مكافحة الإرهاب..بريطانيا..إجراءات و قوانين جديدة لمواجهة التطرف
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_بدت برامج الوقاية من التطرف والإرهاب فى المجتمع البريطانى هو الحل للتصدى للتهديدات الأمنية التى تعددت فى الوقت الراهن .فرغم أن “العنف المتطرف الإسلاموي” كان أكثر شيوعا في أوروبا، فإن الدلائل على التهديد الذي يشكل عنف اليمين المتطرف كان قائما منذ فترة طويلة”.ذلك ما أوضحه جيسون بروك، في الغارديان، والذى ذهب في مقاله التحليلي إلى أن إرهاب اليمين المتطرف كان في تصاعد في العقد الأخير من القرن العشرين. مضيفا أن “إرهاب اليمين المتطرف” يشبه من حيث الأصول التطرف الإسلاموي”. غير أنه يعتقد بأن إرهاب اليمين أكثر تهديدا. نقلا عن موقع bbc فى 16 مارس 2019 .وعلى صعيد متصل كشف بيان لمنظمة “تيل ماما” الحقوقية ارتفاع الاعتداءات ضد المسلمين (الإسلاموفبيا) في بريطانيا فى منتصف شهر مارس 2019 بنسبة 593% مقارنة بالفترة التي تلت هجوم مانشستر أرينا الإرهابي في البلاد 2017، والذي أودى بحياة 22 شخصًا. وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة، إيمان عطا إن تزايد نسبة الاعتداء تشير إلى أن البعض “يرون المسلمين هدفًا مشروعًا للكراهية مما يؤدي لبقائهم في دائرة التركيز”. وذلك نقلا عن ” وكالة الأناضول ” فى 25 مارس 2019 . أوضحت المنظمة أنها سجلت 95 جريمة كراهية ما بين 15 مارس (تاريخ وقوع مجزرة كرايست تشيرش) و21 من الشهر ذاته. ولفتت إلى أن 89% من الجرائم تمثلت في الإشارة لهذه المجزرة عن طريق حركات تحاكي إطلاق نار من سلاح كما حدث في نيوزيلندا. هذا وقد سعت الحكومة مع تزايد تلك التهديدات الأمنية التي تواجهها بريطانيا إلى إيجاد برامج لمعالجة العوامل التي تؤدي إلى التطرف والإرهاب بين مواطنيها، وتلك التي تدفع بعضهم إلى التعاطف مع التنظيمات المتطرفة داخل القارة وخارجها.
أبرز الإجراءات التي لجأت إليها بريطانيا لمواجهة التطرف ومنع انتشاره:
• خدمة الرصد والتسجيل: دعمت الحكومة البريطانية تلك الخدمة وهي الأولى من نوعها في بريطانيا، عبر تقديم أكثر من مليون جنيه استرليني لها. وقال “إدوين سموأل” المتحدث باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إن “التعبير عن القلق إزاء الإسلاموفوبيا غير كاف لذلك اتخذت الحكومة إجراءات عملية واضحة وصارمة بمواجهة عدم التسامح الديني”.
• برنامج “بريفينت” : يهدف إلى تقليص التهديدات التي تواجه المملكة المتحدة، ويضم البرنامج أكثر من (2000) طفل ومراهق، منهم نحو (500)فتاة، وكشفت الأرقام أن نحو (30%) من المحولين إلى البرنامج التأهيلي كانوا دون سن الخامسة عشرة، وأن أكثر من (50%) فوق سن العشرين، و أن واحداً فقط من كل (20) طفلاً تلقى مساعدة متخصصة لإبعادهم عن السلوك المتطرف، وأن (16%) منهم تسربوا خارج البرنامج التأهيلي .
يقوم على محاولة الاكتشاف المبكر لمن تظهر عليهم “علامات تطرف” والتعامل معهم قبل تحولهم لمتطرفين، ويهدف لمنعه كذلك من السفر للقتال بالخارج، كما يسعى البرنامج للتحديد الدقيق للأفراد والجماعات المتطرفة عبر تعاون المدارس والمساجد والجامعات مع الشرطة.
• مراقبة مكالمات المتطرفين : التي يجريها المتطرفون عبر الهواتف، حيث تقوم طائرات التجسس بدون طيار باختراق أبراج الاتصالات التي تمر عبرها مكالمات المتصل.
