6 تبعات لقيام إسرائيل بقتل الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله
روبرت ساتلوف
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_في أعقاب مقتل زعيم إرهابي مدعوم من إيران، أُتيحت الفرصة للرئيس بايدن لجعل الشرق الأوسط أفضل حالاً اليوم مقارنةً بما كان عليه في 8 تشرين الأول/أكتوبر، وهو إنجاز ليس بالهين.
إن اغتيال الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله ليس فقط أهم عملية قتل مستهدفة في تاريخ إسرائيل، ولكنه أيضاً يمثل الفصل الأول فيما قد يكون مستقبلاً جديداً وأكثر أملاً للبنان، الجار الشمالي لإسرائيل الذي عانى طويلاً.
فيما يلي ست تبعات لمقتل نصرالله:
أولاً، بعد القضاء على القيادة السياسية والعسكرية لـ “حزب الله” بالكامل تقريباً، بدءاً من عملية التفجير المذهلة عن بُعد لأجهزة النداء واللاسلكي وصولاً إلى اغتيال نصرالله، من غير المرجح أن تعلّق إسرائيل عملياتها العسكرية في لبنان. وعلى العكس من ذلك، من المحتمل أن تستغل إسرائيل حالة الفوضى التي يعيشها “حزب الله” للقيام بكل ما في وسعها لتدمير القدرات الهجومية للحزب، بما في ذلك ترسانته الكاملة من الصواريخ الموجهة بدقة وما تبقى من بنيته التحتية للهجمات عبر الحدود في جنوب لبنان. ونأمل أن تحقق إسرائيل أهدافها بسرعة وتتجنب الجاذبية القاتلة المتمثلة في إعادة احتلال الأراضي اللبنانية على المدى الطويل.
ثانياً، من المرجح أن يجادل بعض القادة من المستوى الثالث الذين سيتولون قيادة “حزب الله” أن نصرالله ورفاقه كانوا عرضة للخطر لأنهم كانوا يفتقرون إلى أحد الأصول التي كانت لدى “حماس” في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر – أي الرهائن. وقد يؤدي ذلك إلى مخططات متهورة لاختطاف أجانب داخل لبنان؛ ومحاولات لشن غارات عبر الحدود إلى إسرائيل من خلال الأنفاق تحت الأرض؛ وربما حتى تفعيل الخلايا الإرهابية لـ “حزب الله” في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في الولايات المتحدة.
ثالثاً، أظهرت إيران، راعية “حزب الله” وممولته ومورده – حتى الآن أنها تريد البقاء خارج هذه المعركة، ولكن تقاعسها قد يصبح محرجاً بشكل حاد ويصعب تحمله. وكَوْن نصر الله عربياً، لم يكن مهماً لطهران بقدر أهمية قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني، الذي أدى مقتله في غارة أمريكية بطائرة مسيرة عام 2020 إلى هجوم انتقامي ضد القوات الأمريكية في شمال العراق. ولكنه كان أقرب إلى المرشد الأعلى علي خامنئي من أي شخصية غير إيرانية، وسوف يُنظر إلى موته على أنه ضربة شخصية.
وفي هذا السياق، لن يكون من المفاجئ أن تطلق إيران العنان لوكلائها – من الحوثيين في اليمن إلى الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا – ضد أهداف أمريكية وحليفة وإسرائيلية. ولا يمكن استبعاد حدوث عمليات إرهابية بدعم من إيران ضد أهداف سهلة في الغرب. ونظراً لأن إيران اعتمدت على “حزب الله” كرادع ضد هجوم مباشر من الولايات المتحدة أو إسرائيل، فإن ضعف الحزب يعني أن إيران أقل احتمالاً لأن تشن هجوم انتقامي مباشر ضد إسرائيل، على غرار وابل الصواريخ والطائرات المسيّرة في 13 نيسان/أبريل. إن أحد الأمور غير المعروفة بشكل رئيسي هو ما إذا كان الشعور بالضعف لدى إيران سيدفعها إلى إعادة النظر في استراتيجيتها النووية، حيث أصبح قادتها الآن أكثر تصميماً على اكتساب القدرة على امتلاك الأسلحة (النووية) من أي وقت مضى للتعويض عن خسارة “حزب الله” لأمينها العام.
رابعاً، لبنان في حالة صدمة بسبب التغير المفاجئ في مكانة “حزب الله”. فقبل أيام قليلة فقط، كان “حزب الله” القوة المسيطرة بلا منازع في البلاد، وراء مجرد واجهة لحكومة وهمية. والآن، هناك لحظة من الفرصة للعناصر المتفرقة والمتنازعة غالباً في التحالف المناهض لـ “حزب الله” لتنظيم صفوفها قبل أن يجد ما تبقى من “حزب الله” موطئ قدم له ويحاول إعادة فرض سيطرته.
