام 1928 اقترح هربرت تشابمان مدرب أرسنال الأسطوري وضع رقم على ظهر كل قميص يتم منحه للاعبين وفق مركزهم على أرض الملعب، ومن وجهة نظره هذا سيساعدهم على إدراك وظائفهم داخل الملعب وبالتالي بناء خطة اللعب وفقاً لذلك.
وعليه اعتمد تشابمان ترقيم القمصان تصاعديًا بدايةً من حارس المرمى الذي لعب بالقميص رقم 1، ثم الانتقال داخل الملعب من اليمين إلى اليسار وصولاً إلى خط الهجوم.
أما بقية الأرقام فقد تم توزيعها على الشكل التالي:
الظهير الأيمن بالقميص رقم 2
قلب الدفاع بالرقم 3
الظهير الأيسر بالرقم 4
الجناح الأيمن بالرقم 5
ثلاثي الوسط بالأرقام 6 و7 و8
الجناح الأيسر بالرقم 9
المهاجمين بالرقمين 10 و11
حينها قرّر تشابمان اعتماد النمط التكتيكي 3-5-2 أي 3 مدافعين وخمسة لاعبين في خط الوسط ومهاجمين اثنين، وحدث ذلك ضد شيفيلد وينزداي.
الصادم أن هذه فكرة ترقيم القمصان لم تُقنع مسؤولي كرة القدم الإنجليزية في ذلك الوقت، لكن هناك أندية قررت تطبيقها في بعض المباريات.
وحسب موقع Infobae الإسباني، فإن أول مرة اُستخدمت فيها الأرقام رسميًا كان في المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي عام 1933 والتي جمعت بين فريقي إيفرتون ومانشستر سيتي.
بعدها بخمس سنوات، وبالتحديد عام 1938، اقتنع الجميع بالأمر فأصبحت لزِامًا على الفرق. وفي يوليو/ تموز 1939 تم إصدار قانون يُلزم اللاعبين بارتداء قمصان مُرقّمة وفق نظام محدد يقوم على اعتماد الأرقام من 1 إلى 11، وهو عدد اللاعبين داخل الملعب.
أما الاحتياطيون فيرتدون الأرقام من 12 إلى 22، وهو أمرٌ عُرف لاحقًا باسم “الترقيم التقليدي”.
وعليه حمل حارس المرمى القميص برقم 1، وهو أمرٌ ما زال شائعًا بدرجة كبيرة حتى الآن، أما الظهير الأيمن فيلعب بالقميص رقم 2، ثم الظهير الأيسر برقم 3 وقلبي الدفاع برقمين 4 و5.
لاعب خط الوسط المتأخر “الدفاعي” يظهر بالقميص رقم 6، أما الجناحان الأيمن والأيسر فيرتديان الأرقام 7 و11، فيما يحمل لاعب خط الوسط المتقدم الرقم 8.
ومُنح المهاجم الصريح أو رأس الحربة الرقم 9، أما الرقم 10 فيُشير في العادة إلى أهم لاعب في المنظومة باعتباره صانعًا للعب والمتحكم في رتم الفريق.
الفكرة ترى النور دوليًا
على صعيد المنتخبات الوطنية، ارتدى اللاعبون قمصانًا مرقّمة للمرة الأولى في نهائيات كأس العالم التي أُقيمت في البرازيل عام 1950.
حمل اللاعبون أرقامًا من 1 إلى 11، لكن اللافت أن هذه الأرقام كانت تتغير من مباراة إلى أخرى، بمعنى أن لاعبًا ما شارك في مباراة برقم 3 يمكنه أن يلعب المباراة الثانية برقم 6 وهكذا. ظلّ الأمر على هذا الحال حتى مونديال ألمانيا 1974، وفيه أصبحت الأرقام غير قابلة للتغيير.
وشهد مونديال 1982 حادثة غريبة بعدما قرّر مسؤولو منتخب الأرجنتين توزيع الأرقام على اللاعبين حسب الحروف الأبجدية، وعليه ارتدى أوزفالدو أرديليس الرقم واحد رغم أنه لاعب خط وسط.
الأرقام في كرة القدم الحديثة
تغيّرت الأمور كثيرًا في كرة القدم الحديثة، فأصبح اللاعبون يتمتعون بحرية أكبر في اختيار الأرقام، وغالبًا ما يحدث ذلك لأسباب تتعلق بالعلامات التجارية أو إيمانًا منهم بقصص معينة مرتبطة برقم ما تتعلق بالحظ أو ارتداء قميص برقم آخر في حال كان الرقم المفضّل بحوزة أحد اللاعبين. تمامًا كما حدث عند وصول الأرجنتيني ليونيل ميسي إلى باريس سان جيرمان في صيف عام 2021، حيث قرر ارتداء الرقم 30 وترك الرقم 10 على ظهر زميله السابق نيمار.
