قرار ترامب بنقل السفارة إلى القدس المحتلة تحصيل حاصل…؟
بقلم الدكتورة جعيد حكيمة
شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_ كالفاجعة نزل بي الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام المختلفة عربية و أجنبية بتنفيذ ترامب لقراره الذي أصدره قبل خمسة أشهر بنقل سفارة أمريكا إلى القدس المحتلة، و كنت قد أوهمت عقلي الباطن طوال هذه الفتره ترامب – العاقل – سيقوم بإلغاء القرار الذي كان قد جمده طوال الأشهر الماضية بسبب التنديدات الدولية، و لكن ترامب أبى إلا أن يمضي في تنفيذ قراره ضاربا عرض الحائط تنديدات الشعوب و الدول حتى الأوربية منها، و يبدو أن حتى مسألة تأجيله لتنفيذ القرار لم تكن سوى من اجل أن يتصادف هذا التنفيذ مع ذكرى النكبة (مرور 70 عاما من احتلال إسرائيل لفلسطين) ولكن فاجعتي الأكبر كانت عندما علمت أن قرار ترامب بنقل السفارة إلى القدس المحتلة هو تحصيل حاصل فقرار ترامب ليس سوى تنفيذا لقانون سابق صادر عام 1995؟؟ ! نعم هو القانون الصادر يوم 8 نوفمبر 1995 بعنوان ” قانون سفارة القدس 1995 ” هذا الأخير أكد على أن ” دولة إسرائيل قد أعلنت منذ عام 1950 القدس عاصمة أبدية لها و جعلتها مقرا لكل مؤسساتها الوزارية و الإدارية و بينها مقر الرئيس و البرلمان و المحكمة العليا، كما أنها – أي القدس- مركز الديانة اليهودية، و قد كانت القدس مدينة مقسمة و مواطني الديانة اليهودية ظلوا ممنوعين من دخولها منذ عام 1948 و حتى 1967 حيث تم توحيدها مرة أخرى بعد حرب الستة أيام، و بموافقة الكونغرس، و مجلسي النواب و الشيوخ على التوالي عامي 1990 و1992 على كون القدس يجب أن تبقى مدينة موحدة، وهي غير قابلة للتقسيم، وباتفاق غزة و أريحا أولا و بدء مفاوضات الحل النهائي، و بالرسالة التي وجهها 93 من أعضاء مجلس الشورى الأمريكي في مارس 1995 التي طالبوا فيها وزير الخارجية الأمريكي بالتخطيط لنقل سفارة الولايات المتحدة إلى المدينة المقدسة؛ فكيف للولايات المتحدة أن تتخذ سفارات لها بكل عواصم العالم باستثناء إسرائيل صديقتنا الديمقراطية و حليفتنا الإستراتيجية، و أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تنبني على الاعتراف بالقدس مدينة موحدة غير قابلة للتقسيم، و أنه يجب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، و بناء على ذلك يجب أن تكون سفارة الولايات المتحدة بعاصمة إسرائيل..؟ هذا مجمل ما جاء بقانون “سفارة القدس 1995″، و يبدو أنه قانون تم اقتراحه منذ عامي 1990 و 1992 ، غير أن ضغط 93 عضو من نواب الكونغرس الأمريكي( من مجموع ما يجاوز الخمسمائة عضو) استطاع أن يمرر هذا القانون الذي تكمن خطورته ليس فقط بتأكيده على ضرورة نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس المحتلة؛ بل باعترافه القدس هي مدينة غير قابلة للتقسيم، و هي وحدها عاصمة إسرائيل، و بهذا هدر لحق الفلسطينيين ليس فقط بالعاصمة القدس؛ بل بأي قيام لدولة فلسطين هدر بقانون صدر منذ ما يزيد عن 20 السنة ؟!