ما هي أبرز عقبات تعيين مات جايتز وزيراً للعدل بإدارة ترامب القادمة؟
نريمان عبد الفضيل
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_أثار إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن اختياره النائب الجمهوري مات جايتز لمنصب المدعي العام (وزير العدل) في إدارته القادمة جدلاً واسعاً وانتقادات شديدة. ويُعزى ذلك إلى ماضي جايتز المليء بالتهم غير الأخلاقية، بما في ذلك تعاطي المخدرات، ومعاداته العلنية للسامية، فضلاً عن افتقاره للخبرة الكافية لشغل هذا المنصب. هذه العوامل مجتمعة قد تقلل بشكل كبير من فرص حصوله على تصديق مجلس الشيوخ، حتى مع الأغلبية الجمهورية.
عقبات بارزة
ثمة عدد من العقبات والتحديات التي قد تواجه مات جايتز في وصوله إلى المنصب المُرشح له من قِبل الرئيس المنتخب دونالد ترامب، ولعل من أبرز العقبات التي تقف في طريقه ما يلي:
1- تاريخ طويل من معاداة السامية: اعتبرت الجماعات اليهودية أن اختيار ترامب لجايتز لشغل منصب وزير العدل يقدم بذلك شخصية مثيرة للفتنة، وذلك لأن جايتز عُرف في تاريخه الطويل بأنه من المعاديين للسامية، إلى جانب أن لديه الكثير من الخلافات مع اليهود والمنظمات اليهودية، بالإضافة إلى تصريحاته المثيرة للجدل ضد اليهود، وقيامه بالترويج لنظريات المؤامرة المُعادية للسامية، وتصويته ضد قانون التوعية بمعاداة السامية، لذلك هاجمت الجماعات اليهودية اختيار ترامب لجايتز ودعوته إلى إعادة النظر في تعيينه، لأنهم يرون أن الولايات المتحدة تحتاج إلى شخص يقود وزارة العدل، ويستطيع التصدي لمعاداة السامية وليس الترويج لها.
2- إنكار جايتز لأحداث الهولوكوست: انتقدت رابطة مكافحة التشهير اليهودية جايتز في عام 2018، لأنه كان في فترة ولايته الأولى قام بدعوة تشارلز جونسون المعروف بإنكاره للمحرقة ضد اليهود والذي شكك في الرقم المزعوم لضحايا الهولوكوست البالغ 6 ملايين يهودي، وقال: “إن 250 ألفاً فقط منهم ماتوا على يد هتلر، وإن ذلك كان بسبب المرض” لحضور خطاب حالة الاتحاد في الكونجرس الأمريكي. وفي عام 2019، أثار جدلاً واسعاً بتعيينه كاتب خطابات كان قد طُرد من البيت الأبيض بعد مشاركته في مؤتمر معروف باستقطابه للقوميين البيض، إلى جانب أنه من المدافعين عن نظرية الاستبدال العظيم التي تنص على “أن السكان الفرنسيين المسيحيين البيض عموماً، يُجرى استبدالهم بشكل منتظم بغير الأوروبيين، خاصة سكان الشرق الأوسط من خلال الهجرة الجماعية والنمو السكاني”.
3- سوء السلوك الجنسي لجايتز: يواجه جايتز سلسلة من التحقيقات المثيرة للجدل، إذ تحقق لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب في مزاعم تشمل تورطه المحتمل في سوء السلوك الجنسي مع فتاة أقل من 18 عاماً مقابل دفع أموال لها، إلى جانب قيامه بمشاركة الصور ومقاطع الفيديو غير اللائقة، وهذا ما يعتبره الديمقراطيون والجمهوريون شخصاً غير مؤهل لشغل هذا المنصب، وذلك لأن القوانين الفيدرالية الأمريكية تحظُر ممارسة هذه الأفعال المشينة.