• فرض قيود على المتطرفين : التحقيق مع المتطرفين وفرض القيود على تحركاتهم وأنشطتهم المالية مع اطلاق النار على المتطرفين الذين يقودون المركبات لمنع استخدامها في تنفيذ عمليات إرهابية
• مراقبة المحتويات المتطرفة والكاذبة عبر الانترنت : قدّمت الحكومة البريطانية نقلا عن ” العربية نت ” فى 19 يناير 2019 مبلغ (600) ألف جنيه إسترليني لتمويل وتطوير تكنولوجيا جديدة مصممة لإزالة المحتوى المتطرف من شبكات التواصل الاجتماعي، ومنع الدعاة المتشددين من نشر مواد متطرفة على الإنترنت في ظل ضغوط متزايدة تمارس على شركات الإنترنت الكبرى، مثل “فيسبوك” و”تويتر”، للقيام بجهد أكبر من أجل التخلص من المحتوى الذي ينشره المتطرفون على منصاتها ، وأظهرت الاختبارات على الأداة التكنولوجية الجديدة أنها قادرة على تحديد (94%) من أشرطة الفيديو الدعائية .
ويلفت تشارلي وينتر الباحث في مركز دراسة التطرف في جامعة كينغز كوليدج في لندن إلى أن البرنامج يركز على أشرطة الفيديو لكن هذه الأشرطة لا تمثّل سوى جزء صغير من إصدارات تنظيم”داعش” الإرهابى.
التأهيل والدعم النفسى للمتطرفين : تنظيم دروس إجبارية للأشخاص الذين يمثلون تهديدا أمنيا لدفعهم للتخلي عن الأفكار المتشددة. وظهرت مبادرة بريطانية بعنوان “إن كنت مسلما ستكون بريطانيّا تناولتها صحيفة ” العرب اللندنية” فى 31 أغسطس 2018 وتلك المبادرة فى ظل البرنامج الإلزامي الذي وضعته الدولة لعلاج المتطرفين وتأهيلهم للعيش بسلام في المجتمع. والمبادرة موجهة للمسلمين المتواجدين فى بريطانيا في سن المراهقة وبداية الشباب.
التجريد من الجنسية : يتم تجريد المتطرفين المشتبه بهم من الجنسية مع سحب جوازات سفرهم لأسباب تتعلق بالأمن القومي. فقد أسقطت وزارة الداخلية البريطانية الجنسية عن شاميما بيجوم البالغة من العمر 19 عاما، والتي غادرت بلادها عندما كانت مراهقة في الخامسة عشرة وتوجهت إلى سوريا للانضمام لتنظيم “الدولة الإسلامية” والموجودة حاليا في مخيم للاجئين في سوريا. علما أن الشابة تحمل الجنسية البنغالية إلى جانب البريطانية. وذلك نقلا عن “فرانس” 24 فى 20 فبراير 2019.
• منع الإختلاط بالعناصر المتطرفة بالسجون : وضع السجناء المتطرفين في وحدات خاصة لمنعهم من إقناع سجناء آخرين بالتطرف . ويذكر أنالسلطات البريطانية فى يوليو 2017 بدأت في وضع السجناء المتطرفين في مراكز منفصلة ،وتم فتح “مركز منفصل” جديد يتسع لـ (28) سجينا ،وأتت خطوة استحداث المراكز المنفصلة، عقب توصية من دراسة للتطرف في السجون أفادت أن عددا من السجناء الذين يتمتعون بحضور قوي، ينصبون أنفسهم “أمراء” ويمارسون نفوذا كبيرا يؤدي إلى التطرف، على بقية نزلاء السجن من المسلمين.
أيد ” بوريس جونسون “رئيس الوزراء البريطاني صلاحيات الشرطة “للإيقاف والتفتيش” وفقا لـ ” سبوتنيك” في 11 اغسطس 2019 .وتعهد أيضا بتوفير (10) ألاف مكان آخر في السجون البريطانية. وأضاف إن وزير المالية “ساجد جاويد” وافق على إنفاق ما يصل إلى( 2.5 )مليار جنيه استرليني (3.01 مليار دولار) لتوفير (10) آلاف مكان إضافي في السجون.
• مشاركة المجتمع فى منع التطرف : يفرض على المدارس والسجون والبلديات وغيرها من الهيئات العامة، التدخل أو التصرّف في حال رصد الاشخاص الذين ينحون باتجاه التطرف، بغية منعهم من التورط في أعمال إرهابية لاحقاً.
• حماية الطلاب من التطرف : تقييم خطر تأثر التلاميذ بآراء أو مواقف متشددة ومشاركة المؤسسات التعليمية مع المجالس المحلية لحماية الأطفال بجانب اعتماد برامج حماية إلكترونية.مع تدريب موظفي المدارس والمعاهد والأكاديميات ليتمكنوا من تحديد الأطفال المهددين بالتطرف بكل ثقة، بالإضافة إلى اكتساب المعرفة الكافية للتصدي لهذه الأفكار ومحاربتها.