في المقابل، ارتدى النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو رقمه المفضّل 7 عند عودته إلى مانشستر يونايتد في نفس الصيف، علمًا بأن الرقم المذكور كان بحوزة الأوروجواياني إدينسون كافاني واستبدله برقم 21.
أما تجاريًّا فبإمكاننا ببساطة الإشارة إلى “الدون” على سبيل المثال لا الحصر، الذي استخدم رقمه من أجل إطلاق علامته التجارية الشهيرة المسجّلة من أحرف اسمه ورقمه والمنتشرة عالميًّا ب”CR7″.
وعلى الرغم من ذلك ظلت بعض الأرقام ثابتة لا تتغير مثل الرقم واحد مع حارس المرمى، وكذلك الرقم 9 مع رأس الحربة، وهما رقمان يمكن القول بأنهما مرتبطان ذهنيًّا ونفسيًّا بهذين المركزين على وجه الخصوص.
مواصفات الرقم
يجب أن يكون رقم اللاعب موجودًا على الجزء الخلفي من القميص بشكل واضح تمامًا، ولا يتضمن علامة الشركة المصنّعة، كما يتراوح ارتفاعه ما بين 20 إلى 35 سنتيمترًا، أما عرضه فيكون بين 2 إلى 5 سنتيمترات.
الأرقام في المنتخبات الوطنية
التزامًا بقواعد المنافسة الخاصة بالاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” فإنه يتعين على مسؤولي المنتخبات الوطنية اعتماد الأرقام من 1 حتى 23 أو حسب عدد قائمة الفريق، وذلك في البطولات المجمّعة مثل كأس العالم وكأس أوروبا وكأس آسيا وغيرها، وهو ما يمنح اللاعب مساحة أقل للاختيار الشخصي، لذا فإن الترقيم التقليدي هو السائد.
وقبل انطلاق مونديال قطر 2022 أعلن “فيفا ” أن قائمة المنتخبات المشاركة يجب أن تشمل 26 لاعبًا، بما فيها ثلاثة حراس للمرمى، مع إلزامهم بارتداء الأرقام بما يتوافق مع القائمة المختارة أي من 1 إلى 26.
هل يمكن تغيير أرقام قمصان اللاعبين بمجرد تحديدها؟
بالنسبة للمشجع لا يوجد أسوأ من أن يرتدي قميص نجمه المفضل ثم يُفاجأ بعد ذلك بأنه غيّر رقمه، لذا ومع ارتفاع أسعار القمصان عالميًّا واعتبارها واحدة من أهم الموارد المالية للأندية (يتراوح سعر قميص النجوم في الغالب ما بين 150 إلى 200 دولار أمريكي) بات لزاماً عليها تحديد أرقام لاعبيها بشكل رسمي قبل انطلاق الموسم الكروي وتقديمها للاتحاد المحلي من أجل اعتمادها وتوثيقها.
الأمر ذاته ينطبق على البطولات المجمّعة مثل كأس العالم وكأس أوروبا (اليورو) وكأس أمم أفريقيا وكأس آسيا، حينها يتعين على الاتحاد الوطني تقديم قائمة لاعبيه بأرقامهم الرسمية إلى الاتحاد القاري أو إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم.
لكن في الواقع هناك استثناء وحيد لهذه القاعدة، وهو أن اللاعب بإمكانه تغيير رقمه عندما يلعب بقميص منتخبه الوطني في المباريات الودية أو المباريات الرسمية المتعلقة بالتصفيات المؤهلة إلى بطولة قارية أو إلى المونديال، تمامًا كما فعل باولو ديبالا حين لعب مباراة الأرجنتين ضد تشيلي في سبتمبر/ أيلول 2024 في تصفيات أمريكا اللاتينية المؤهلة لمونديال 2026، بالقميص رقم 10 مستفيدًا من غياب مواطنه ميسي عن “التانغو” بداعي الإصابة.
كما بإمكان أي لاعب أن يفعل ذلك عند المشاركة مع ناديه في البطولات القارية مثل دوري أبطال أوروبا الذي يُشرف عليه هيئة أخرى متمثلة في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا”، هنا ليس معناه أن يلعب كل مباراة برقم جديد لكن يمكنه اعتماد رقم آخر غير ذلك الذي يرتديه في البطولات المحلية.
