الإبداع العربي … باهتمامات غربية الترجمة وجائزة الاستحقاق الألماني
سوزان سديف الأسعد
شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_ في مجال الترجمة ثمة نقص كبير، الأوروبيين محاصرين ضمن الأبجدية اللاتينية، في حين أن العرب يتعاملون مع أكثر من لغة، كما قال الشاعر الدنماركي نيلس هاو في إحدى مقابلاته :”أن دور النشر الغربيَّة كسولة جدًا ولا شكّ أن العديد من الدول تعاني هذا الكسل، آمل أن نرى في المستقبل المزيد من الشعر العربي مترجمًا، وأعتقد أن المجال الثقافي العربي هو أفضل مما لدينا، فاللغة الدنماركية هي لغة صغيرة مقارنةً مع اللغة العربيَّة، كما أنّ الناشرين الغربيين لا يهتمّون ولا يعثرون على ما يكفي من قرّاء لترجمة الأعمال، فربما لدى الناشرين العرب جمهور أكبر من ذلك بكثير، وأعتقد أن أهم الأعمال الأدبية العالمية قد ترجمت إلى اللغة العربيَّة”في زمن مابعد الحداثة واختلاف الموازين الأدبية أصبحت الآداب الغربية بعامة والأوروبية بخاصة أكثر عالمية من الأدب العربي على اختلاف أجناسه من قصة إلى مسرح وصولاً للرواية وغيرها ، ولكن هذا لا ينفي الدور البارز الذي يبذله عدد لا يستهان به من الدارسين والمثقفين والمستشرقين والمترجمين في إثبات جدارة الفكر والإبداع العربي حتى في ظل الربيع المزعوم، هؤلاء الذين آمنو برسالة وبقدرات شعوب عانت ما عانته ،فمن أبسط مايقدم لهم ،التقدير لجهودهم ، وهذا ماقام به الرئيس الألماني مؤخرا عندما قام بمنح لاريسا بندر المترجمة والمستشرقة الألمانية وسام الاستحقاق الألماني وذلك لما قدمته من ترجمات ربطت بين الثقافة السورية والثقافة الألمانية ، إضافة إلى دعم قضية اللاجئين فهذه أسباب كانت كفيلة لترشيح لاريسا للحصول على وسام يعد من أفخر الأوسمة .أكثر من 15 عمل روائي ترجمته لاريسا من العربية إلى الألمانية ، والآن تقوم لاريسا على ترجمة رواية القوقعة للكاتب السوري مصطفى خليفة ، والتي تدور أحداثها حول رجل مسيحي في سجن تدمر مع مجموعة من الأخوان المسلمين يعيش عزلة بين الإخوان المسلمين وعزلة في سجن يعتبر من أقسى السجون عالميا ، في الواقع تتحدث الرواية عن تجربة الكاتب الشخصية في ذلك السجن ولكنها ليست سيرة ذاتية إنما تجربة ذاتية قام المؤلف بإسقاطها على شخصيات وهمية بحبكة وأسلوب أدبي سلس ، وبصياغة فنية مؤلمة .تنتمي هذه الرواية إلى أدب السجون وهذه الرواية ليست الأولى من نوعها التي قامت لاريسا بترجمتها فقد ترجمت قبلها رواية شرق متوسط للمؤلف عبد الرحم منيف ،أما معايير اختيارها للترجمة فتتلخص بشيء ” تبشيري ” على حد قولها ، لتوصل فكرة عن الضفة الثانية من العالم بالنسبة للعالم الألماني ، فهي تعاني من ديكتاتورية في بعض البلدان وظلم سياسي وقمع للحريات فلا يجب الحكم عليهم بالمطلق أو بسبب فئات متطرفة قليلة قد عكست فكر مغاير لما هو في الواقع وقد سببت عند الغرب بما يعرف بالإسلاموفوبيا .بداية علاقتها مع العالم العربي كان من خلال رحلة لاريسا إلى المغرب مع والدها ، ومن ثم إلى مصر فجذبتها اللغة العربية وصوتياتها والموسيقى العربية التي تنشي القلب ولكن عند انتهائها من البكالوريا و وفي السنة الثالثة من دراستها الجامعية اختارت دمشق أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ لتدرس اللغة العربية في معهد يقوم بتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها .تقول لاريسا في إحدى مقابلاتها أنها تقوم بمحاولة كسر الأحكام المسبقة حول العرب ، فالمجتمع الألماني والمجتمع السوري مختلفان كليا ولكن ما يعرفه الألمان عن السورين هي معرفة خاطئة ، وإصرارهم وتمسكهم برأيهم حول العرب لا يجوز فهي وبحكم سفرها المتكرر إلى سوريا منذ ثلاثين عام وحتى الآن تحاول أن تثبت نظرة مغايرة لنظرتهم وتعط أفكار وصورا أوضح وحقيقية أكثر مخالفة لتصوراتهم حول العرب عامة والسوريين خاصة فهم شعب مثقف وبسيط ، و أناس عاديون جداً وهنا يكمن دورها ، فبرأيها أن الألمان إذا قرؤوا أدب عربي أو أدب سوري سيفهمون آلية تفكيرهم وعيشهم .أما إذا قمنا بالحديث عن الترجمة وعمل لاريسا بها فهو ليس بالأمر السهل، فبحسب معهد الخدمات الخارجية التابع للحكومة الاميركية والذي قسم درجة صعوبة اللغات الى 5 مستويات احتلت اللغة العربية المستوى الخامس ،أي الأصعب في العالم بجانب الصينية واليابانية ، فعملية ترجمة العمل الأدبي وخاصة الجنس الروائي منه ، من اللغة العربية إلى لغة أجنبية أصعب من ترجمته من لغة اجنبية إلى العربية وذلك بسبب اتساع القاموس العربي ومصطلحاته مقارنة مع قواميس اللغات الأخرى وهذا مايصعّب الترجمة الحرفية للرواية وهنا يأتي الدور البارز لأسلوب المترجم الذي يأتي بالفكرة ذاتها دون أن يسقط القيمة الجمالية للعمل الروائي أو يأتي بترجمات مغلوطة تنحرف عن سير السياق أو المعنى المطروح.
شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_