4- اتهامات بتعاطي المخدرات الممنوعة: من بين العقبات أيضاً أن جايتز مُتهم بجريمة تعاطي المخدرات غير المشروعة في الولايات المتحدة، وهذا الأمر جعل الديمقراطيين يعتبرون أن اختيار ترامب لجايتز لمنصب وزير العدل الأمريكي خطوة استفزازية لهم، لذلك طلب مُشرعون من الحزبين نشر تقرير لجنة الأخلاقيات في الهيئة للاطلاع على كل المعلومات ذات الصلة، وكان ذلك بالتزامن مع إصدار رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون، قراراً أصر فيه على وجوب ألا تصدر لجنة الأخلاقيات في الهيئة تقريراً بشأن الانتهاكات والتهم التي يتهم فيها مرشح الرئيس المنتخب دونالد ترامب لتولي منصب المدعي العام.
5- تورط في قضايا غير أخلاقية: لا يزال جايتز قيد التحقيق من قِبل لجنة الأخلاقيات بمجلس النواب الأمريكي، حيث أكدت اللجنة الحزبية في بيان لها في يونيو الماضي، أن بعض الادعاءات ضد جايتز تستحق المراجعة، في حين قالت اللجنة إن التحقيق يشمل مزاعم مفادها أن جايتز تلقى هدايا غير لائقة، وأنه منح امتيازات خاصة، وامتيازات لأفراد كانت تربطه بهم علاقة شخصية، إلى جانب أنه سعى إلى عرقلة تحقيقات الحكومة في سلوكه؛ إلا أن رئيس مجلس النواب مايك جونسون، يرى أن اللجنة لا يجب أن تحقق في كل هذه المزاعم، لأن جايتز استقال من المجلس عندما أعلن ترامب أنه اختاره لمنصب المدعي العام.
6- معروف بولائه الشديد لترامب: عُرف جايتز بأنه من أشد المدافعين عن ترامب، حيث إنه سافر إلى نيويورك لدعمه خلال محاكمته في قضية دفع الأموال للممثلة الإباحية، إلى جانب أنه ساعد ترامب في إعداد مناظرته مع نائبة الرئيس كامالا هاريس أثناء حملته الانتخابية، في حين أن ترامب يعتبر جايتز من الأشخاص الذين سيقضون على الفساد النظامي في وزارة العدل الأمريكية، وأنه سيعيد إلى الوزارة مهمتها الحقيقية في مكافحة الجريمة ودعم الديمقراطية، إلى جانب أنه سيحمي الحدود الأمريكية من المهاجرين، وأنه سيعمل على تفكيك المنظمات الإجرامية، بالإضافة إلى أنه سيستعيد ثقة الأمريكيين المحطمة في وزارة العدل الأمريكية.
وجدير بالذكر أن جايتز قام بالنشر على منصة (إكس) قبل ساعات من إعلان ترامب اختياره لمنصب المدعي العام قائلاً: “سأعمل على إلغاء جميع الوكالات الفيدرالية من مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات”، وهذه هي الوكالات التي سيشرف عليها إذا تم تأكيده وزيراً للعدل.
إلا أن هناك توقعاً من المراقبين بأنه عندما يتولى منصب وزير العدل فإنه يقوم بإسقاط العديد من القضايا الجنائية المرفوعة ضد الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وأنه سيحاول تلفيق هذه الاتهامات لخصوم مفترضين لترامب.
7- استياء الجمهوريين في مجلس الشيوخ: أحدث إعلان ترامب تعيين جايتز لمنصب المدعي العام استياء وغضب الجمهوريين في مجلس الشيوخ الذين سيكلفون بتأكيد تعيينه، حيث يرى البعض أن اختياره غير موفق مثل عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية ألاسكا ليزا موركوفسكي، والتي صوتت لصالح إدانة ترامب في محاكمة عزله الثانية خلال ولايته الأولى، والتي أكدت أن أمريكا في حاجة إلى مدعٍ عام جاد وحازم، إلى جانب إعراب عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية مين سوزان كولينز، عن شعورها بالصدمة، مشددة على أن اختيارات ترامب توضح تماماً أهمية المشورة من الجميع، مؤكدة أن الرئيس لديه الحق في ترشيح من يشاء، لكن في جلسة الاستماع سيكون هناك الكثير من الأسئلة التي ستثار حول جايتز قبل الموافقة عليه.