هل هناك معايير محددة لاختيار الأرقام؟
في واقع الأمر تتمتع الاتحادات الوطنية بكامل الحرية في اختيار المعايير المتعلقة بتعيين الأرقام، فالاتحاد الإيطالي لكرة القدم يسمح للاعبين بارتداء أي رقم من 1 إلى 99، وهو ما نراه أيضًا في الملاعب الإنجليزية على ظهر لاعبين مثل فيل فودين الذي يلعب بالقميص 47 مع مانشستر سيتي، وديكلان رايس الذي يلعب لأرسنال بالقميص 41 للموسم الثاني على التوالي، وكذلك ظهير ليفربول ترينت ألكسندر أرنولد بالرقم 66.
وفي إسبانيا تبدو الأمور أكثر تنظيمًا، فاتحاد اللعبة هناك يجبر الأندية على تقديم قائمة لاعبيها بأرقام من 1 إلى 25 بما فيها ثلاثة حراس للمرمى، مع منح اللاعبين الشباب الذين من الممكن الاعتماد عليهم مع الفريق الأول أرقامًا ما بين 26 إلى 50.
وبعيدًا عن أوروبا، يمكن وصف ما يحدث في المكسيك بأنه “مبالغ فيه” على اعتبار أن اتحاد اللعبة يتيح للاعبين ارتداء أي رقم مهما كان حتى لو تجاوز الرقم 99، كما يُسمح لهم بإضافة صفر أمام الأرقام المكونة من عدد واحد مثل (03) أو (05) وهكذا.
أندية ومنتخبات حجبت أرقام نجومها
تحمل بعض الأرقام قيمة معنوية ورمزية كبيرة للأندية وللمنتخبات الوطنية على حد سواء، خاصة عندما تتعلق بنجم أو لاعب حقق الكثير من الإنجازات رياضية، مثل أسطورة كرة القدم الأرجنتينية دييغو أرماندو مارادونا الذي قاد بلاده للتتويج بكأس العالم 1986.
ففي عام 2001 قرر الاتحاد الأرجنتيني حجب الرقم 10 إلى الأبد تكريمًا لمارادونا لكن قوانين “الفيفا” منعته من الاستمرار في ذلك، وبسببه قرر نابولي حظر الرقم 10 بعدما صنع دييغو ربيع فريق الجنوب الإيطالي في ثمانينيات القرن الماضي وحيث قادهم للتتويج بلقب الدوري للمرة الأولى في تاريخهم.
والأمثلة كثيرة في هذا المجال نذكر منها قرار ميلان بحجب الرقم 3 الخاص بأسطورته باولو مالديني، وكذلك بريشيا الذي منع ارتداء الرقم 10 وفاءً لباجيو.
وعند رحيل كريستيانو عن ريال مدريد في صيف عام 2018 منع “الميرنغي” اللاعبين من ارتداء الرقم 7 لعدة سنوات، ثم منحه إلى البرازيلي فينيسيوس جونيور مع بداية موسم 2023-2024.
أرقام غريبة
ولم يخلُ تاريخ كرة القدم من وجود بعض الأرقام الغريبة كما أشرنا أعلاه إلى لاعب الوسط الأرجنتيني أوزفالدو أرديليس الذي ظهر بالقميص رقم 1 في مونديال 1982، وهو أمر كرره المصري مدحت عبد الهادي مدافع الزمالك الأسبق في عام 2001.
وظهر حارس المرمى المكسيكي خورخي كامبوس بالرقم 9، ونظيره الإيطالي جيانولويجي بوفون بالرقم 77 ومواطنه جيانلويجي دوناروما بالرقم 99 مع باريس سان جيرمان.
فيما ارتدى الفرنسي ويليام غالاس الرقم 10 وهو قلب دفاع مع أرسنال، أما الظاهرة رونالدو نازاريو فحمل القميص رقم 99 مع ميلان وذلك في عام 2007.
أما أغرب هذه الأرقام فحملها المغربي الراحل هشام زروالي حين وضع على ظهره الرقم صفر (0) لأنه كان يُلقب “بالزيرو”، علمًا بأن ذلك حدث لمدة موسم واحد مع أبردين الاسكتلندي قبل أن يمنعه اتحاد اللعبة هناك من استكمال مسيرته بذلك الرقم.
عربي بوست