مقاومة الفلسطينيين الثابتة للخضوع السياسي والدعم لإسرائيل
عمر فارس .ناشط سياسي فلسطيني بولندا
في فترة رئاسة دونالد ترامب الأولى، اتسمت مواقف العديد من حكام الدول العربية، لا سيما الخليجية، بالانبطاح السياسي أمام السياسات الأمريكية. شهدت تلك المرحلة تعزيزًا غير مسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وبعض دول الخليج، حيث تميزت هذه العلاقة بتقديم الدعم المالي واللوجستي لمشاريع سياسية واقتصادية أمريكية في المنطقة، أبرزها التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي في إطار ما عرف باتفاقيات “أبراهام”. تلك الاتفاقيات لم تكن سوى تأكيد على تراجع الدعم العربي التقليدي للقضية الفلسطينية وتحويل الأنظار نحو مصالح اقتصادية وسياسية ضيقة.
أما فيما يتعلق بالإدارة الأمريكية، فقد كانت رئاسة بايدن استمرارًا للنهج التقليدي في دعم إسرائيل، لكنها حملت في طياتها أدوات أكثر تأثيرًا في دعم الاحتلال، لا سيما أثناء الهجمات على غزة. فقد أظهرت إدارة بايدن دعمًا مطلقًا لإسرائيل، سواء من خلال تزويدها بالأسلحة المتطورة، بما في ذلك القنابل التي تزن 2000 باوند، أو من خلال توفير الغطاء السياسي في المحافل الدولية. هذا الدعم لم يقتصر على الجانب العسكري فقط، بل امتد إلى المجالات الاقتصادية والدبلوماسية، مما ساهم في تصعيد العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وزيادة معاناته.
ومع ذلك، فإن الشعب الفلسطيني أثبت مرة أخرى صلابته وصموده في وجه كل المحاولات لكسره أو تقويض إرادته. فالمقاومة الفلسطينية، بجميع أشكالها، لا تزال تشكل حجر الزاوية في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، حيث أظهرت أنها قادرة على التصدي لآلة الحرب الإسرائيلية رغم الفارق الهائل في الإمكانيات. إن هذه الصلابة الفلسطينية تعكس واقعًا لا يمكن للولايات المتحدة أو إسرائيل تغييره، مهما تغيرت الوجوه في البيت الأبيض.
السياسة الأمريكية تجاه فلسطين والشرق الأوسط بشكل عام لا تتغير بتغير الرؤساء، لأنها محكومة بمصالح استراتيجية ثابتة. وهذه الحقيقة تجعل من الضروري على الشعوب العربية والإسلامية، وليس فقط الشعب الفلسطيني، أن تدرك أن الاعتماد على دعم الحكومات العربية لم يعد خيارًا واقعيًا. فالتاريخ أثبت أن الإرادة الشعبية هي القوة الحقيقية القادرة على تغيير المعادلات، مهما كانت التحديات.
ختامًا، الشعب الفلسطيني يمثل نموذجًا ملهمًا للصمود والمقاومة. ورغم الخيبات المتكررة من المواقف الرسمية العربية، فإن إرادة الشعب الفلسطيني تظل عصية على الانكسار، وستبقى القضية الفلسطينية حية في قلوب الأحرار حول العالم.