مقابر المستقبل في بلجيكا

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تُشكل “مقابر المستقبل” نقطة تحوّل تتجاوز مجرد مكان للراحة الأبدية لتصبح رمزًا للتطورات البيئية والتقنية. فالتحوّل في شكل المقابر وطبيعتها يتماشى مع تطوّر العقلية العامة ومتطلبات التحول البيئي، متجسّدًا في المقابر الأوروبية، ولا سيما في والونيا وبروكسل. تتجه المقابر المستقبلية نحو نهج أكثر استدامة، حيث بدأت العديد من البلديات تنفيذ إجراءات إعادة الغطاء النباتي وتقليل الاعتماد على المبيدات الكيميائية، وهي خطوة تعكس التزاماً بيئياً صارماً.

حظر المبيدات… الخطوة الأولى نحو تحول شامل

شهد عام 2019 نقطة مفصلية حين فرضت السلطات في بلجيكا حظراً على استخدام المبيدات الحشرية في الأماكن العامة، بما في ذلك المقابر.

القرار، الذي وُضع منذ عام 2014 ومنح البلديات البلجيكية مهلة خمس سنوات للامتثال، لم يغير فقط طريقة إدارة المقابر، بل أسهم في تغيير مفاهيم النظافة الجمالية في تلك الأماكن. عوضًا عن المسارات النظيفة الصافية، باتت القبور اليوم تُحيط بها مساحات خضراء طبيعية بعد عملية إعادة الغطاء النباتي، مما يعزز الشعور بالراحة والدفء في أماكن الراحة الأخيرة.

كزافييه ديفلورين، منسق وحدة إدارة التراث الجنائزي، أشار إلى أن “إعادة الغطاء النباتي هي عملية طويلة الأمد تستغرق قرابة ثلاث سنوات لتظهر نتائجها.” ويوضح أن البلديات التي بدأت بالفعل في تبني نهج إعادة الغطاء النباتي، مثل نامور، آث، وسيراينغ، شهدت تحسنًا ملحوظًا في جمالية المقابر وجاذبيتها، الأمر الذي لاقى استحسان الأهالي وزوار المقابر من مختلف الأجيال.

إعادة تصور المقابر: تعزيز الاستدامة دون المساس بالراحة

تقول البلديات التي تبنت التحول البيئي إن النتائج ليست جمالية فحسب، بل تساهم أيضًا في تعزيز صورة المدن وإبراز إدارة شؤونها العامة بشكل إيجابي. منسق وحدة التراث الجنائزي يرى أن المقبرة لا تُمثل فقط مكاناً للراحة الأبدية بل هي عرض لإدارة البلدية وانعكاس لأدائها، “حيث تُعتبر حالة المقبرة رمزًا لمستوى الرعاية الذي توليه البلدية لشؤونها.”

أما بعض البلديات التي لم تُبادر بعد إلى التحول، فما زالت تعتمد على تقنيات أكثر تقليدية لإزالة المسارات، مثل الآلات الحرارية التي تتطلب تكرار العمل وتستنزف الموارد البشرية. بينما يُثبت التوجه نحو إعادة الغطاء النباتي في المقابر مدى التزام البلديات المستجيبة بتقليل بصمتها البيئية، مشددين على التكيف مع التحولات البيئية العالمية التي تتجه إلى تقليل الاعتماد على المواد الكيميائية وتعزيز الغطاء الأخضر.

مقابر الغد: نحو مساحات تُعيد الحياة للطبيعة

في الوقت الذي تُجدد فيه البلديات الكبيرة والصغيرة التزامها بالحفاظ على البيئة، تتبلور صورة مقابر الغد كمساحات طبيعية أكثر ودية وراحة، تضيف للطبيعة جمالًا يليق بذاكرة الراحلين.

وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post مهرجان الخريف السياحي في هوننافذة التراث والموروث الليبي الأصيل
Next post بلجيكا قد تصبح نقطة ضعف لأوروبا