لجنة جائزة نوبل تَصدم ملايين المُحتجّين وتَرفض سَحبها من رئيسة بورما بسبب تأييدها الضّمني للمَجازر ضد الروهينغا..
لجنة جائزة نوبل تَصدم ملايين المُحتجّين وتَرفض سَحبها من رئيسة بورما بسبب تأييدها الضّمني للمَجازر ضد الروهينغا.. هل هذا المَوقف مُبرّر؟ وهل فَقدت الجائزة قيمتها؟
ong san
أحبطت اللّجنة النرويجيّة المُشرفة على جائزة نوبل آمال الملايين من المُسلمين ونُشطاء حُقوق الإنسان في العالم عندما أكّدت أن نظامها الأساسي لا يَسمح بسحب الجائزة من رئيسة ميانمار، أونغ سان سوتشي، بسبب تورّط حُكومتها في أعمال التطهير العِرقي ضد أبناء أقليّة الروهينغا الإسلاميّة في إقليم أركان، غرب البلاد.
مِئات الآلاف من المُحتجّين وَقعوا عرائض تُطالب بتجريد الرئيسة البورميّة من الجائزة التي حَصلت عليها عام 1991، ومن المُتوقّع أن يتضاعف أرقام هؤلاء المُحتجّين إلى الملايين، ولكن لجنة الجائزة تتذرّع بأنّها لا تُملك الأرضيّة القانونيّة لسَحب الجائزة، فلم يَحدث أن سجّلت أي سابقة مُماثلة مُنذ عام 1900 سنة تأسيسها.
لا نَفهم، أو نتفهّم، لماذا لا تَكسر اللّجنة هذا التّقليد، فالرئيسة سوتشي التي حَصلت عليها بسبب أنشطتها الدّاعمة لحُقوق الإنسان، والمُعارضة لمُمارسات الجيش البورمي الدمويّة ضد المُعارضين، تتزعّم حُكومة تَرتكب مجازر بشعةٍ ضد أقليّة الروهينغا المُسلمة، بمَعرفتها وبمُباركةٍ منها، الأمر الذي يتعارض مع أهداف جائزة نوبل للسلام، ومع القانون الدّولي ومبادئ حُقوق الإنسان.
أرقام الأُمم المتحدة تُفيد بأنّ 270 ألفًا من أبناء هذه الأقليّة (الروهينغا) فرّوا بحياتهم إلى بنغلاديش، أي ما يُعادل ثُلث تعدادها على الأقل، ويَعيشون في ظُروفٍ صعبةٍ في مُخيّمات اللاجئين.
السيدة سوتشي كَشفت عن وَجهها العُنصري عندما فوجئت أن مندوبة تلفزيون الـ”بي بي سي” ميشل حسين التي جاءت لتُجري مُقابلة معها “مُسلمة”، وأيّدت امتعاضها الشديد، وقالت بالحَرف الواحد أنه لم يُخبرها أحد بأن المَندوبة مُسلمة وهو ما فُهم أنّها ربّما كانت ستَعترض على هذا الاختيار.
هذا الصّمت من قبل رئيسة جَرى تكريمها ونضالاتها بجائزة نوبل على أعمال قَتلٍ إجراميّة مُوثّقة من قبل الجيش ترتقي إلى جرائم الحرب، يُسيء إلى جائزة نوبل ولجنتها، والطّريقة التي يتم من خلالها اختيار الفائزين.
أقليّة الروهينغا تُعاني من القَمع والتمييز العُنصري والديني، والاضطهاد، والحِرمان من الجنسيّة، والعَمل، وحُريّة الحركة، وتُواجه الطّرد والتّهجير، ولِذا تستحق دَعم السيدة سوتشي ومُساندتها، وصَمتها على هذهِ الجرائم غير مُبرّرٍ على الإطلاق مهما كانت الذرائع والحُجج، وكان عليها إذا لم تستطع وَقف هذه المجازر، الاستقالة من مَنصبها حِفاظًا على إرثها في الدّفاع عن حُقوق الإنسان.
لم يُفاجئنا قرار لجنة الجائزة هذا بعدم الاستجابة لطَلبات مِئات الآلاف من المُحتجّين لسَحبها لأنها كانت، وستَظل، جائزة مُسيّسة، خاصّةً فِرعها المُتعلّق بـ”السلام”.
“رأي اليوم”