ولاية جديدة لبوتين وتحديات الفترة القادمة
شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_ كثيرة هي التحديات التي تنتظر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال عهدته المقبلة حيث لا يقتصر الأمر على التحديات الداخلية فقط وإنما هناك المسائل الخارجية أيضا وهي كثيرة ومشعبة.في هذا الشأن يركز برنامج فلاديمير بوتين على مساعدة المجتمع الروسي وخلق اقتصاد جديد وتطوير منطقة القطب الشمالي والشرق الأقصى وسيبيريا وجميع مناطق البلاد الشاسعة. ووفقا لتصريحات بوتين خلال حملته الانتخابية فإن روسيا ستواجه الثورة التكنولوجيا والطبية والتعليمية مستقبلا، وإنّ روسيا لديها الفرصة لاستعادة الكفاءات في المجالات التي كانت رائدة فيها دائما. وقال بوتين: “سوف نحصل بالتأكيد على كفاءات جديدة نحتاجها في النمو. ليس هناك أي شك في ذلك. علينا أن نكون الرائدين في المعرفة والفكر والتنمية الاجتماعية والثقافية”.وكثيرا ما أشار الرئيس الروسي إلى أهمية الحفاظ على الهوية والاعتماد على التقاليد من خلال بناء دولة جديدة وإعادة بناء روسيا المستقلة القوية والدفاع عن مصالحها بقوة والحفاظ على استمرارية التاريخ المشترك وقيمة الإنجازات الروسية. وحسب فلاديمير بوتين فإن الروس قادرون على تحقيق أحلامهم وطموحاتهم والتغلب على أصعب الاختبارات رغم كل الظروف وانّهم تمكنوا من الحفاظ على وحدة وسيادة روسيا وعبروا طريق التجديد بنجاح وحققوا قفزات حقيقية في أهم مجالات التنمية ومضوا قدما في مجال الاقتصاد والمجال الاجتماعي وفي ضمان القدرة الدفاعية للبلاد.وفي هذا الشأن يسعى بوتين إلى اتخاذ خطوات لتحقيق استقرار في الاقتصاد الروسي من خلال وضع بعض الأهداف الطموحة للأعوام المقبلة لتحقيق معدلات نمو للاقتصاد الروسي تفوق المعدلات العالمية في موعد أقصاه عامي 2020. فروسيا بحاجة إلى المضي قدما في تغيير بنية الاقتصاد. وهكذا سيكون التخلص من العقوبات الغربية عاملا مهما لتحقيق التعافي الاقتصادي، إلا أنه لن يكون كافيا. وستحاول الحكومة الروسية بذل بقصارى جهودها لتمويل خطة نمو اقتصادي طموحة، فمنذ أكثر من عام تمّ الإعلان عن عقد صفقات اقتصادية روسية مع اليابان بقيمة 2.5 مليار دولار. ويبدو أن بوتين يستغل النزاعات على الأراضي بين روسيا واليابان على جزر كوريل للاستفادة من هذه الصفقة. ولكن هذه مجرد بداية لصفقات ومفاوضات مكثفة سيكون على بوتين القيام بها مستقبلا من أجل تحقيق الاستقرار للاقتصاد الروسي وعلى ما يبدو فالنتائج الاقتصادية لعام 2017 كانت إيجابية حيث استأنف الناتج المحلي الإجمالي نموه وزادت الاستثمارات في رأس المال الأساسي، مما يوضح أن الاقتصاد الروسي خرج من حالة الانكماش، وإذا أرادت روسيا الاستمرار في هذا المجال، فعليها أن تولي اهتماما بالإصلاحات البنيوية، وتخفيف دور الدولة في الاقتصاد، وفي تنظيم النشاط الاقتصادي الخارجي، باعتبارها شروطا ضرورية لضمان النمو الاقتصادي.ويأمل بوتين في تبني برنامج حكومي للإصلاحات البنيوية تشمل خفض الإنفاق على القطاعات غير الإنتاجية، مثل الدفاع، ومؤسسات السلطة والداخلية، وإدارة الدولة، مقابل زيادة الإنفاق على الإنتاج وبالدرجة الأولى على التعليم والرعاية الصحية. كما يدعو التقرير في سياق الخطوات الضرورية لتجاوز الوضع إلى رفع الدولة يدها عن الاقتصاد، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة الاستثمارات، ومعها نمو دخل الميزانية.تولي روسيا اهتماما لأمنها الإقليمي من خلال تكثيف التعاون مع الدول الأعضاء في “منظمة معاهدة الأمن الجماعي” التي تضم إلى جانب روسيا، كلاً من بيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقرغيزيا وطاجيكستان، بالإضافة إلى الدول الأخرى ذات الوجود العسكري الروسي مثل سوريا، وفي هذا المجال جدّد فلاديمير بوتين تأكيده أن موسكو “ستتعامل مع استخدام السلاح النووي ضدّ أي دولة حليفة على أنه هجوم نووي على روسيا ما يعني انّ روسيا ستعمل على تقديم الدعم العسكري لدول مثل العراق وأفغانستان في مكافحة الإرهاب والدفاع عن مصالحها المشروعة، في حال تقدّمت حكوماتها الشرعية بمثل هذه الطلبات إلى موسكو.زادت حدة التوتر بين روسيا والغرب بخصوص المسألة الأوكرانية منذ ضمّ موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية في العام 2014، وبعد أشهر قامت المواجهات المسلحة في إقليم دونباس الأوكراني ودخل الانفصاليون بدعم من القوات الروسية في حرب مع الجيش النظامي الأوكراني. ويبدو أنّ مسألة شبه جزيرة القرم وإقليم دونباس كلّف روسيا أموالا كثيرة خاصة وأنّ المسألة رافقها فرض الغرب لعقوبات اقتصادية على روسيا، وقد تزامنت تلك مع انخفاض أسعار الطاقة ودفعت الاقتصاد الروسي إلى حالة من الركود. وبالتالي ستسعى الحكومة الروسية المقبلة إلى التخلص من تبعات المسألة الأوكرانية.رغم الحديث عن امتلاك روسيا لأسلحة نوعية جديدة فالتوقعات تشير إلى أنّ موسكو لا تنوي غزو أحد، ولكن السلاح الروسي الجديد غيّر الواقع تماماً، إذ أنه يبطل مفعول الدرع الصاروخية الغربية وسيكون هناك حديث مؤجّل عن منظومة أمن أوربية جديدة، مع أخذ المصالح المتبادلة بعين الاعتبار.المختصون في الشأن الروسي يقلّلون من حدوث صدام مباشر بين روسيا والولايات المتحدة، خلال ولاية بوتين الرابعة، في ظلّ إدراك الطرفين لخطورة ترسانتهما النووية، لكن هذا لن يحول دون حدوث صدام غير مبار في مناطق أخرى من العالم. فالمواجهة بين موسكو وواشنطن ستستمر من خلال أطراف أخرى مثلما يحدث في سوريا.من غير المحتمل أن يواجه التدخل الروسي في سوريا تحديا من قبل الإدارة الأميركية الحالية، ولكن لا يزال دور روسيا في سوريا غامضا، ما جعل البعض يعتقد أن موسكو تقود الحرب في سوريا من أجل تطويع منطقة الشرق الأوسط التي أثبت الواقع اخفاق الولايات المتحدة في السيطرة عليها كليا.ولكن يبدو أنّ الحرب في سوريا ستضع اوزارها في السنوات القليلة المقبلة في ظلّ التكلفة والأعباء التي تتحملها روسيا من جهة والضغوطات الدولية عليها لإنهاء الحرب في سوريا من جهة أخرى. يعتبر حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوربي من بين أكثر الأطراف التي تؤرق روسيا. فروسيا تعارض هذان التحالفان وفكرة توسيعهما. فيما بين عامي 2004 و2013 ضم الاتحاد الأوربي 13 دولة من وسط وشرق أوربا داخل حدوده، ويوجد في الوقت الحالي خمس دول ضمن المرشحين للانضمام إليه من بينهم تركيا في الفترة نفسها انضم إلى الناتو تسع دولة من المنطقة نفسها.فروسيا ترى أن الدول الأعضاء في الاتحاد السوفياتي السابق تقع داخل منطقة نفوذها، وتلك الدول تمثل منطقة عازلة بينها وبين أوربا، وبالتالي فهي ترفض انضمام تلك الدول إلى الحظيرة الأطلسية أو “الأوربية” لأنّ ذلك سيساهم في مسألة “انكشاف” الغرب على روسيا بحجة حصول تلك الدول على السلامة المادية بموجب المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي.
يورونيوز