الاتحاد الأوروبي … الآفاق المستقبلية للتعاون الأمني

Read Time:10 Minute, 36 Second

جاسم محمد

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_منذ انطلاق موجات الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا عام 2015، ولحد الآن ودول أوروبا تشهد، حالة من التأهب الامني والإنذار ونشر القوات على الأرض، إلى جانب إعلان اجهزة استخبارات دول أوروبا تحذيرية بين حين وآخر، لتتحول إلى إجراء روتيني اكثر من اي شيء اخر.وتخشى  دول أوروبا من ارتداد الإرهاب إليها وعودة آلاف الإرهابيين الذين شجعتهم على الذهاب إلى سورية حيث يطلق العديد من المسؤولين الأوروبيين منذ فترة تحذيرات لتدارك مخاطر عودة هؤلاء لنشر الفكر المتطرف بين الشباب وتنفيذ اعتداءات إرهابية وجرائم في المدن الأوروبية.أظهر استطلاع للرأي أجرته المفوضية الأوروبية فى يونيو 2018 ، أن (29%) من الأوروبيين يمثل الإرهاب مبعث قلق لهم، ومرة أخرى كانت أعلى معدلات القلق منه في دول لم تشهد أي هجمات إرهابية في الأعوام الماضية وهي ليتوانيا وقبرص وأيرلندا والتشيك وبلغاريا وبولندا ولاتفيا،وأظهر الاستطلاع، زيادة بمقدار نقطة مئوية في معدل الثقة في الاتحاد الأوروبي.

مجمع الاستخبارات الأوروبية في مواجهة الإرهاب والتطرف

تضمُّ مجمع الاستخبارات الأوروبية جميعَ الأطراف التي تلعب دورا في المهام الاستخباراتية، وإنفاذ قوانين مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي. وتشمل أطرافًا وطنية، وأوروبية؛ مثل وكالات الاستخبارات الوطنية، وأجهزة الأمن ووكالات الشرطة الوطنية.وتشمل اجهزة امن أوروبا : مركز الاستخبارات والعمليات التابع للاتحاد الأوروبي INTDIV، وهيئة الأركان العسكرية للاتحاد الأوروبي EUMS، ومركز عمليات الاتحاد الأوروبي SitCen، واليوروبول  Europol، ومركز الاتحاد الأوروبي للأقمار الصناعية EUSC، والمجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية، وفرق العمل الثنائية والمتعددة الأطراف المختلفة؛ المعنية بمكافحة الإرهاب، ووحدة التعاون القضائي الأوروبي، والانتربول، والمعهد الأوروبي للشرطة، ورؤساء فرقة العمل المكونة من الشرطة ووكالة فرونتكس.وعند مناقشة الآفاق المستقبلية للأمن في أوروبا، وعندما يطرح التساؤل حول كيف سيتطور ردّ الاتحاد الأوروبي في المستقبل تجاه أي تطورات ما، تُظهر بياناتُ اليوروباروميتر ]سلسلة استطلاعاتِ الرأي الخاصة بالاتحاد الأوروبي[ أنَّ المخاوفَ الاجتماعية- الاقتصادية تحل محل التهديد الأمني لدى الرأي العام، في الوقتِ ذاته، تراجعت في سلم الأولويات الاهتمامات السياسية.الأمر المثير للاهتمام، أن هناك تنبؤات مختلفة للمستقبل اعتمادًا على قطاعِ السياسات. ورغم أن  بعض الباحثين يرون خطوات إيجابية، في مجال مكافحة التطرف، تجاه تبني نهجٍ أكثر اتساقًا وشمولية في الاتحاد، فإن آخرين يرون أنَّ “التعقيد المؤسسي ومشكلات التنسيق بين السياسات (بين البعد الخارجي لمجلس العدل والشؤون الداخلية JHA، والسياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي  CFSP، والعلاقات الاقتصادية الخارجية) لا تزال تشكِّل عراقيل قوية أمام القيام بدورها الخارجي في مكافحة الإرهاب”.وبالمثلِ، فإنهم يرون أيضا أنَّ العقبات العملية والسياسية أمام متطلبات التنسيق تستلزم نهجا شاملًا لتمويل عملياتِ مكافحة الإرهاب، على مستوى الاتحاد الأوروبي. ويظلُّ من غير المعروفِ ما إذا كانت دعواتُ البرلمان الأوروبي، لتبني نهجٍ شاملٍ يجمع استراتيجياتِ الأمن الخارجي والداخلي، ويعزِز آلياتِ التنسيقِ بين هياكل مجلس العدل والشؤون الداخلية، والوكالات الأوروبية، والدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية، ستحدثُ فارقًا في ضوء حجم التحديات القائمة..

