أوروبا جيش موحد أو زيادة الإنفاق على حلف الناتو
شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_يأتي موضوع تشكيل جيش أوروبي موحد، ضمن طموحات أوروبا، القومية بتامين أمنها القومي في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد، وفي أعقاب تهديدات إدارة ترامب، برفع الحماية في حالة عدم تصعيد دول أوروبا إلى إنفاقها العسكري.اتهم وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم 28 يونيو 2017، بأعمال تلحق «أذى» بالآخرين على الصعيد العالمي، مؤكدا أن التزام بلاده حيال حلف شمال الأطلسي ثابت لا يتزعزع. وقال أمام طلاب فى ألمانيا أثناء احتفال بالذكرى السبعين لخطة مارشال لإعادة إعمار أوروبا التي مزقتها الحرب العالمية الثانية، إن روسيا اختارت تحدي نظام «الأمن والسلام» في مرحلة ما بعد الحرب.وأكد استمرار دعم الولايات المتحدة حتى عام 2020 لتعزيز حلف الأطلسي بمواجهة روسيا في الشرق. وقال، إن ترامب طلب زيادة كبيرة من أجل «مبادرة الاطمئنان الأوروبية»، من 3,4 مليارات دولار العام الماضي 2016 إلى 4,8 مليارات دولار العام الحالي. وأوضح ماتيس، «بعيدا عن أقوال الصحف، يمكنك أن تحكم على أمريكا من خلال هذه الأعمال».من جهتها، أشادت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين، التي حضرت الاحتفال، بالروابط عبر ضفتي الأطلسي من أجل تحقيق السلام والاستقرار في أوروبا. وأوضحت وزيرة الدفاع الألمانية، «نحن بحاجة كشركاء إلى تقاسم عادل للعبء داخل الأطلسي، وهذا يعنى أنه ينبغي علينا كألمان بذل المزيد من أجل أمننا».وأشار ماتيس إلى البند الخامس في ميثاق الدفاع المشترك في الأطلسي، ووصف التزام الولايات المتحدة بذلك، بأنه «درع مصفح».تسعى دول الاتحاد الأوروبي خلال الفترة الحالية إلى إنعاش الاتحاد وإظهاره أكثر تماسكا، ذلك ، بتعزيز التعاون في مجال سياسات الأمن والاستخبارات والدفاع، لمواجهة تحديات باتت غير تقليدية عبر الجبهة الشرقية إلى جانب تهديدات المقاتلين الأجانب من الداخل وموجات اللاجئين.وفي وقت سابق دعا رئيسا حكومتي المجر وتشيكيا الجمعة إلى إنشاء جيش أوروبي مشترك، وذلك خلال لقاء عقداه الجمعة في وارسو مع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل ونظيريهما البولندي والسلوفاكي.وقال رئيس الحكومة المجرية فيكتور اوربان “علينا أن نعطي الأولوية للأمن والبدء ببناء جيش أوروبي مشترك”. وبدت ميركل موافقة على هذا الطرح إلا أنها اكتفت بالتعليق بشكل عام قائلة “أن الآمن مشكلة أساسية وعلينا أن نقوم معا بالمزيد في مجالي الآمن والدفاع”.من جهته دعا رئيس الحكومة التشيكية بوهوسلاف بوسوتكا في وقت سابق إلى الدفاع بشكل أفضل عن حدود منطقة شنغن معتبرا أن المطلوب ليس تعزيز التعاون ضد الإرهاب فحسب بل أيضا “إجراء نقاش حول إمكانية إنشاء جيش أوروبي مشترك” واتخذت بولندا مضيفة الاجتماع الموقف نفسه.وطالب زعيم الحزب الحاكم في بولندا ياروسلاف كاتشينسكي بإدخال إصلاحات على الاتحاد الأوروبي تمهيدا لإنشاء كونفدرالية دول-أمم مع رئيس يكلف بقيادة قوة عسكرية مشتركة قوية. وكرر رئيس الحكومة البولندية المحافظة بياتا سزيدلو الجمعة القول أن أوروبا بحاجة لإصلاحات لكي يصبح الاتحاد الأوروبي أكثر قوة وأكثر قابلية للتطور، مطالبا في الوقت نفسه بان تجعل هذه الإصلاحات الأوروبيين يشعرون “بأنهم أسياد الاتحاد الأوروبي”.وقالت ميركل في هذا الإطار “ان البريكست ليس حدثا عاديا انه يشكل منعطفا في تاريخ الاتحاد الأوروبي لذلك يتوجب علينا إعداد رد حذر” على هذا التطور. وتتعارض نظرة ألمانيا التي تؤيد قيام أوروبا فدرالية مع دعوات الأعضاء الجدد لكونفدرالية دول أمم.
ما هي حاجة الاتحاد الأوروبي إلى إنشاء جيش خاص به
تطرقت صحيفة “أرغومينتي أي فاكتي” إلى ما يطرحه الخبراء من أن الاتحاد الأوروبي يريد إنشاء جيش خاص به، مشيرة إلى أن دول الاتحاد لا تريد زيادة تمويل قواعد الناتو وعديدة .جاء في مقال الصحيفة: يعتقد الخبراء أن الاتحاد الأوروبي ينوي إنشاء جيش خاص به، لأنه لا يريد تلبية الطلبات بزيادة نسبة تمويل قواعد الناتو وعديد وحداته. كما أفادت صحيفة “تايمز” البريطانية، إلى أن أعضاء الاتحاد قرروا العودة إلى هذا الموضوع بعد قرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد. وقد بادر رئيس الوزراء التشيكي بوغوسلاف سوبوتكا بطرح هذه القضية، التي طرحها قبله سياسيو ألمانيا وإيطاليا.
