الاستخبارات قبل الميدان ـ إسرائيل، إيران وحزب الله: خروقات واغتيالات

جاسم محمد

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_تحولت المواجهة بين إسرائيل وإيران وحلفائها من الرد والرد المضاد إلى حرب استخباراتية وهجينة، شملت سلسلة اغتيالات طالت حزب الله اللبناني وكذلك قادة في الحرس الثوري، فيلق القدس.وقد أثارت هذه التطورات العديد من الشكوك حول مدى تماسك فيلق القدس والاستخبارات الإيرانية، المرتبطة بتماسك البنية الأمنية لحلفاء طهران.

اعترف الأمين العام لحزب الله، سيد حسن نصر الله، قبل اغتياله في سبتمبر 2024، بأن الحزب تعرض لضربة قوية وربما لضربات متعاقبة. والسؤال هنا: هل نجحت إسرائيل في تنفيذ عمليات الاغتيال اعتمادًا على استخبارات “الإشارة”، أي التجسس الفني ووسائل جمع المعلومات والاستطلاع الجوي، أم كان للمصادر البشرية دور؟ يمكن الحصول على إجابات لهذه الأسئلة من خلال مراجعة وربط سلسلة الأحداث. 

ما هو مصير قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني؟

كشفت التقارير المتضاربة حول قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني، أنه قد يكون تحت الإقامة الجبرية. كان قاآني في بيروت وقت مقتل حسن نصر الله، مما أحاط مكان وجوده وصحته بالغموض، وسط تقارير تفيد بأنه يخضع للتحقيق بشأن كيفية تمكن إسرائيل من اختراق وضرب هيكل قيادة حزب الله في قلب “محور المقاومة” الإيراني. وأفادت مصادر دبلوماسية مطلعة ومصادر مقربة من حزب الله والحرس الثوري الإيراني بأن قاآني، أحد كبار الجنرالات في إيران، وفريقه قيد الحبس الاحتياطي، بينما لا يزال المحققون يبحثون عن إجابات.

من هو إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس الإيراني؟

شغل قاآني منصب نائب قائد الفيلق منذ عام 1997 قبل تعيينه قائدًا لفيلق القدس، عندما أصبح سليماني القائد الأعلى للقوة. كما أنه خدم مع الحرس الثوري خلال الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات.يمتلك قاآني خبرة واسعة في إدارة العمليات الخارجية، لا سيما في مناطق الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، بما في ذلك أفغانستان وباكستان. مهمته الرئيسية هي إدارة حلفاء طهران شبه العسكريين في المنطقة، بالإضافة إلى توجيه العمليات الاستخباراتية والعمليات العسكرية خارج حدود إيران.

فيلق القدس

يُعتبر فيلق القدس الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني ويتألف من أكثر من 21 ألف شخص، يشمل العديد من الفيالق والشبكات الواسعة من ضباط الاستخبارات والعناصر المكلفة بتنفيذ العمليات. تقوم قوة القدس بجمع المعلومات وتنفيذ العمليات الخارجية في مختلف أنحاء العالم. وتتألف من 12 مديرية، بالإضافة إلى وحدات تُعنى بالشؤون الدولية في بلدان محددة مثل العراق، تركيا، أفغانستان، باكستان، لبنان، سوريا، الشرق الأوسط، روسيا، إفريقيا، وأوروبا. تركز هذه الوحدات على دراسة الأمور الاستخباراتية والسياسية في البلدان المذكورة، وتعمل على إقامة علاقات مع التيارات والفصائل المسلحة في تلك الدول، وبعد استقطاب هذه الفصائل، تقوم قوة القدس بتدريبها ودعمها.

الحرس الثوري الإيراني

يعد الحرس الثوري واحد من أهم الأجهزة الأمنية والعسكرية في إيران، ويمتلك قوات برية  وبحرية وجوية وله سلطة الاشراف على الأسلحة الاستراتيجية في البلاد ، وله سياسية واقتصادية أيضا، فكثير من رجالاته تولوا مناصب سياسية مهمة في البلاد، وأبرزهم الرئيس السابق احمدي نجاد. تأسس الحرس الثوري الإيراني في أعقاب” الثورة الإيرانية “عام 1979.

