تركيا قلقة من ممر كردي في شمال سوريا … مقابل قلق إسرائيل من ممر إيراني في الجنوب
د.عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب
أستاذ بجامعة أم القرى بمكة
شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_ يبدو أن إيران وتركيا قلقتان من روسيا من الحصول على نفوذ كبير باستغلالهما نتيجة الغياب الأمريكي في المنطقة على الرغم من التحالفات التكتيكية مع روسيا بشان سوريا، وتحاول تركيا وإيران في أن يستعيدان التعايش الذي كان بينهما لأكثر من ثلاثة قرون منذ اتفاقية قصر شيرين 1623-1639 لأنهما كانا يواجهان الخطر الروسي ولم تتوتر العلاقة بين البلدين إلا بعد مجئ الخميني بعدما أراد تأسيس حزب الله التركي للاضطلاع بالإطاحة بالنظام العلماني في أنقرة.
قبل مجئ الخميني كانت إيران وتركيا حلفاء بمقتضى ثلاث اتفاقيات، كانت الأولى اتفاقية سعد آباد بين رضا شاه وبين مؤسس الدولة التركية مصطفى أتاتورك التي استمرت حتى الحرب العالمية الثانية، ثم أتت اتفاقية بغداد التي تضم بريطانيا والعراق، انتهت الاتفاقية بعد حدوث الانقلاب العسكري في العراق الذي أزاح النظام الملكي عام 1958، وحلت محل اتفاقية بغداد الاتفاقية المركزية التي ضمت إليها الباكستان والولايات المتحدة كعضو والتي استثمرت الولايات المتحدة عضويتها واستثمرتها كهمزة وصل بين حلف الناتو وحلف جنوب آسيا لتطويق الاتحاد السوفيتي.
هل بعد هذه الاتفاقيات الثلاثة التاريخية وتلتها مرحلة انشقاق بين البلدين يمكن أن تتشكل اتفاقية رابعة بين البلدين بعد زيارة قائد الأركان الإيراني الجديد الجنرال محمد حسين باقري إلى تركيا، وهي أول زيارة بعد الثورة الخمينية لاستعادة التحالف بين البلدين، خصوصا بعدما فشلت تركيا في أن تكون منصة ومركز لخلافة الإخوان المسلمين في المنطقة وفقدت الأمل تماما بعدما تم تشكيل التحالف العربي الجديد بين السعودية ومصر والذي اتجه فورا إلى مقاطعة دولة قطر من أجل إبعاد قطر عن استمرارها كرأس الحربة لتركيا، ومنصة تمويل لجماعات الإخوان في المنطقة.
وكذلك إسرائيل والسعودية يشتركان في وقف النفوذ الإيراني في المنطقة وخصوصا في سوريا، ويمنعان وجود طريق وممر من طهران عبر بغداد إلى البحر المتوسط عبر سوريا في الجنوب في أن يعود التحالف بين البلدين بمعزل عن روسيا اللتان لا تثقان في روسيا، وبالفعل نجد روسيا هي الأقرب إلى الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية أكثر من إيران وتركيا رغم وجود اتفاقيات تكتيكية مع البلدين في اتفاقية الآستانة.
إردوغان يبلغ ماتيس وزير الدفاع الأمريكي قلقه من تسليح أكراد سوريا واستفتاء كردستان العراق، وقال لماتيس أن تركيا لن تسمح بممر إرهابي من عفرين إلى البحر المتوسط، رغم أن واشنطن قدمت ضمانات باطلاع تركيا على الأسلحة التي ترسلها لتحالف قوات سوريا الديمقراطية، وكذلك جمع هذه الأسلحة بعد انتهاء عملية الرقة، وعدم السماح بانتقالها إلى حزب العمال الكردستاني في تركيا، وأن غالبية الأسلحة تتجه إلى المكون العربي في قوات سوريا الديمقراطية.
وذكر أردوغان ماتيس بالخطأ الذي ارتكبته الولايات المتحدة في العراق بدعمها للمليشيات الكردية، وترى أن في وحدات حماية الشعب الكردي هي امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة تنظيما إرهابيا.