، غير أن تنفيذه لم يكن بالسهل؛ فلطالما تفادي رؤساء أمريكا المتعاقبين تنفيذ قانون “سفارة القدس 1995″ بمن فيهم بوش نفسه الذي شن حربا شعواء على العراق الحبيب أكدت أمريكا نفسها أنها حربا خاطئة؛ فالعراق لم يكن يمتلك سلاح نووي لكن خبراء أمريكا فقط أخطئوا التقدير حينها؟؟!” خطأ دمرا بلدا، و آتى على الأخضر و اليابس فيه أما الخطاة فلا يمكن محاسبتهم في الدولة التي تحسب نفسها تعلم الآخرين الديمقراطية، حقوق الإنسان، و آلا شيء يعلو على القانون ..، و لكن أليس المجرم الفار من العدالة، و لم يسلم نفسه يجب تقديمه لها و بخاصة إذا ما علم مكانه و زمانه، و هنا السؤال لماذا لم تسعى العراق و الدولة العربية إلى تقديم مجرمي حرب العراق ” بوش و حلفائه ” إلى عدالة محكمة الجنايات الدولية، هذه الأخيرة و الحقيقة مشهود لها بالحراك حتى من تلقاء نفسها، و بخاصة إذا ما تعلق الأمر برؤساء دول عرب كعمر البشير رئيس السودان.غير أن قانون “سفارة القدس1995 ” الآنف الذكر ماكان مصيره إلا أن ينفذ، و الدارسين للقانون يفهمون هذا جيدا؛ فما من قانون يصدر إلا و يجب تنفيذه في بعض الأحيان ينفذ القانون مباشرة، و في البعض الأخر ينص على أن قرارا أو مرسوما يصدر لتنفيذه، وهو ما حصل مع قانون “سفارة القدس 1995″ ؛ فلم يكن ينتظر هذا القانون سوى أن ينفذ، و لم يكن ينتظر سوى رئيس موال لليهود لينفذه، و هو ما صنعه ترامب الذي حق من وصفه بالتاريخي و صلاح الدين اسرائيل، و كيف غاب عن البال أن قرارا كهذا لن يصدر سوى من ترامب هذا الرجل الذي نفذ زيارته الأولى للشرق الأوسط للعربية السعودية ثم إسرائيل مصليا عند حائط المبكى، هذا الأخير يعد في الواقع اللبنة الأولى لقانون القدس عاصمة إسرائيل ؛ذلك أن إسرائيل و منذ زمن بعيد عمدت إلى طمس كل اثر عربي في القسم العربي من فلسطين من أجل إبراز حائط المبكى و هيكل سليمان، و كأنه لا شيء في القدس العربية إلا هذان الأثران أما المسجد الأقصى و تاريخيه و كونه أولى القبلتين و ثاني الحرمين فقد أسدل على ذلك كله شعار من النسيان، و هكذا ومن بعد هدم التراث العربي ، و السعي إلى تقسيم و تشيستت و إنهاك القوات العربية داخليا لم يكن من بد من رئيس دولة القانون ترامب سوى إصدار قرار بتنفيذ قانون ” سفارة القدس 1995″ كونه قانون قائم، و السؤال أين هم المنددين اليوم بقرار ترامب بنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس المحتلة من القانون نفسه الذي أعلن وجود دولة إسرائيل وفقط و عاصمتها القدس و السعي لإلغائه من المحكمة الاتحادية العليا وهي المحكمة المختصة بإلغاء القوانين في أمريكا، و المشهود لها بإلغاء قوانين و قرارات سيادية آخرها قرار ترامب بحظر دخول الولايات المتحدة مواطني ستة دول ذات أغلبية مسلمة، أو من الأمم المتحدة التي سبق و أن اعترف أعضائها بخيار حل الدولتين و القدس عاصمة مشتركة، أو من رؤساء أمريكا المتعاقبين الذين ترددوا في تنفيذ قانون ” سفارة القدس 1995″؟!؛ فالمسألة للأسف ليست وليدة اللحظة فهي تعود لأزيد من 20 سنة تردد خلالها جميع رؤساء امريكا المتعاقبين بتنفيذ القانون منهم من حذر حتى الرئيس ترامب بتنفيذ قانون ” سفارة القدس 1995″ كالرئيس السابق اوباما، و اليوم فقط تتردد لمسامعنا أن قرار ترامب بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس المحتلة ليس قانوني، أو انه على فلسطين قطع العلاقات مع الولايات المتحدة!!.
شبكة ضياء