هل سيعود الصراع العربي – الإسرائيلي للواجهة ؟
جاسم محمد كاظم : كاتب عراقي
ترنيمة قديمة جدا ربما لا يعرفها الجيل الجديد من أتباع ثقافة الفيس بوك والانترنت لان الأجداد وحدهم من تحملوا مشقة الاكتواء بنارها الحارقة .
وإذا أردنا تفكيك هذا الصراع الطويل بوضوح نقول ليس هناك من صراع عربي – إسرائيلي حقيقي بل أن السلطات العربية وجدت في تفعيل ذلك الصراع لمصلحتها من اجل ديمومتها و بقائها لأكثر مدة جاثمة على كرسي الحكم .
ارتكب العرب أول أخطائهم الفادحة بعدم قبول قرار التقسيم بينما ظهرت إسرائيل دولة جاهزة للعمل بعد انسحاب الجيوش البريطانية و بقي عرب فلسطين تائهين لا يعرفون كيفية أدارة دولتهم التي ضاعت بين المفتي ذو العقل الحجري واسر ثرية لا تريد فقدان مصالحها وعقول دينية غبية تؤمن بالخرافة أكثر من الواقع .
ومع أول خطوات دخول الجيوش العربية لتحرير فلسطين من الضياع قرع ناقوس الضياع الأبدي وتاه الفلسطينيين في الأصقاع بينما توطن الأسرائيلين بعد رحلة التيه الطويلة .
ترسخت إسرائيل بعد الحرب الأولى وأصبحت أمرا واقعا ونظرا لتغير مسميات الحكم في الأنظمة العربية بعد ثورات التحرر الوطني ألا أن تلك السلطات لم تتعقل درس الحرب الأولى وتبني دولها كما فعل هوشي منة وماو تسي تونغ وفيدل الكاسترو بل عاكست سير التاريخ ورأت في تضخيم الموقف كفرصة للهرب إلى الأمام للخروج من واقعها المزري وتشتيت تفكير الخطاب العقلي والقضاء على الفكر التنويري والقوى اليسارية بحجة الحرب المقدسة للتحرير .
وهكذا سار جمال عبد الناصر وحكام سوريا وتبعهم حكام العراق وازدادت النكسات بويلات أخرى وبدل ضياع فلسطين بكاملها ضاعت سيناء والجولان ولولا تدخل الجيش العراقي لضاعت دمشق هي الأخرى .
طرحت إسرائيل في كل تاريخها الطويل مبادلة كل الأراضي المحتلة بكلمة واحدة يطلقها لسان الحكام العرب تتغنى بالسلام وتطبيع العلاقات والاعتراف بابن العم هذا كجار وصديق وأخ لأبناء يعرب .
لكن عقل أبناء عدنان وقحطان ازداد عجرفة ودمر اكبر ما يستطيع تدميره من اقتصاديات تلك الدول ومواردها الأولية حتى وصل في أخر حطامه المتناثر يلم أشتاته المتبقية بشخص السادات الذي فهم اللعبة من نهايتها وأذعن لحكم الواقع وتبعة الأردن ولبنان حتى وصل الأمر في آخر أشواط المنازلة الخاسرة قبول ياسر عرفات والفلسطينيين بأمر الواقع .
وهكذا أسدل الستار على حروب العرب وإسرائيل وان بقيت هناك مناوشات جزئية بين بعض المليشيات الممولة من بعض الدول لكنها لم ترتقي إلى مستوى مسميات الحرب بل بقيت بقع محصورة غير متمددة في الفراغ الكبير .
اليوم تحاول بعض الأنظمة الهزلية أعادة نبش القبور القديمة بأحياء الجثث الميتة وإعادة صراع التاريخ إلى الواجهة لكنها بعملها الساخر هذا تريد الهرب إلى الوراء لأنها تحاول معاكسة سير التاريخ و البقاء في كرسي سلطة النهب والسلب لموارد شعوبها وخيرات بلدانها بعد نقمة تلك الشعوب على نمط هذا الحكم البالي والعائد من كهوف التاريخ العتيقة وان هذه الأنظمة البالية تنفخ في قربة مقطوعة بزعيق القرود التافه تثير الضحكات والسخرية بعدما أدركنا أن بداية التاريخ مأساة ونهايته مهزلة .
جاسم محمد كاظم : كاتب عرافي
jasim _737@yahoo.com