الأمير لوران بين الأموال المجمدة وأسرار القذافي
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_لا يزال الأمير لوران، شقيق ملك بلجيكا، يطارد قضية أموال ضخمة حرمته لسنوات من النوم وفرضت عليه صراعًا مريرًا مع الحكومة البلجيكية. الغريب أن وزير المالية الفيدرالي السابق والمفوض الأوروبي الحالي للعدل، ديدييه ريندرز، يقف في مرمى نيران الأمير، الذي يرى أنه تعمد عدم دعمه في هذه المعركة المستمرة منذ أكثر من عقد. خلفية الصحراء الليبية والصراع على الأموال المجمدة بعد سقوط نظام معمر القذافي تلقي بظلالها على هذه القضية المثيرة للجدل .
العداء الخفي والمواجهة المباشرة
تعود جذور الأزمة إلى أموالٍ تُدين بها الدولة الليبية إلى منظمة الأمير لوران غير الربحية، والتي تقدر بعشرات الملايين من اليوروهات. لكن الأمر تعقد بشكل متزايد بعد سقوط القذافي عام 2011 وتجميد ثروات ليبيا بموجب قرار أممي. حينها تم تجميد نحو 14 مليار يورو، منها 12.8 مليار لدى بنك “يوروكلير” البلجيكي.
في مقابلته للصعوبات، كان الأمير يأمل بدعم الحكومة البلجيكية، لكنه فوجئ بمعاملة خاصة لجهات أخرى. ففي عام 2018، كشفت صحيفة Vif-L’Express أن شركات بلجيكية، مثل FN في Herstal التي باعت أسلحة خلال عهد القذافي، حصلت على تعويضاتها منذ سنوات. والأخطر أن بعض هذه الأسلحة سقطت لاحقًا بيد تنظيم الدولة الإسلامية لتُستخدم في جرائم شرق أوسطية.
وثائق مسربة وشبهات بالفساد
تطورات القضية أخذت منحىً أكثر تعقيدًا بعد تسريب وثائق سرية. أظهرت رسالة وجهتها شركة محاماة إلى كبار المسؤولين، من بينهم ديدييه ريندرز، تؤكد أن أرباح الأموال الليبية المجمدة يمكن تحريرها. هذا الأمر حدث رسميًا في 19 نوفمبر 2011، عندما كان ريندرز وزيرًا للمالية. لكن المفاجأة أن ريندرز أنكر ذلك لاحقًا، مؤكدًا أن القرار تم في 2012. خليفته في المنصب ستيفن فاناكير عارضه، مشيرًا إلى عدم إعطائه تعليمات مماثلة ليوروكلير.
كل هذه التفاصيل فجرت التساؤلات حول حقيقة ما جرى، ودفعت الأمير لوران إلى مخاطبة الحكومة البلجيكية ورئيس الوزراء آنذاك، شارل ميشيل. الأمير ألمح في رسالته إلى تورط أفراد من الحكومة أو مقربين منهم في “عمولات رجعية” مقابل تسهيل الإفراج عن الأموال.
رشوة مزعومة و50 ألف يورو غامضة
في خطوة أكثر إثارة، كشف كتاب “عشيرة ريندرز” للصحفي فيليب إنجلز أن جان كلود فونتينوي، الذراع اليمنى السابق لـ ديدييه ريندرز، حصل على مبلغ 50 ألف يورو نقدًا من البارون ألدو فاستاباني، صديق الأمير لوران، بهدف التوسط في حل القضية. تم الاتفاق حينها على دفع 50 ألف يورو إضافية في حال التوصل إلى حل نهائي. لكن البارون توفي عام 2023، ولا يزال الملف عالقًا، فيما بقي الأمير ينتظر حلا”.
الأمير لوران، الذي وصف النظام البلجيكي بـ”الفاسد” و”المافيا”، عبّر في خطاب شديد اللهجة للقصر الملكي عن إحباطه، قائلاً:
“لا أستطيع النوم ليلاً، إنني مقهور من هذا الوضع. ما يحدث يثير اشمئزازي، ولن أمنح أي ثقة بعد اليوم لهذا النظام الفاسد الذي يدّعي الديمقراطية.”
غموض متواصل وغضب لا يهدأ
على الرغم من الضغوط المكثفة والمحاولات الأخيرة لبعض المقربين من القصر الملكي لإقناع ديدييه ريندرز بحل قضية الأمير قبل مغادرته إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أن كل تلك المساعي باءت بالفشل. وهكذا غادر ريندرز الحكومة تاركًا وراءه ملف ديون الأمير الليبية دون أي تقدم يُذكر.
تظل قضية الأمير لوران مع الدولة الليبية واتهاماته للمنظومة البلجيكية مسلسلاً مثيرًا لم ينته بعد، ولا تزال الأسئلة تحوم حول مصير تلك الأموال ومن يقف وراء تعطيل حل القضية.
وكالات