ما هو الخرق الاستخباراتي؟

الخرق الاستخباراتي هو أعلى درجات العمل الاستخباراتي، ويحدث عندما تنجح وكالة استخبارات في زرع أو تجنيد عميل داخل وكالة استخبارات أخرى. هذا يعني الحصول على معلومات وخطط حساسة. دون شك، يسبب الخرق أضرارًا كبيرة للأمن القومي، ومن نتائجه تعطيل عمل الوكالة لفترة وفقدان الثقة بها. ويتطلب هذا الخرق معالجة دقيقة وصعبة تشمل تحديد نوع الخرق ومكانه، واتخاذ تدابير أمنية جديدة.

ما بعد انفجار أجهزة النداء واللاسلكي لحزب الله

أكد مسؤولان أمنيان إيرانيان يوم 23 سبتمبر 2024 أن الحرس الثوري الإيراني أمر جميع أعضائه بالتوقف عن استخدام أي نوع من أجهزة الاتصالات، بعد انفجار آلاف أجهزة النداء واللاسلكي التي يستخدمها حلفاؤه من حزب الله في لبنان في هجمات سابقة بشهر سبتمبر 2024. وأضاف أحد المسؤولين، الذي رفض الكشف عن هويته نظرًا لحساسية القضية، أن إيران قلقة من احتمال تسلل عملاء إسرائيليين، بما في ذلك الإيرانيين الذين يعملون لصالح إسرائيل. وأكد أن تحقيقًا شاملاً بدأ بالفعل مع الأفراد، مستهدفًا الأعضاء ذوي المستويات المتوسطة والعالية في الحرس الثوري الإيراني. وذكر المسؤول الأمني: “يشمل هذا التدقيق حساباتهم المصرفية في إيران والخارج، بالإضافة إلى تاريخ سفرهم وسفر عائلاتهم.”

اغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله

استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية العديد من كبار قادة حزب الله، ما يعكس التركيز المستمر على تفكيك الهيكل القيادي للحزب. وفي تطور كبير بالصراع الدائر في لبنان، قُتل زعيم حزب الله، السيد حسن نصر الله، في غارة جوية على بيروت في سبتمبر 2024. وتشير التقارير إلى أن جاسوسًا إيرانيًا زوّد السلطات الإسرائيلية بمعلومات مهمة عن مكان وجود نصر الله قبل ساعات قليلة من الهجوم. ووفقًا لمصادر صحفية، أبلغ الجاسوس المسؤولين الإسرائيليين بأن نصر الله كان في مقر حزب الله السري في الضاحية الجنوبية لبيروت لحضور اجتماع مع كبار قادة المنظمة. \

وتشير تقارير أخرى إلى أن إسرائيل كرست موارد متزايدة لجمع المعلومات الاستخبارية عن حزب الله منذ حرب 2006. ويقول ماجنوس رانستورب، الخبير في شؤون حزب الله بجامعة الدفاع السويدية، معلقًا على الضرر الكبير الذي لحق بالحزب: “لقد خسرت إيران أكبر استثمار لها خلال العقود الماضية”. وأضاف: “لقد هز ذلك إيران في صميمها، فإلى جانب اغتيال نصر الله، قُتل أيضًا نيلفوروشان، الذي كان مستشارًا عسكريًا موثوقًا به لدى خامنئي.”

ما حقيقة أن عميلًا إيرانيًا صافح الأمين العام لحزب الله؟

ما ذهبت إليه إسرائيل بخصوص ادعاء أن عميلًا إيرانيًا صافح الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وترك مادة على كف نصر الله، هو محاولة من إسرائيل لتشتيت الانتباه وإبعاد الشبهات عن مصادرها البشرية، التي يُفترض أنها من داخل فيلق القدس. ما ورد في رواية المصافحة من جانب إسرائيل غير وارد في تقارير الاستخبارات، إلا في حالات ترك السموم، وأبرزها مادة “نوفيتشوك”، التي تسبب حالات تسمم شديدة ويصعب تتبع الأشخاص المستهدفين. اشتهرت روسيا باستخدام هذا النوع من العمليات ضد معارضيها والمنشقين عنها.

