سويسرا نجحت بالتقليل من تبيض الأموال لكن بحاجة للمزيد
شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_ وفقًا لما أعلنه أحد الخُبراء العاملين في الأمم المتحدة، يَتَعَيَّن على سويسرا – بِرُغم ما أحرزته من تقدم في مجال الحد من التدفقات المالية غير المشروعة – بَذل المزيد من الجُهد لِمَنع دخول ما يُسمى بـ “الأموال القذرة” إلى أسواقها المالية. وهو يقترح فَرضَ عقوبات أشدُّ صَرامة على عمليات تبييض الأموال والتَهَرُّب الضريبي.في خطاب ألقاه أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف يوم 28 فبراير الماضي، قال خوان بابلو بوهوسلافسكى خبير الأمم المُتحدة المُستقل المَعني بالديون الخارجية وحقوق الإنسان، إن سويسرا “أحرَزَت تقدما في مجال كَبح التدفقات المالية غير المشروعة إلى البلاد في السنوات الأخيرة”.وتشمل ممارسات سويسرا الجيّدة، القانون الفدرالي لمتعلق بتجميد واستعادة الأصول غير المشروعة العائدة إلى شخصيات سياسية بارزة، الذي يهدف إلى تسهيل عملية تجميد ومصادرة وإعادة الأموال المنهوبة المُودعة في المصارف السويسرية. وبحسب السلطات المعنية، قامت سويسرا خلال الأعوام الـخمس وعشرين الماضية بإعادة ملياري دولار (1,88 مليار فرنك سويسري من هذه الأموال إلى البلدان المُتضررة المعنية.”مع ذلك، لا بُدَّ من مواصلة تعزيز المُساءَلة والتنظيم والإشراف على السوق المالي السويسري، بغية تفادي الآثار الخطيرة للتدفقات المالية غير المشروعة على حقوق الإنسان، وللحيلولة دون إيداع الأموال المُتأتية من مصادر غير مشروعة في سويسرا في المقام الأول”، على حد تَعبير بوهوسلافسكي.وكان مجلس حقوق الإنسان قد طلب من بوهوسلافسكي دراسة أثَر الديون الخارجية على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وقد اشتمل تقرير بلده الذي نُشر في أعقاب زيارة رسمية إلى سويسرا في شهر أكتوبر 2017، على نحو 30 توصية، بضمنها التشديد في إتباع إجراءات العناية الواجبة، ولا سيما بالنسبة للشخصيات السياسية البارزة والأفراد ذوي الأرصدة المالية الضخمة، وفَرض عقوبات أشَد صرامة على تبييض الأموال والتَهَرُّب الضريبي. وطالب التقرير أيضاً بإجراء تقييم للآثار المُترتبة في مجال حقوق الإنسان بالنسبة للمُقتَرَح السويسري الجديد للإصلاح الضريبي على الشركات [المشروع الضريبي 17]. وبرأي الخبير الأممي، يفاقم هذا المشروع حِدّة التنافس الضريبي على الصعيد الدولي، وبين الكانتونات أيضا.كما شدد بوهوسلافسكى أيضاً على ضرورة أن يكون لدى السلطة الفدرالية لمراقبة الأسواق المالية (التي تُعرف اختصارا باسم “فينما”FINMA) كفايتها من الموظفين والموارد والصلاحيات “وبما يتناسب مع حَجْم السوق المالية السويسرية”، حيث تُدير المصارف والمؤسسات السويسرية اليوم حوالي 6,6 تريليون فرنك سويسري من الأصول، فضلاً عن 25% من الأصول العالمية عبر الحدود.وكما أضاف خبير الأمم المتحدة، ينبغي الإشارة إلى المؤسسات التي لا تمتثل للوائح المصرفية، أو التي تعرضت لعقوبات أو إجراءات تصحيحية في “تقارير عامة”.وفي تقرير بلده المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان، أكد بوهوسلافسكى أن المخاطر التي تواجه السوق المالية السويسرية لا تزال قائمة إلى حَدٍ كبير. وكمثال على ذلك، أشار إلى تورط العديد من المصارف السويسرية في فضيحة الفساد المرتبطة بالمجموعة النفطية البرازيلية العملاقة بتروبراس، وفي فضيحة تبييض الأموال المرتبطة بصندوق الثروة السيادية الماليزية 1MDB. من جانبه، أكد فالنتين تسيلّفيغَر، مُمَثل سويسرا الدائم لدى الأمم المتحدة بجنيف في ردِّه أمام مجلس حقوق الانسان يوم 28 فبراير 2018 على “إلتزام سويسرا الكامل بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والتهرب الضريبي والتدفقات المالية غير المشروعة، وسعيها الثابت لتطبيق المعايير الدولية”.كما أشار تسيلّفيغَر إلى أن استعراض الأقران الذي أجرته فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية لعام 2016 بالإضافة إلى التقرير الصادر عن المنتدى العالمي الخاص بالشفافية وتبادل المعلومات في المجال الضريبي مؤخراً، قد منح سويسرا علامات جيّدة.وخلُص السفير السويسري إلى القول: “نحن نعتقد أن تقرير [بوهوسلافسكى] لا يعكس سوى جزءٍ من الحقيقة، وبأن الانتقادات الواردة لم توضَع في سياقها الأوسَع دائماً”.
Swi