الناتو في أوروبا
يعتقد خبراء روس أن أحد الأسباب الرئيسة لإنشاء جيش أوروبي، هو مطالبة الناتو بزيادة عديد الوحدات القائمة، التي تتألف في غالبيتها من الأمريكيين، وزيادة تمويلها. وقد برزت فكرة إنشاء جيش خاص بالاتحاد الأوروبي في تسعينيات القرن الماضي بعد تفكك يوغوسلافيا، وعادت إلى الظهور ثانية عام 2015، عندما أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر عن حاجة أوروبا إلى جيش خاص بها، كتلميح إلى روسيا بأن القارة العجوز ستبذل كل ما في وسعها لحماية قيمها، مؤكدا أنه الأوان لكي تصبح أوروبا قوية، ومشيرا في الوقت نفسه إلى أن هذا الجيش لن ينافس الناتو.
بيد أن هذه الفكرة آلمت الأمريكيين، فقد أعربت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامنثا باور عن أسف بلادها لعدم اشتراك مجموعات قتالية أوروبية في المعارك الحربية. وبحسب قولها، فالولايات المتحدة في انتظار إجراءات فعالة من جانب شركائها في أوروبا، للتفاعل مع النزاعات، وزيادة النفقات الحربية والمشاركة في المعارك الخاصة بحماية “المصالح الأمنية المشتركة “. كما ذكرت باور أن الولايات المتحدة تساهم بحصة الأسد في ميزانية الناتو، الذي يبقى “بحسب قولها” الضمانة الرئيسة للاستقرار والأمن. ويذكر أن بريطانيا، التي وقفت ضد إنشاء جيش أوروبي، تؤيد وجهة النظر هذه.و دعاد رئيس وزراء التشيك هذه القضية من جديد. وقال: “لقد أدركت حتى بلدان وسط أوروبا أنه لمواجهة موجات تدفق اللاجئين، فإن من الضروري أن تكون الحدود الداخلية لأوروبا تحت حراسة أفضل. وهذا يعني أننا لن نتمكن من عمل ذلك على المدى البعيد من دون جيش أوروبي”.أما أليكسي موخين، رئيس مركز المعلومات السياسية، فيعزو بروز فكرة إنشاء جيش ذاتي للاتحاد الأوروبي إلى ضغط الولايات المتحدة على الاتحاد بهدف نشر قواعد جديدة للناتو في الأراضي الأوروبية. ويشير موخين إلى أن الرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما طلب قبل ترامب من الاتحاد الأوروبي زيادة تمويل القواعد الموجودة في أوروبا. وردا على هذا بالذات، بدأ الحديث عن إنشاء جيش أوروبي لموازنة قواعد الناتو؛ لأن الأوروبيين يدركون أنه من الأفضل أن تخصص هذه النفقات لجيشهم وليس لجيش غريب، إذ عندما نتحدث عن قواعد الناتو، فإننا نعني القوات الأمريكية، وهذا ما تؤكده قاعدة “رامشتاين” في ألمانيا”.ويضيف أليكسي موخين: عندما أصبح واضحا أن الحضور الأمريكي سيزداد، ما سيتطلب زيادة النفقات المالية، فإن فكرة إنشاء جيش أوروبي ذاتي أصبحت أكثر وضوحا، ذلك على الرغم من أن تنفيذها يحتاج إلى وقت طويل، و”يظهر لي أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى 5-10 سنوات لتنفيذ هذه الفكرة. ولكن ليس لديه هذا الوقت”. وبحسب رأيه، فإن إنشاء هذا الجيش سيزيد من اختلال التوازن في الاتحاد.أما النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد فلاديمير جباروف، فيقول: “نحن نعلم أن العمود الفقري لهذا الجيش سيكون ألمانيا. وهذا يثير مخاوف كبيرة، لأن السيدة ميركل تدعو إلى وحدة أوروبا. وتعدُّ ألمانيا حاليا المانح الرئيس للاتحاد الأوروبي، حيث تعتمد عليها البلدان كافة، وعندما يظهر الجيش ماذا سيحصل؟ أعتقد أن هذه الفكرة لن تبصر النور، لأن دافعي الضرائب لن يرغبوا بتمويلها”. كما أن الناتو سيعمل من أجل المحافظة على نفوذه في أوروبا.أن فكرة إنشاء جيش أوروبي ربما جاءت بسبب عدم رغبة وقدرة دول أوروبا من تلبية طلبات واشنطن بتحقيق زيادة تمويل قواعد الناتو وعديد وحداته، تحاول أوروبا من فكرة تشكيل جيش أوروبي هو لسد الثغرات الأمنية، أمام تصاعد تهديدات الجماعات المتطرفة وتنظيم داعش، وكذلك من اجل مسك الحدود الداخلية والخارجية لدول أوروبا. ومن المحتمل أن يشكلا الجيش الألماني والفرنسي العمود الفقري إلى دول الاتحاد الأوروبي في أعقاب خروج بريطانيا.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الاستخبارات والإرهاب