ماذا تعني عودة ترامب لإيران ومعارضيها؟
فرهاد بايار
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_بالنسبة لكثير من الإيرانيين وقطاع من أصحاب النفوذ في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كانت الانتخابات الرئاسية الستين في الولايات المتحدة الأمريكية، أكثر أهمية من الانتخابات الرئاسية في بلدهم. ولا يتمتع منصب رئيس الجمهورية الإسلامية إلا بتأثير محدود على السياسة الخارجية والأمنية للبلاد، والتي يسيطر عليها المرشد الأعلى علي خامنئي ومستشاروه بشكل صارم. وأشار الرؤساء
الإصلاحيون مثل محمد خاتمي والرئيس الحالي مسعود بيزشكيان، مرارا وتكرارا أن دور الرئيس الأساسي هو تنفيذ أوامر المرشد.
لامبالاة مصطنعة؟
في الوقت الذي قالت فيه الحكومة الإيرانية الحالية، إن الجمهورية الإسلامية لا تهتم بمن سيفوز في الانتخابات الأمريكية، إلا أن لديها توقعات واضحة من الرئيس الأمريكي القادم: فهي تأمل في العودة إلى سياسة أكثر التزاما، تحترم السيادة الوطنية للدول الأخرى.
ومن الصعب تخيل أن دونالد ترامب سيحقق هذا التوقع. وقد أكد خلال حملته الانتخابية، أنه على الرغم من أنه لا يسعى إلى تغيير النظام في إيران، إلا أنه سيفعل كل شيء لمنع الجمهورية الإسلامية من امتلاك قنبلة نووية. يمكن للنظام الإيراني أن يتقبل ويتعايش مع ذلك.
لكن لابد أن تصريحًا واحدًا آخر على الأقل لترامب قد أقلق من هم في السلطة في طهران، وهو إجابته على سؤال حول كيف كان ينبغي على جو بايدن أن يتخذ موقفًا بشأن هجمات إسرائيل على الجمهورية الإسلامية. من وجهة نظر ترامب، كان يتوجب على بايدن أن يوصي إسرائيل “بضرب المنشآت النووية (الإيرانية) أولًا ثم الاهتمام بالباقي”. علما بأن بايدن قد حذر إسرائيل من مهاجمة المنشآت النووية والنفطية الإيرانية.
لطالما شكّلت ما يعرف باسم “اتفاقات أبراهام”، التي أدت إلى تطبيع علاقات إسرائيل مع عدد من الدول العربية مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين، شوكة في حلق الإسلاميين في طهران، الذين يعملون على خطط لتدمير دولة إسرائيل منذ 45 عامًا. وقد توقفت هذه الاتفاقات بسبب الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ورد إسرائيل المدمر عليه. ومع ذلك، ليس هناك شك في أن ترامب سيواصل الضغط على إسرائيل لتطبيع العلاقات مع الدول العربية. وهذا سيضعف موقف إيران في المنطقة.
إنهاء الحروب
ربما كانت تصريحات ترامب فيما يتعلق بسياسته تجاه إيران مقتضبة أو غامضة، لكن ترامب البالغ من العمر 78 عامًا “واضح تمامًا” في بعض القضايا، وفقًا لمستشاريه. ويدّعون أنه سيتصرف بسرعة لإنهاء الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط.
وتستفيد الجمهورية الإسلامية من كلا الحربين: من خلال التقارب الوثيق مع روسيا ونتيجة للصراع العسكري مع إسرائيل. من خلال الهجوم المضاد المباشر على إسرائيل، يمكن للنظام أن يقدم نفسه على أنه “الأخ الأكبر” للفلسطينيين، مسجلاً بذلك نقاطا أمام العالم الإسلامي. كما أن الصراع العسكري مع “الصهاينة” يعزز من السلام الداخلي في إيران؛ إذ يمكن للتهديد بالحرب أن يجهض الاحتجاجات الداخلية على الفساد المتزايد باستمرار والاقتصاد المدمر والقيود السياسية في مهدها.
لا يمكن التنبؤ بترامب
تاريخيًا، اتخذ الرؤساء الأمريكيون الديمقراطيون موقفًا أكثر ليونة تجاه النظام الإسلامي في إيران. فقد أُبرم الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة) في عهد إدارة أوباما، وتمكنت إيران خلال السنوات الأربع الماضية من زيادة مبيعاتها النفطية عشرة أضعاف.
ومع تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة، ارتفعت صادرات النفط الإيراني في البداية إلى أكثر من مليوني برميل يومياً. وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عام 2018، تقلصت صادرات النفط الإيراني إلى أقل من 150 ألف برميل يومياً. وقبلت إدارة بايدن ضمنيًا بالالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة على الجمهورية الإسلامية، والتي يجب أن تنطبق أيضًا على بيع النفط الإيراني. كما عُقدت اجتماعات سرية بين واشنطن وطهران مرارًا وتكرارًا، كان آخرها في عُمان في مايو من هذا العام.
ومع فوز ترامب، فإن أولئك الذين كانوا يأملون في تهدئة التوتر بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية أصبحوا أقل حظا في تحقيق آمالهم. ومن ناحية أخرى، بدأت شخصيات من المعارضة الإيرانية وسياسيون في دول أخرى يفركون أيديهم فرحًا معتقدين أن وجود ترامب في المكتب البيضاوي سيعجل بسقوط النظام الإسلامي.
إلا أن العديد من المراقبين مقتنعون بأن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب قد تتسبب في مفاجآت على الساحة الدولية. ومن الصعب أيضًا توقع كيفية تعامله مع الجمهورية الإسلامية. وقال ريتشارد غرينيل، أحد أقرب حلفاء ترامب، لصحيفة فاينانشيال تايمز مؤخرا: “القدرة على التنبؤ أمر فظيع”. وزاد: “لا يمكن التنبؤ بما سيفعله ترامب، ونحن الأمريكيين نحب ذلك”.
Iran Journal – قنطرة