هنا وطني

أنا ابنة ليبيا .. وسأظل

0 0
Read Time:1 Minute, 55 Second

سوزان بن نصر

أنا ابنة هذه الأرض ، التي احتضنتني قبل أن أحتضنها ، أنا ظلّ نخيلها الممتد ، وجذور زيتونها الضاربة في عمق التاريخ .. والشاهدة على صبرها المتجذر ، وصمودها الذي لا ينكسر .

أنا صوت بحرها حين يزمجر وحين يهمس ، أنا ليبيا التي لا تسكنني فقط ، بل تسري في دمي ، تتغلغل في مسامي ، وتنبض في قلبي .

لا أختزلها في رمز ، ولا في ثورة ، ولا في راية تتبدل ، ولا في نشيد يتغير بين زمن وآخر .

أنا ابنتها كما كانت ، وكما ستكون ، أراها بعين التاريخ كله ، لا بعدسة انتقائية تختار ما يناسب المصلحة .

أنا ابنة هذا الوطن ، بوصلتي الأولى والأخيرة ، وامتداد التاريخ الذي كُتب بالدم لا بالحبر ، وبالمواقف والبطولات لا بالشعارات .

لم أخرج من فراغ رمادي ، ولم أكن يومًا على الحياد حين كان الوطن نداءً لا يقبل الصمت .

لم أصنع لنفسي تاريخاً على المقاس ، ولم أكن ممن يكتبون ما يروق للآخرين سماعه .

أنا ابنة هذه الأرض بكل ما فيها من تناقضات ، من مجد وانكسار ، من شعارات حفظناها عن ظهر قلب ، ومن حكايات تقطر وجعاً لكنها تظل ثابتة في الذاكرة كنقش على حجر .

لا أحد يزايد عليّ ، لا أحد يزايد على هذا الطريق الذي حفظ خطواتي ، على المدن التي شهقت أنفاسي الأولى ، ولا على الحكايات التي تسري في دمي كنشيد قديم .

لا أحد يزايد على هذا العشق ، على هذه الأرض التي لم أكن يوماً سوى ظلّها ، طفلتها التي كبرت في كنفها ، وفتاتها التي لم تعرف غيرها وطناً ، وامرأةً لم تزل تنظر إليها كما ينظر العشاق إلى نجمة بعيدة ، بعين ممتلئة بالرجاء والخوف معاً .

لا أحد يزايد عليّ ، لا أحد يزايد على تاريخ العائلة ، قبل أن يصبح الحديث عن الأصول والمواقف ساحةً للمزايدات ، وقبل أن يُختزل الوطن في أسماء وألوان .

فأرشيف التاريخ ليس ذاكرة تتلاعب بها الأيام ، بل هو مكتوب ومحفوظ ، نقشته المواقف قبل الكلمات ، قبل أن تتحول الحقائق إلى وجهات نظر ، وقبل أن يصبح الوطن قناعًا يرتديه البعض حين تقتضي الحاجة .

لم أتعلم الانحناء ، ولم أتعلم أن أغير موقفي كما تغيّر الريح اتجاهها .

ولم يكن الوطن يوماً بالنسبة إلى غنيمة في نزاع ، بل هو الحق الذي لا يقبل المساومة .

وهو الحقيقة الوحيدة التي لا تتغير ، الأرض التي تمشي تحت أقدامنا ، والدم الذي لا يُستبدل ، والتاريخ الذي لا يُمحى مهما حاولوا تشويهه أو سرقته ، باسم الثورة أو باسم النظام .

أنا ليبيا ، لا أنتمي إليها فحسب ، بل تسكنني كما أسكنها ، وسأظل على عهدها ما حييت.

و …يا ليبيايا_جنة

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code