استخدام حزب الله للاستخبارات ضد إسرائيل

يعد استخدام حزب الله للاستخبارات ضد إسرائيل جزءًا مهمًا من استراتيجيته الشاملة لمواجهة التهديدات الإسرائيلية وتعزيز نفوذه في المنطقة. يعتمد الحزب على سبع طرق رئيسية لجمع المعلومات الاستخبارية، منها: الاستخبارات العملياتية لدعم الهجمات، الاستخبارات المضادة لحماية التنظيم من الاختراق، النشاطات الدبلوماسية والتجارية لإخفاء نشاطاته، اختراق المجموعات المعارضة، التخطيط اللوجستي للهجمات المستقبلية، تجنيد العملاء، واغتيال الخصوم.

التحقيقات الإيرانية بعد اغتيال نصر الله

ركزت التحقيقات الإيرانية في ملابسات اغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، على التحركات الأخيرة للعميد عباس نيلفوروشان، قائد فيلق القدس، الذي قُتل إلى جانب نصر الله. تولى نيلفوروشان الإشراف على العمليات في سوريا ولبنان بعد مقتل سلفه، العميد محمد رضا زاهدي، في غارة إسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق في أبريل 2024.

أفادت مصادر موثوقة بأن نصر الله كان خارج الضاحية الجنوبية لبيروت في الليلة التي سبقت مقتله، لكنه عاد إلى المنطقة للقاء نيلفوروشان وعدد من قادة الحزب في غرفة العمليات المحصنة. وأوضحت المصادر أن نيلفوروشان، الذي وصل إلى بيروت في تلك الليلة من طهران، نُقل مباشرة من المطار إلى غرفة العمليات تحت الحي السكني في حارة حريك، وقد وصل إلى هناك قبل نصر الله. وقع الهجوم الجوي بعد وقت قصير من دخول نصر الله إلى الغرفة. وقالت مصادر مقربة من حزب الله: “كان الاختراق إيرانيًا بنسبة 100٪، ولا شك في هذا الجزء”. وأعلنت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية وفاة نيلفوروشان باعتباره “شهيدًا” استشهد إلى جانب نصر الله.

أفادت مصادر مقربة من حزب الله بأن إسماعيل قاآني كان في لبنان وكان من المتوقع أن يحضر اجتماع مجلس الشورى بدعوة من هاشم صفي الدين في يوم الغارة الجوية. لكن قاآني اعتذر عن الحضور قبل وقت قصير من بدء الاجتماع، مما أثار الشكوك حوله. وقالت المصادر: “دُعي قاآني إلى هذا الاجتماع، وكان من المفترض أن يكون حاضرًا، لكنه لم يحضر.”

سلسلة اغتيالات ضد حزب الله

تشير سلسلة الاغتيالات التي استهدفت حزب الله وقيادات إيرانية إلى تصاعد غير مسبوق في العمليات، ومن أبرزها اغتيال مهندس الطيران الإيراني، أيوب انتصاري، في 31 مايو 2022 بمدينة يزد الإيرانية. شعر انتصاري بالمرض وفقد الوعي بعد عودته من العشاء مع زميل له، وتوفي في المستشفى بعد محاولات فاشلة لإنعاشه. وذكرت تقارير إعلامية إيرانية معارضة أن سبب الوفاة كان عملية اغتيال بالسم، وهناك شكوك بأن الموساد الإسرائيلي قد يكون وراء العملية.

واستمرت “الدراما الجاسوسية” الإسرائيلية، حيث نُفذت سلسلة اغتيالات ضد شخصيات إيرانية. تزايدت المخاوف داخل طهران وحزب الله بشأن احتمال تسلل الموساد بعد مقتل قائد حزب الله، فؤاد شكر، في غارة جوية إسرائيلية على موقع سري في بيروت أثناء اجتماع مع قائد الحرس الثوري الإيراني في يوليو 2024. وجاءت هذه العملية بعد ساعات من اغتيال زعيم حماس، إسماعيل هنية، في طهران. وعلى الرغم من أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن مقتل هنية، إلا أنها أعلنت مسؤوليتها عن مقتل شكر، الذي وصفه نصر الله في جنازته بأنه شخصية محورية في بناء قدرات حزب الله.

اغتيال محسن فخري زاده

في سياق الاغتيالات، تعرض موكب العالم النووي الإيراني البارز، محسن فخري زاده، لإطلاق نار يوم 6 فبراير 2020. قُتل زاده باستخدام مدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بُعد بواسطة الذكاء الاصطناعي. كان هذا الهجوم جزءًا من سلسلة اغتيالات استهدفت العلماء النوويين الإيرانيين.