إن أحد المتغيرات الرئيسية هو ما إذا كان الجيش اللبناني يعتقد الآن أنه قوي بما فيه الكفاية لفرض سلطته باسم الدولة، وما إذا كان يمتلك التماسك والقيادة لاتخاذ هذه الخطوة المصيرية. والسؤال الآخر هو ما إذا كانت الجهات الفاعلة الخارجية – من واشنطن إلى باريس إلى الرياض – ستنسق بشكل فعال لتمكين الحلفاء المحليين من ملء الفراغ الذي خلفته حالة الفوضى التي يعيشها “حزب الله”. وقد تكون إسرائيل قد مهدت الطريق، لكنها لا تستطيع تقديم وجبة البنية السياسية الجديدة للبنان. فاللبنانيون فقط – بمساعدة أصدقائهم الأجانب – يمكنهم القيام بذلك. ولكن هذه الإمكانية أصبحت أكثر واقعية اليوم مما كانت عليه في أي وقت في الذاكرة الحديثة.
خامساً، مع اقتراب الذكرى السنوية لهجوم “حماس” في 7 تشرين الأول/أكتوبر، سيكون للنجاح الإسرائيلي الكبير في لبنان تأثيره الخاص على غزة. وأبرز التداعيات هي احتمال زيادة تشدد زعيم “حماس” يحيى السنوار، في رفضه التخلي عن الرهائن كجزء من أي اتفاق لوقف إطلاق النار، حيث قد يستنتج أن الاحتفاظ بهذا “الأصل” هو ما أبقاه على قيد الحياة بعد ما يقرب من عام من الحرب.
ومن المرجح أن تكون النتيجة المحتملة تجميد الوضع الراهن غير المرضي في غزة، حيث تكون العمليات القتالية الرئيسية لإسرائيل قد اكتملت فعلياً، ولكن الوضع يبقى في حالة جمود. وفي هذا الطريق المسدود، لا تستطيع “حماس” أن تشكل تهديداً عسكرياً جدياً ضد إسرائيل، لكن بقايا قواتها القتالية لا تزال كافية لإرهاب السكان المحليين ومنع أي جهة أخرى من حكم قطاع غزة. وفي هذا الوضع، سيكون الخاسرون الحقيقيون هم الفلسطينيون المحليون، الذين من المرجح أن يظلوا عالقين بين العصابات المتجولة في الشوارع من كتائب “حماس” المتضائلة ولكن ما زالت قوية، وعمليات مكافحة الإرهاب الإسرائيلية المستهدفة في غزة.
سادساً، يجب أن يكون مقتل نصرالله لحظة يحتفل فيها الأمريكيون بتحقيق العدالة، نظراً لدماء مئات الأمريكيين التي أراقها “حزب الله”. ولكن هذه أيضاً لحظة يجب أن تركز فيها إدارة بايدن على التحول من سعيها العبثي لوقف إطلاق النار في غزة إلى الاستفادة من الفرص التي قدمتها الصدمة الزلزالية التي أحدثتها إسرائيل لـ “حزب الله”.
وباستخدام دبلوماسية حازمة ومنخرطة، يمكن لإدارة بايدن أن تساعد في هندسة نظام أمني جديد يسمح للمدنيين بالعودة إلى منازلهم على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان، والعمل مع الشركاء المحليين والدوليين للمساعدة في بناء بنية سياسية جديدة للبنان.
وهذا ليس اتفاق السلام والتطبيع بين السعودية وإسرائيل الذي كانت إدارة بايدن تأمل أن تتركه كإرث – على الرغم من أنه قد يكون هناك فرصة أخيرة لتحقيق ذلك خلال فترة الانتقال الرئاسية في الولايات المتحدة – ولا حتى وقف إطلاق النار في غزة الذي عمل البيت الأبيض من أجله لشهور. ولكن، بعد عام من المآسي والحزن، سيمثل ذلك تقدماً حقيقياً. وفي الوقت نفسه، من الضروري أن تُحذر واشنطن طهران من الثمن الباهظ الذي ستدفعه إذا قررت المضي قدماً نحو القدرة على امتلاك أسلحة نووية.
ومن خلال البناء على مقتل نصرالله على يد إسرائيل، يمتلك الرئيس بايدن الفرصة لجعل الشرق الأوسط أفضل حالاً اليوم مما كان عليه في 8 تشرين الأول/أكتوبر، وهو إنجاز ليس بالهين.
معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى