حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في بلجيكا
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تواجه الساحة السياسية البلجيكية جدلاً حاداً حول إمكانية حظر شامل لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمن تقل أعمارهم عن 16 عامًا، وذلك على خلفية قرار أستراليا الأخير باتخاذ هذا الإجراء. فبينما ترى الأحزاب الفلمنكية أن الحظر قد يحمي الشباب من الآثار السلبية للتكنولوجيا، تعبر والونيا وبروكسل عن مخاوفها من أن هذا الحل قد يؤدي إلى نتائج عكسية، داعيةً إلى تبني سياسات وقائية وتعليمية بدلاً من الحظر.
الإجراء الأسترالي: حماية الشباب أم تقييد حرياتهم؟
أعلن رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، قراره بحظر الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون سن 16 عامًا، مؤكدًا أن الإجراء يأتي استجابة لمخاوف الآباء والأمهات بشأن سلامة أبنائهم في الفضاء الرقمي.
وصرح ألبانيز: “إن الشبكات الاجتماعية تسبب أضرارًا بالغة للشباب، وآن الأوان لاتخاذ تدابير صارمة لحمايتهم”.
وأوضح رأس الحكومة الاسترالية أن مسؤولية التحقق من عمر المستخدمين ستقع على عاتق منصات التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن المستخدمين أنفسهم وأولياء أمورهم لن يواجهوا أي عقوبات.
بدورها، أبدت شركة ميتا، المالكة لمنصتي إنستغرام وفيسبوك، استعدادها لتطبيق القيود العمرية التي ستقرها الحكومة الأسترالية، مؤكدةً أن هذا الحظر سيدخل حيز التنفيذ بعد إقرار البرلمان الأسترالي له، والمقرر في نهاية شهر نوفمبر.
الموقف البلجيكي: تباين الرؤى بين فلاندرز ووالونيا
على الرغم من ترحيب بعض الأحزاب الفلمنكية، مثل Vooruit وCD&V، بالإجراء الأسترالي، إلا أن مناطق أخرى في بلجيكا، بما في ذلك بروكسل ووالونيا، تبدو أقل حماسًا. فقد أكدت فاليري ليسكرينير، وزيرة الشباب في حكومة اتحاد والونيا-بروكسل، أن “الحظر المباشر قد يؤدي إلى تمرد الشباب وتحدي القانون”، مشيرة إلى أن سياسة الوقاية والدعم هي الأكثر فعالية. وأضافت: “يجب أن نركز على تنمية التفكير النقدي لدى المراهقين وتوعيتهم بأهمية الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا”.
وأوضحت الوزيرة أن هناك منظمات شبابية مثل “Action Media Young People” و”For’J” تعمل على دعم هذا التوجه من خلال تعزيز المهارات الإعلامية لدى الشباب، وتوفير برامج توعوية تهدف إلى تمكينهم من التفاعل الإيجابي مع منصات التواصل الاجتماعي.
الأحزاب الفلمنكية: بين الحظر والتثقيف
من جانبه، دعا رئيس حزب Vooruit، كونر روسو، إلى تطبيق سياسة مماثلة لأستراليا في فلاندرز، موضحًا أن “من الضروري حماية الشباب من المعلومات المضللة وخطاب الكراهية المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي”. وأضاف روسو: “الشباب ليس لديهم الخبرة الكافية للتعامل مع المحتوى المؤذي والمضلل”.
بدورها، أعلنت CD&V عن دراسة مقترح رفع الحد الأدنى لسن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى ما فوق 13 عامًا في فلاندرز، حيث صرح المتحدث الرسمي باسم الحزب: “من غير المقبول أن نجد أطفالًا في سن 13 أو 14 عامًا يستخدمون منصات مثل تيك توك أو إنستغرام”.
أما حزب N-VA، فقد أعرب عن تحفظه بشأن هذا الإجراء، حيث أشار المتحدث باسم الحزب فيليب كيركيرت إلى أن “الحظر الشامل غير واقعي وغير مرغوب فيه”، مؤكدًا أن “تقديم الأدوات اللازمة للآباء لمراقبة استخدام أبنائهم للتكنولوجيا يعد حلاً أكثر فعالية”.
التحديات والمستقبل الرقمي للشباب
من المتوقع أن تفرض بلجيكا غرامات تصل إلى 5% من إجمالي مبيعات شركات التكنولوجيا في حال عدم امتثالها للسياسات المقترحة لمكافحة المعلومات المضللة، كما يواجه موقع X (تويتر سابقاً)، التابع لإيلون ماسك، قضايا قانونية في أستراليا بسبب انتهاكه لسياسات الاعتدال في المحتوى العنيف.
إن مستقبل سياسات الحماية الرقمية للشباب في بلجيكا لا يزال غير واضح المعالم في ظل انقسام الطبقة السياسية، إلا أن الحاجة إلى توازن بين حماية الشباب وحرية الوصول إلى التكنولوجيا يبدو أنه سيظل النقطة المحورية في هذا النقاش المعقد.
وكالات