اغتيال إسماعيل هنية

أثار اغتيال إسماعيل هنية، الزعيم السياسي لحركة حماس، في طهران في يوليو 2024، المزيد من الشكوك حول الاختراقات الكبيرة في أجهزة الأمن الإيرانية. قُتل هنية في انفجار وقع داخل بيت ضيافة تم تأمينه من قبل الحرس الثوري الإيراني، خلال زيارته لحضور تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان. إيران بدأت تحقيقًا لتحديد مدى هذا الاختراق ومصدره، مما يشير إلى وجود خرق كبير في منظومتها الأمنية.

هيكل الاستخبارات الإيرانية

ترأس وزارة الاستخبارات الإيرانية مجلسًا تنسيقيًا يشرف على 16 وكالة استخباراتية مختلفة، تشمل وزارة الاستخبارات، وحدة استخبارات الحرس الثوري، مخابرات الجيش، واستخبارات الشرطة. تم تأسيس وزارة الاستخبارات عام 1984 لدمج الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التي كانت تعمل بشكل مستقل منذ حل جهاز “السافاك”، جهاز الأمن التابع لنظام الشاه بعد الثورة الإيرانية عام 1979.

كيف تم سرقة الأرشيف النووي الإيراني؟

نشرت مجلة “لوبوان” الفرنسية ملخصًا لكتاب يتناول 20 جاسوسة من الموساد الإسرائيلي وما قمن به من عمليات اغتيال، خطف، وسرقة وثائق، بما في ذلك سرقة أرشيف البرنامج النووي الإيراني في عام 2018 دون أن يتم اكتشافهن. وصفت المجلة العمليات بأنها أكثر إثارة من أفضل أفلام التجسس.

هل كان رئيس وحدة مكافحة الموساد في إيران عميلاً إسرائيليًا؟

صرح الرئيس الإيراني الأسبق، محمود أحمدي نجاد، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” التركية في الأول من أكتوبر 2024، أن رئيس وحدة المخابرات الإيرانية المكلفة باستهداف عملاء الموساد تبين أنه عميل إسرائيلي. وذكر أن 20 عميلاً آخرين من الفريق المكلف بمراقبة أنشطة التجسس الإسرائيلي انقلبوا ضد طهران، وزودوا إسرائيل بمعلومات حساسة حول البرنامج النووي الإيراني. وأشار أحمدي نجاد إلى أنه تم الكشف عن رئيس وحدة مكافحة التجسس كعميل مزدوج في عام 2021، لكنه هرب إلى إسرائيل مع بقية عملاء الموساد المزعومين.

لقد أصبحت العمليات السرية الإيرانية تدمج بشكل متزايد تكتيكات التجسس لتعزيز عمقها الاستراتيجي وفعاليتها التشغيلية ضد الخصوم الأجانب.  وعلاوة على ذلك، يمثل هذا التكامل تحولاً كبيراً نحو عمليات أكثر تطوراً تعتمد على الاستخبارات، بالإضافة إلى ذلك، يهدف الاستخدام الاستراتيجي لإيران للعمل السري، جنبًا إلى جنب مع التجسس، إلى توسيع نفوذها الإقليمي ومواجهة الخصوم الغربيين والإقليميين. تستخدم إيران الوكلاء والحرب السيبرانية وجمع المعلومات الاستخباراتية السرية لتحقيق أهداف استراتيجية في عملياتها من خلال : التركيز الاستراتيجي لإيران على تعزيز قدراتها السيبرانية إلى تحول كبير نحو إعطاء الأولوية للتجسس السيبراني على أساليب الاستخبارات التقليدية. ومن المرجح أن يؤدي دمج التجسس السيبراني في العمليات السرية لإيران إلى زيادة التهديد للبنية التحتية للأمن السيبراني الغربي والإقليمي.  وأن يؤدي استخدام إيران لقوات بالوكالة في العمليات السرية إلى توسيع نفوذها الإقليمي.

