هويتي بين سوريا وفلسطين
بقلم: عمر فارس
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_نشأت كفلسطيني لاجئ، وُلدت من رحم النكبة التي اقتلعت عائلتي من أرضها في فلسطين عام 1948. كبرت وأنا أسمع قصص الوطن الذي حُرمنا منه، عن البيارات والقرى التي لم أرها، لكنها حفرت في ذاكرتي من خلال كلمات أجدادي وأبي وأمي. ومع ذلك، وجدتني أعيش في سوريا، هذه الأرض التي احتضنتنا بكرمها وشعبها، ومنحتنا ما فقدناه في رحلتنا الطويلة من الشتات.
سوريا لم تكن مجرد محطة عبور لنا، بل كانت وطناً ثانياً. هنا تعلمت في مدارسها، وتربيت على أرضها، وأكلت من خبزها. لم أشعر يوماً أنني غريب، بل كنت جزءاً من نسيج هذا المجتمع. كان الجيران يشاركوننا أعيادنا وأحزاننا، وكنا نعيش كعائلة واحدة، لا فرق بين فلسطيني وسوري. هذه العلاقة ليست مجرد ضيافة مؤقتة، بل هي رابطة أعمق، مبنية على التاريخ المشترك والنضال المشترك ضد الظلم.
تعلمت من سوريا الصمود في وجه المحن، تماماً كما تعلمت من فلسطين معنى التمسك بالحق. وبين هاتين التجربتين، تكونت هويتي التي تجمع بين حب الأرض، سواء كانت تلك الأرض في فلسطين، التي لا تزال مغتصبة، أو في سوريا، التي احتضنتني وكأنها أمي الثانية.
عندما أنظر إلى نفسي اليوم، أجد أن هويتي تتشابك بين جذوري الفلسطينية وروحي السورية. إنني أحمل قضيتين في قلبي، وكل منهما تدعم الأخرى. ففلسطينيتي تعطيني الحافز للتمسك بالحق، وسوريتي تعطيني القوة للعمل من أجله.
لا أرى فرقاً بين هاتين الهويتين؛ هما جزءان متكاملان في تكوين شخصيتي. أنا الفلسطيني السوري الذي يرى في سوريا وفلسطين وحدة لا تنفصم. لذلك أقولها بوضوح: أنا لا أفرق بين سوريتي وفلسطينيتي.
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_