وتركيا قلقة من سيطرة جبهة النصرة على مساحات واسعة من إدلب في ظل شعور أنقرة بالقلق إزاء خطة أميركية للتدخل في إدلب بزعم محاربة الإرهاب لتمكين الأكراد من السيطرة على إدلب، خصوصا عندما يشكل التحالف الدولي تحالف آخر مع وحدات حماية الشعب الكردي إلى إدلب بعد إعلان واشنطن عن تحول إدلب إلى أكبر معقل لتنظيم القاعدة في العالم.
هنا دفع تركيا إلى تكثيف التنسيق مع روسيا التي أعلن رئيس أركان جيش روسيا بزيارة أنقرة بشأن إعلان إدلب منطقة لخفض التصعيد ستخضع حمايتها على الأغلب لقوات تركية، خصوصا وأن روسيا وإيران وتركيا هي الدول الثلاث الضامنة لعملية آستانة التي أطلقت مناطق خفض التصعيد والتي تشارك أمريكا حمايتها بحسب الخطة التي طرحت في آستانة، وفي نفس الوقت تركيا مصممة في اقتناء منظومة إس 400 الروسية رغم اعتراض واشنطن.
وفي شأن استفتاء كردستان العراق جدد ماتيس وإردوغان معارضتهما لاستفتاء بشأن استقلال كردستان العراق المقرر في 25/سبتمبر/2017، وزار وزير خارجية تركيا مولود جاويش بغداد والتقى وزير خارجية العراق الجعفري واتفقا على ضرورة الحفاظ على العراق موحدا.
في المقابل حذر رئيس وزراء إسرائيل بنايمين نتنياهو من ممارسات إيران في سوريا وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل عام في لقائه مع الرئيس الروسي بوتين في 23/8/2017 في مدينة سوتشي، واعتبر نتنياهو بان إيران تبذل جهودا كبيرة لتثبيت وجودها في سوريا، وأن هذا الأمر يشكل تهديدا لإسرائيل ولمنطقة الشرق الأوسط وللعالم بأسره، خصوصا وأن إيران تدخل المناطق التي ننتصر فيها على داعش، وأن إيران تسلح المنظمات الإرهابية، وتشجع الإرهاب، وتعبر هذه الزيارة الثانية لنتنياهو منذ مطلع عام 2017، حيث كانت الزيارة الأولى في مارس 2017 التي حذر نتنياهو من أن يحل إرهاب إيران محل إرهاب داعش، وطالب نتنياهو بضرورة أن يأخذ اتفاق خفض التصعيد حل مشكلة الوجود الإيراني في سوريا.
كذلك روسيا حذرة من استخدام أمريكا استخدام النظام الكيماوي في الغوطة عام 2013، إلى معاقبة المسؤولين عن الهجوم، تعتبر موسكو أن تلك اللغة هي من أجل توسيع التدخل الأميركي في الشؤون السورية الداخلية، وتعتبره طابعا استفزازيا خصوصا وأن الصواريخ التي استخدمت في الهجوم الكيماوي من نوع أرض أرض هناك إجماع على أن تلك الصواريخ لا توجد إلا لدى النظام السوري.
يبدو أن هناك اتفاق ما بين الولايات المتحدة وروسيا حيث تطالب واشنطن روسيا بسحب قواتها من شرق أوكرانيا وإلا ستواجه روسيا عزلة دولية بسبب موقفها من النزاع في تلك المنطقة، بينما روسيا تصرح بأنها لم تكن ولن تكون في عزلة، وكان كورت فولكير المبعوث الأميركي الخاص إلى أوكرانيا أكد في حديث لصحيفة فايننشيال تايمز بأن إدارة ترامب تدرس بكل جدية إمكانية إرسال أسلحة فتاكة لأوكرانيا، لكن لا يوجد قرار حتى الآن، لذلك الأزمة السورية لا تنفصل عن الأزمة الأوكرانية بين أمريكا وروسيا.
_…شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_