• توسيع صلاحيات الهيئات الأمنية المختصة : حصلت الشرطة البريطانية على صلاحيات إضافية لمعالجة الاستخدام غير القانوني للطائرات المسيّرة (درون) ” وفقا لـ ” وكالة الانباء الألمانية” في 8 يناير 2019، وجاء في بيان صادر عن وزارة النقل البريطانية: “سيعطي التشريع الجديد ضباط الشرطة سلطة إضافية لإنزال الطائرات المسيرة ومطالبة المستخدمين باستخراج الوثائق المناسبة.”وقال البيان إن التشريع سيعطي الشرطة سلطة “تفتيش المباني ومصادرة الطائرات المسيرة”، بما في ذلك البيانات الالكترونية المخزنة داخلها.
منحت الحكومة البريطانية الشرطة صلاحيات الإيقاف والتفتيش من دون شبهة لمكافحة جرائم السكاكين وفق لـ” اندبندنت” فى 21 مارس 2019 . وتعزيز السلطات الشاملة التي تسمح للشرطة بتوقيف وتفتيش المشتبه فيهم من دون شبهة معينة . فتعزيز هذه السلطات سيساعد الشرطة على معالجة أعمال العنف الخطيرة في أكثر المناطق تضرراً في إنجلترا وويلز . كانت الشرطة تلجأ إلى هذا الإجراء فقط بموافقة ضابط كبير وبناءً على معلومات استخباراتية تفيد باحتمال وقوع أعمال عنف خطيرة. نه من المتوقع أن تتعاون قوات الشرطة مع المجتمعات المحلية بشأن استخدام صلاحيات التوقيف والتفتيش.
• منع تمويل المساجد وتأهيل الأئمة : كشف تقرير لصحيفة ” العرب اللندنية ” فى 20 أبريل 2018 عن مواجهة أمناء احد المساجد فى بريطانيا أسئلة حول التبرعات التي قبلوها من رجل دين مسلم مثير للجدل هو “الصادق الغرياني” المصنف على قائمة الإرهاب بقيمة اجمالية تفوق (354) ألف دولار أمريكي ،ونشر أعضاء المجتمع الإسلامي في إكسيتر عريضة على الإنترنت تتهم الغرياني بمنح تبرعات لمسجد في ديفون (جنوب غرب بريطانيا).
ذكرت صحيفة “الشرق الاوسط ” فى 13 فبراير 2018 أن بريطانيا تسعى في مجال التقنية لتطوير وإطلاق تقنية بالذكاء الصناعي تمكن من الكشف عن أشرطة الفيديو الخاصة بتنظيم داعش، ومنعها من التحميل على الشبكة العنقودية، لوقف انتشار موادها «السامة»، حسب ما وصفت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية.وتمول وزارة الداخلية البريطانية، المطورين، لتبادل برامجهم مع أي موقع أو تطبيق في العالم بالمجان، على أمل أن يجعلوا دعاية الجماعة الإرهابية أكثر صعوبة للوصول والمشاركة عبر شبكة الإنترنت.ووفقاً للصحيفة، تشير الاختبارات إلى أنه بإمكانها الكشف عن 94 في المائة من مقاطع فيديو “داعش”، التي تبث عبر “يوتيوب”.
و فى هذا الإطار قال الدكتور مارك وارنر الرئيس التنفيذي لشركة علوم البيانات (آسي)، إن نجاح التكنولوجيا يعتمد على كم من الشركات تستخدم التقنية نفسها في أنظمتها، ولكن “نأمل أن تلعب تلك الشركات دورها في إزالة المحتوى المتطرف من شبكة الإنترنت”
الخلاصة
كشفت الهجمات الإرهابية التي ضربت بريطانيا العديد من الثغرات في نظامها الأمني. فى ظل مساعى الأجهزة الأمنية لمواجهة العائدين وأسرهم وتقييم خطورتهم ، وملاحقة المتطرفين الذين تورطوا فى أعمال قتالية فى سوريا والعراق .ولهذا وضعت الحكومة البريطانية الاستراتيجية الاخيرة المسماة “كونتيست” والتي تحسن اداء الأجهزة الأمنية فى الكشف سريعا عن الأنشطة التي تشكل تهديدا إرهابيا. وإلى جانب ذلك وجدت برامج الوقاية من التطرف ومنع انتشاره على مختلف المستويات بل أشركت المجتمع المدنى فى التصدى لأى حالات تطرف ولكن ماوال هناك تحديات تتعلق بمعالجة وضع المهاجرين الذى يعد سبيل لجرائم الكراهية وسط رفض يمينى متطرف لوجودهم فمع عدم الإسراع فى اندماجهم فى المجتمع البريطانى سوف يدفع المواطن الأوروبي إلى التصويت للأحزاب السياسية الراديكالية التي تعد بإصلاح هذه الإشكاليات.كما يجيب على بريطانيا حل المشكلات المجتمعية والاقتصادية التى قد تؤدى الى تدهور التماسك الاجتماعي وزيادة معدلات العنف والتطرف.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات