ضمن سجل الفضاء الفكري بحزب السلام والازدهار قراءة في محاضرة بعنوان (المجتمع المدني الواقع والطموح)

الدكتور علي أحمد عسكر -خبير الإدارة المحلية في ليبيا

متابعة وقراءة : كوثر الفرجاني – طرابلس 

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_في الذي الوقت الذي يشهد فيه المجتمع المدني في  ليبيا وبعد أحداث ثورة فبراير 2011، تطورا كميا ونوعيا جيدا نوعا ما، تجسيدا لدولة المؤسسات والقانون الهادفة إلى تعزيز المشاركة الشعبية في إتخاذ القرار في شؤون البلاد، ومواكبة لتطور المجتمع العليبي كغيره من المجتمعات الناهضة والمتطلعة إلى أن يكون المجتمع المدني رديفا للمؤسسات الرسمية في العمل بمختلف المجالات عبر اتساع ميادينه وتشعبها، وإيجاد ذلك الصوت الذي يعكس مطالب بعض شرائح المجتمع وإيصال اسهاماتها إلى مسامع متخذي القرار، وايجاد آراء وأفكار مغايرة لما تقدمه المؤسسات الرسمية.

حول هذه الحيثيات تمحورت محاضرة الدكتور علي أحمد عسكر، خبير  التخطيط الاستراتيجي والإدارة المحلية بالبلديات، والتي قدمت من خلال طرحها لمجمل قضايا المجتمع المدني في ليبيا قبل وبعد ثورة فبراير، وأعطت تشخيصا دقيقا للواقع الراهن لمؤسساته، موضحا في مجمل حديثه على أن  تطور المجتمع المدني في أي بلد يعد من سمات تطور الدول ورقي الشعوب وديمقراطية المجتمعات، وهذا  ما يسعى إليه قيادات ونشطاء  مجتمعنا المدني بأعلى مستوياتها لترسيخه ميدانيا ليغدو جزءا من منظومة التحول الديمقراطي في البلاد وزيادة المشاركة السياسية في اتخاذ القرار .

موضحا من خلال الشرح المستفيض إلى  أن هذه المكاسب الكبيرة التي مُنحت لإنطلاقة المجتمع المدني في المجتمع الليبي ، تواجهها بعض التحديات التي تعيق تطوره كي تلامس الطموحات والتطلعات وتلبي الرغبات المتعطشة للعمل المدني، ومنها عدم وجود تشريعات وقواعد تنظم بشكل فاعل مؤسسات المجتمع المدني في البلاد على نحو فاعل ليتواكب مع الطموحات الوطنية الرامية لإيجاد مجتمع مدني رديف للجهات الحكومية، ومواكب للمتغيرات العالمية التي تنظر للمجتمع المدني في أي دولة على أنه جزء لا يتجزأ من منظومة تقدمها وتأكيد كفالة حقوق الإنسان وحريته في التعبير، وقدم عرضا تفصيليا لكل القوانين ولوائحها التنفيذية التي تنص على تأسيس وتنظيم واشهار الشكل المؤسساتي للجمعيات والمنظمات المدنية.

بعد عرضا تاريخيا مختزلا على أول نشاط مجتمعي مدني في ليبيا ابان الحقبة العثمانية في ليبيا والتي مورس فيها القمع السلطوي أثناء الحكم العثماني. 

وقدم من خلال تشخيصه الدقيق للواقع الفعلي

لتجربة مؤسسات المجتمع المدني في ليبيا موضحا  أنها لا تزال حديثة عهدٍ قياسا بالعديد من التجارب في دول العالم، ولكن ذلك لا يمنع من انطلاقتها بشكل أفضل مما عليه الآن، هذا إذا استفادت من المناخ المتوفر في البلاد بعد التغيير الحاصل فبها، في تعزيز المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار السياسي والرغبة في إيجاد مجتمع مدني فاعل كجزء من التطور السياسي الذي تشهده البلاد .

مؤكدا على أن الجهات المختصة إذا  ما وعت لماهية المجتمع المدني كضرورة في سياق التطور الإجتماعي وعملت على النهوض به وإستبعاد النظر إليه كأي دائرة خدمية لا تحظى بذلك الإهتمام المفترض، كما يتعين اعتباره وجهاً حضارياً أنيقاً للدولة الليبية الواعدة في المحافل الدولية وكعنوان ناطقٍ لتقدم ورقي الدولة وتماسكها وديمقراطيتها.

ومن خلال مصفوفة التحليل الرباعي، قدم نقاط الضعف والقوة، ووضح التحديات والفرص، التي تؤكد على ضرورة الاعتراف بالحقيقة المثلى والتي  تقول بأن المجتمع المدني في ليبيا يكتنفه الكثير من الضبابية وعدم التنظيم وتدني مستوى الوعي بمفاهيم العمل المدني وأسسه، والإقبال عليه وكيفية ممارسته بشكل يسهم في تعزيز مساهمته في رفد المجتمع مما يجعله اسير مساحة تحرك محدودة وظهور ضعيف في الساحة. 

فمن الناحية التشريعية يحتاج العمل المدني إلى إصدار قانون مؤسسات المجتمع المدني، فالقوانين الحالية للجمعيات الأهلية والتي قام الدكتور بعرضها بشكل تسلسلي وفقا لتاريخ صدورها، لا  تلبي متطلبات المرحلة الراهنة ولا القادمة، ولا تواكب  المتغيرات التي تسهم في تطوير مؤسسات المجتمع المدني ،  فالأطر والتشريعات التي يدار بها تعيق تطوره على أرض الواقع، فالإشتراطات المعقدة لإنشاء جمعيات وطول فترة الترخيص لا تساعد على إستتباب الأمر لها ميدانيا، كما أن القيود التي يضعها القانون الحالي والتي تحد من قدرتها على الحركة من الطبيعي أن تثبط من الهمم وتحد من رغبة الفعاليات المجتمعية لإنشاء مؤسسات مجتمع مدني فاعلة، كما أن الإجراءات المثبطة للعمل المدني وممارسته وافتراض ما يمكن تسميته بسوء النية المسبقة في أي خطوة واشتراطات الحصول على موافقات اجرائية وغيرها من العوائق الإدارية تقف بالمرصاد لأي نشاط تنظمه جمعيات المجتمع المدني، فهذه الأطر وتلك الآليات من الطبيعي أن لا تحفز المجتمع المدني على النشوء والتطور .

وهو ما يتطلب التعجيل بإصدار قانون الجمعيات الأهلية لما له من أهمية في تنظيم مؤسسات المجتمع المدني على نحو أفضل ويبلور عملها بشكل صحيح ويطلق لها المجال للإستثمار في ما يسهم في تفعيل مشروعاتها وبرامجها فضلا عن تنظيم إدارة العمل في الجمعيات على نحو صحيح وشفاف يرتقي بهذه التجربة الى ما نتطلع اليه كغيرها من تجارب المشاركة التي تشق طريقها الامام في البلاد .

موضحا ضمن سياق العرض التفصيلي للمحاضرة اننا كنشطاء إذا كنا نقدر وجهة نظر مفوضية المجتمع المدني  التي تعمل على الإشراف على هذه المؤسسات ، والقائلة بعدم تدخلها في تنظيم الجمعيات داخليا قدر الإمكان، وابتعادها عن إدارات الجمعيات وكيفية ممارسة سلطاتها، ومن ثم لا تكترث بالأخطاء التي تعيق تطور هذه الجمعيات مما يجعلها منفرة للعمل المدني الذي هو من اختصاصها لعدم وجود الرقيب والمتابع، كما أن الضعف الإداري وعدم تأهل العاملين والأعضاء بها، يفضى إلى قيادات تفتقر للكفاءة والمقدرة على إدارة الأمور بنحو علمي وسليم، كما أن البعض أمسى ينعت المجتمع المدني بأنه امتداد للعمل الوظيفي وموغل في التبعية وعدم الإستقلالية، فهذا التحدي يمكن معالجته باخضاعها للأنظمة الإدارية والمالية السليمة و تطبيق نظام الحوكمة في اجراءاتها.

في ظل عدم وعي المجتمعات المحلية  بأهمية مؤسسات المجتمع المدني، والذي  لا يزال متدنيا يعكسه ضعف الإقبال على ممارسته، وهو الآخر  يحتاج إلى دفعة إعلامية توعوية إرشادية موجهة لأفراد المجتمع المدني لإيضاح أهميتها وجدواها . 

وتناول المحاضر  بعض المخاوف من التجاذبات السياسية والفئويات وغيرها من التباينات وموجات التطرف الفكري والعقائدي التي تعصف بعالمنا اليوم، التوجس خيفةً من ارتباط بعض الجمعيات بجهات خارجية مشبوهة، فضلا عن جدلية الممارسات الخاطئة التي من الممكن أن يمارسها البعض انطلاقا من المجتمع المدني ، كل تلك النقاط من الممكن ضبطها وتقنينها بشكل مؤطر ومحكم عبر القانون المقترح وما يتضمنه من تشريعات تصفد كل جنوح يخل بأهدافها.

وفي ختام المحاضرة شدد الدكتور علي أحمد عسكر على اهمية أن نعيد النظر بعمق لا يشوبه الحذر المبالغ فيه للنهوض بمؤسسات المجتمع المدني من كل الجوانب، والعمل على تهيئة كل الظروف لها للانطلاق، فالعمل التطوعي قيمة وجهد يبذل بدون مقابل لا يجب أن يواجه تحديات إجرائية عقيمة في دولة واعدة تؤمن بالمشاركة السياسية وتتطلع لمساهمة الجميع من خلال القنوات الرسمية والأهلية، فقد حان الوقت المناسب لإعطاءها دفعة قوية للأمام.

وفي ختام المحاضرة قدم عددا من النتائج والتوصيات التي تقدم في مجملها رؤية تنويرية تنفيذية نتوقع لو انها تؤخذ بعين الاعتبار، وقيمته التنفيذ ستضع القاطرة في مكانها الصحيح، 

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post ما هي التحديات التي تواجه الدعم العسكري الألماني لأوكرانيا؟
Next post العودة مجددا لصفقة القرن!