واجهات افتراضية وهمية للاستخبارات الإيرانية

تسعى الاستخبارات الإيرانية إلى جمع البيانات عن الإيرانيين الذين قد يشكلون تهديدًا داخليًا أو يتعاونون مع وكالات الاستخبارات والأمن الأجنبية، خاصة في إسرائيل. تهدف هذه الجهود إلى دعم جهاز الاستخبارات الإيراني في تحديد الأفراد المهتمين بالتعاون مع الدول المعادية لإيران. يمكن استخدام هذه البيانات للكشف عن عمليات الاستخبارات البشرية (HUMINT) التي تُجرى ضد إيران، وملاحقة أي إيراني يُشتبه في تورطه في هذه الأنشطة.يشمل ذلك المنشقين الإيرانيين، الناشطين، المدافعين عن حقوق الإنسان، والمتحدثين باللغة الفارسية الذين يعيشون داخل إيران وخارجها. تقدر شركة “مانديانت” بثقة عالية أن هذه الحملة نُفذت لصالح النظام الإيراني، بناءً على الأساليب، والتقنيات، والإجراءات المتبعة، بالإضافة إلى المواضيع والأهداف التي تم استهدافها.

النتائج

ـ إن الحرب بين إسرائيل، حزب الله، وإيران لم تعد حربًا تقليدية، ولم تعد بحاجة إلى إعلان رسمي، بسبب الالتزامات القانونية التي تفرضها الحروب المعلنة. هي حرب قائمة بالفعل، وتستخدم كل الوسائل الممكنة لحسم المواجهة لصالحها.

ـ نجحت إسرائيل في تحقيق اختراق استخباراتي نوعي ضد حزب الله عبر فيلق القدس، وذلك بتنفيذ عمليات نوعية مثل زرع وتفجير أجهزة البيجر واللاسلكي في سبتمبر 2024، تبعها اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله. علماً أن مصير هاشم صفي الدين غير معروف حتى الآن، رغم الترجيحات بمقتله في غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية بعد اغتيال نصر الله.

ـ الشكوك تحوم حول إسماعيل قاآني، الذي كان من المفترض أن يحضر اجتماعًا مع هاشم صفي الدين في الضاحية الجنوبية، لكنه لم يحضر، ما يزيد من الشكوك حول دوره. لا يوجد تفسير واضح لغيابه رغم أهمية الاجتماع.

ـ اغتيال إسماعيل هنية في طهران خلال مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد لا يمكن أن يتم دون وجود مصدر بشري قريب من هنية داخل إيران. وجود عميل بمثل هذا القرب من هنية يشير إلى أن إيران تعاني من اختراق استخباراتي معقد.

ـ تمكن الموساد الإسرائيلي من التسلل إلى إيران مستغلًا الوضع الاقتصادي والسياسي المعقد، ما ساعده على استقطاب عدد من الإيرانيين المقربين من دوائر صنع القرار، بما في ذلك علماء الطاقة والمشاركين في البرنامج النووي.

ـ المواجهة بين إسرائيل وإيران، وحزب الله تحولت من ساحة الميدان إلى حرب استخباراتية معقدة.

ـإن وجود خروقات من هذا النوع داخل المؤسسات الإيرانية، ومنها فيلق القدس، يعني أن إيران بحاجة إلى مراجعة وتدقيق شامل لتحديد مكان وزمان ونوع هذه الخروقات. هذا سيتطلب من إيران تعطيل بعض خططها، خاصة تلك المتعلقة بإسرائيل، ما يشكل خسارة كبيرة.

ـ هذه الخروقات سيكون لها تداعيات سلبية على حلفاء إيران وأذرعها في المنطقة، مما يؤدي إلى فقدان فيلق القدس جزءًا من مصداقيته في التعامل مع حلفائه في الشرق الأوسط.

ـ من المرجح أن تصعّد إسرائيل من عملياتها الاستخباراتية، وخاصة الاغتيالات، التي أصبحت جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها في هذه المرحلة.

ـ يبقى حزب الله فاعلاً رغم الضربات بسبب وجود قواته خارج الضاحية، خاصة في البقاع وعند الليطاني.

إن حروب الاستخبارات لا تقل أهمية عن الحروب التقليدية، بل أصبحت موازية لها، ومن المتوقع أن تشهد تصاعدًا أكبر في المستقبل القريب.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post كشف النقاب عن موقع دفن من خلال تحليل الحمض النووي
Next post يجب عدم تسليم مدينة أنتويرب للاشتراكية مرة أخرى