وعلى الرغم من أن جايتز سيحصل على فرصة لتقديم حجته بشأن سبب ملاءمته لقيادة وزارة العدل، إلا أنه يواجه طريقاً صعباً في الوصول إليه، وذلك نظراً لأنه يحتاج إلى 50 صوتاً من مجلس الشيوخ ليصبح المدعي العام للولايات المتحدة، وكل المؤشرات تؤكد أنه لن يحصل عليها نتيجة سيطرة الجمهوريين على 53 مقعداً، وأن معظمهم يرونه غير مؤهل لهذا المنصب.
8- عدم امتلاكه الخبرة السياسية والقانونية الكافية: مع الإعلان عن ترشيح جايتز (لا يبلغ سوى 42 عاماً) بدأ المراقبون في المقارنة بينه وبين سابقه الذي يشغل المنصب ميريك جارلاند، فسنوات الخبرة لجايتز وعمره لا يستوفيان الشروط المفروض توافرها لهذا المنصب، حيث إن هذا المنصب يذهب عادة لسياسيين أكثر خبرة وتمرساً في القانون. فبالنظر إلى وزير العدل الحالي جارلاند، نجد أنه كان قاضياً فيدرالياً كبيراً في محكمة الاستئناف. كما أن بيل بار، وزير العدل في ولاية ترامب الأولى، تمتع بعقود من الخبرة في الإدارات الرئاسية الجمهورية. لذا فإن جايتز ليست لديه الخبرة الكافية التي تؤهله لشغل هذا المنصب.
9- عدم ثقة المواطنين الأمريكيين به: يعود ذلك إلى ولائه الشديد لترامب، وموافقته المستمرة على سياسات وتصريحات ومواقف ترامب، حيث إنه اكتسب سُمعة باعتباره أحد أبرز مؤيدي ترامب، كما أنه عرّف نفسه في وقت سابق بأنه “شعبوي ليبرالي”، في حين أن بعض المراقبين الأمريكيين وصفوه بأنه “يميني متطرف”. لذلك، هناك مخاوف وقلق أمريكي، وخاصة في الأوساط الديمقراطية، من تولي جايتز منصب وزير العدل.
10- قلق الديمقراطيين بشأن تعيينه: أبدى الديمقراطيون قلقهم من استخدام وزارة العدل كأداة سياسية تحت قيادة جايتز، حيث عبّر فريق نائبة الرئيس كامالا هاريس عن أن هذا الترشح يهدف لحماية ترامب وحلفائه، بينما اعتبر آخرون أن ترامب بهذا الاختيار لا يلبي توقعات الناخبين الذين صوتوا له من أجل تحسين الاقتصاد وتأمين الحدود، وليس من أجل تعيين شخصيات مثيرة للجدل في مناصب حساسة.
أوراق الماضي
وختاماً، يمكن القول إن مستقبل جايتز في المنصب المرشح له مرهون بطيّ أوراق الماضي، وذلك لأن تاريخه مزدحم بكثير من التهم المتورط بها، سواء المتعلقة بالقضايا الأخلاقية، وانتهاكاته الجنسية، إلى جانب معاداته للسامية؛ غير أن ولاءه لترامب لا يستطيع أن يحميه من التهم الموجهة إليه، والتي قد تُحيل بينه وبين هذا المنصب، والتي قد تؤدي إلى وأد حلمه قبل أن يبدأ.
انترريجونال للتحليلات السياسية