“الشرق الأوسط: رقصة السياسة على حدود الرمال”

دكتور هشام عوكل استاذ ادارة الازمات والعلاقات الدولية

في زاوية المسرح السياسي للشرق الأوسط، حيث تجتمع التراجيديا بالسخرية في مشهد يبدو أقرب إلى فيلم هزلي منه إلى واقع معيش، ظهر نتنياهو على المنصة الأممية خالقاً خريطته الجديدة، كالساحر الذي يخرج أرنبًا من قبعته. انها خريطة “النظام الجديد”، والتي أثارت خلفها حزمة من التساؤلات والتحليلات.
ففي عرض لا تُدرك حدوده تماماً، نسيا السيد نتنياهو تواصل إسرائيل رفضها لترسيم الحدود، حتى مع عروض السلام الخجولة التي تقدمها بعض الدول العربية. يُخيل لك في بعض الأحيان أن الحدود هي مجرد خطوط في الرمال، تزول تحت أول هبّة ريح أو ربما تحت ثقل اللامبالاة السياسية.

النصوص الدينية تُستخدم كحجة للتوسع العسكري، وهنا يصير المشهد عبثياً، كما لو كانت تلك النصوص تقول “باركوا الصواريخ”. ولا يمكننا إغفال الدور الأمريكي المعتاد، الذي يظهر من خلال القواعد العسكرية المنتشرة في الشرق الأوسط مثل نقاط التفتيش في لعبة لا تنتهي حيث الدعم الاقوى لمشروع الغربي بالشرق الاوسط “اسرائيل وعند الحديث عن “ممر ديفيد” الممتد من الجولان إلى العراق، ذلك الحلم الاشرس الجديد لتوسيع النفوذ.

تظهر تصريحات ترامب، تلك الكلمات التي ممكن التي ترفع من نسبة انتخابات القادمة و التي تلمح إلى توسيع الحدود وكأنها فطيرة يقتسمها الجميع. يبدو الواقع الجيوسياسي وكأنه مزاد للأرض حيث اليمن وسوريا ولبنان وفلسطين تصبح عناصر الشطرنج في لعبة أكبر بكثير مما نحلم.

بعد مرور عام على حرب أكتوبر 2024، والتاريخ يزكرنا في انهيارات الإمبراطوريات عالمية القديمة؟ كانت تلك الأسماء مثل الدولة العثمانية والاتحاد السوفيتي بالقرن العشرين والقرن الحالي قد تساقطت كأوراق الخريف، بينما ظل الحق لأصحاب الأرض بانتظار لحظة اكتمال موسمه. هل الأمل بالتحرير الوطني يضيف النور أم اليأس يزيد الظلمة؟ تلك هي الأسئلة التي تبقى معلقة في المجتمعات المتأرجحة بين المقاومة والاحتلال.

السلام الإبراهيمي بدا كحلم جميل يغنيه السياسيون عند الغسق. لكن طالما أن إسرائيل تواصل السير على حبل القانون المشدود دون توازن، يبقى هذا السلام في مأزق البحث عن مصداقية. فهل يمكن أن تنهار الروابط بين الغرب وأمريكا من جهة وإسرائيل تحت ضغط معركة الحق والعدالة؟

هل اجتياح إسرائيل للبنان قادر على تغيير معادلة الصراع أو كبح فكرة المقاومة؟ أم أن هذا الاجتياح سيولد مجرد فصل جديد من فصول المقاومة؟ بناء “سلام عادل” يبدو أحياناً كالسهم الموجه إلى قلوب الأمم التي تبحث في كل صباح عن معجزة.

وفي النهاية، هل يمكن لاغتيال شخصيات مثل هنية ونصر الله أن يطمس فكرة التحرر أو يلغي الحقوق الوطنية؟ في السرديات التاريخية العظيمة، لطالما كان الأمل والإصرار هو الوقود الحقيقي للتغيير.وهل سيكون الصبر الاستراتيجي سلاح المعركة القادمة؟ تظل الأسئلة أكثر من الأجوبة، تمامًا كما هو الحال في كل فصلٍ جديد من هذه الملحمة غير المكتملة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post “سافر مازال “
Next post موجة صدمة في فلاندرز بسبب القواعد الانتخابية البلدية