إستراتيجيةُ الاتحاد الأوروبي الحالية لمكافحة الإرهاب

استراتيجيةُ الاتحاد الأوروبي الحالية لمكافحة الإرهاب، هي رد فعل لعودة “الجهاديين” إلى أراضي الاتحاد. تبنى مجلس الاتحاد الأوروبي استراتيجيةَ الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، تقوم هذه الاستراتيجية على أربعةِ محاور؛ هي: الوقاية، والحماية، والملاحقة، والاستجابة. ينفذ الاتحادُ الأوروبي سياساتٍ خاصة لكل محورٍ منها.عقب تنفيذ استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، تم اعتماد المادة الخاصة بالتضامن في ديسمبر 2017، بهدفِ إلزامِ الدول الأعضاء في الاتحاد بالتعاون، بل والالتزام بتقديم موارد عسكرية، في حالة وقوع هجومٍ إرهابي. وردًا على الهجوم الإرهابي الذي وقع في فرنسا، في شهر نوفمبر 2015. وشكل المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب فرقة عمل الأخوة (Taskforce Fraternité)، حيث تم تكليف 60 ضابطًا بإعدادِ تحليلٍ زمني كامل للهجوم. ضمّ تحليلًا تحقيقيًا لتفاصيل الهجوم، وتجميعًا للمعلومات الإستخبارية المالية الكاملة، وتحليلًا للاتصالات ذاتِ الصلة التي تمت عبر الإنترنت، وتحديدًا للثغرات الإستخباراتية، وتحليلها والانعكاسات المترتبة على سياسة مكافحة الإرهاب.وفي وقتٍ سابق من العام، كان اليوروبول قد أنشأ “وحدة لإحالة محتويات الإنترنت”، تابعة للاتحادِ الأوروبي (EU IRU)، في يوليو 2015. الغرض من هذه الوحدة هو مكافحةُ الإرهاب، والدعاية الإرهابية عبر الإنترنت.

الخلاصة

لقد نجحت دول أوروبا بالفعل من مراجعة سسياستها وقوانينها في مجال مكافحة الإرهاب، الأهم انها تجاوزت عقدة “آلية التعاون” بعيد عن الروتين، تركز في إيجاد منصات اليكترونية يمكن للأعضاء المشاركة في قاعدة البيانات والمعلومات الأساسية اي الاضافة او الحصول على البيانات.وبدون شك، تجاوزت ايضا دول أوروبا عقدة فضاء الشنغن، بإمكانية تبادل المعلومات وسرعة التعامل معها بسرعة، برصد ومتابعة تنقلات العناصر الخطرة، وتنفيذ عمليات وقائية بتفكيك خلايا الجماعات المتطرفة وإفشال مخططاتها.يبقى التطرف العنيف داخل أوروبا هو التحدي الاصعب الى دول اوروبا من الداخل، والذي يحتاج الى خبرات في مجالات علوم الاجتماع والنفس ومحاربة التطرف ونزع الايدلوجية المتطرفة، وهذا ربما مازالت تفتقده أوروبا.

التوصيات

ماتحتاجه دول أوروبا في هذه المرحلة ايجاد سياسات وقوانين ذات معايير أوروبية متقاربة بالتعامل مع المقاتلين الاجانب وعودتهم، وكذلك بتطبيق برامج اكثر فاعلية في مجال الوقاية من التطرف محليا. دول أوروبا ايضا معنية، بمحاربة الإرهاب والتطرف دوليا، وان لاينحصر دورها بالمقاتلين الاجانب.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا بعد الانسحاب الأمريكي

هارون ي. زيلين

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_على عكس ما تحمله تصريحات الرئيس ترامب على مدى نصف العام الماضي، فإن تنظيم «الدولة الإسلامية» لم يُهزم بعد بالكامل. صحيح أن التنظيم ليس قريباً بتاتاً من القدرة التي كان عليها في عام 2015، ولكنه يعيد بناء قوته باطراد ويحاول إخراج الآلاف من مناصريه من مراكز الاعتقال. وسيتيح الفراغ الناتج عن الانسحاب الأمريكي والغزو التركي مجالاً أكبر أمام هذه الجهود، بينما يضاعف المشكلة الأصلية المتمثلة في عدم رغبة الدول في التعامل مع مواطنيها الذين انضموا إلى تنظيم «داعش» وبقوا في سوريا. ومن أجل ألا يتذكر العالم على أن إدارة ترامب هي التي سمحت بعودة تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى الظهور وربما شنه هجمات جماعية في أوروبا أو في أي دولة أخرى، على الرئيس الأمريكي وحكومته اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ وإحياء العلاقة التي لا تزال قائمة مع «قوات سوريا الديمقراطية» – شريك واشنطن في محاربة التنظيم منذ فترة طويلة.

في خطاب وجهه في نيسان/أبريل 2007، أشاد أبو عمر البغدادي، زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق»، سلف تنظيم «داعش»، على حذق تنظيمه في “البقاء” حتى بعد معاناته من نكسات – ما شكّل مصدر الشعار الشهير لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» “باقية”. وفي رأيه، سمحت هذه السمة للتنظيم بترسيخ وطأة قدمه في مجتمع معين، واستعادة قوته، والنهوض مراراً وتكراراً للرد على أعدائه. وبالفعل، في حين أدّت “الصحوة” القبائلية السنّية اللاحقة وزيادة عدد القوات الأمريكية إلى مقتله وهزيمة التنظيم التكيتكية في العراق، فقد فهمت واشنطن وحلفاؤها في النهاية أن مثل هذه الانتصارات قد تكون مضللة. فعندما غادرت آخر القوات الأمريكية العراق في كانون الأول/ديسمبر 2011، لم يتصوّر الكثيرون أنها ستضطر إلى العودة إلى تلك البلاد بعد أقل من 3 سنوات، عند انبثاق التنظيم مجددَاً تحت اسم «الدولة الإسلامية» واحتلاله مناطق واسعة من العراق وسوريا. ورغم أن الخسائر العسكرية والإقليمية التي تكبّدتها الجماعة مؤخراً هي أوسع نطاقاً بكثير من تلك التي لحقت بها خلال العقد الماضي، إلا أن التجربتين متشابهتان نوعاً ما بالنسبة لأعضائها. وكان التنظيم قد وضع خطة للصمود رغم الخسائر في ذلك الوقت، ولديه الآن خطة أيضاً، وهي: أن يكون صبوراً ونبيهاً ويختار الفرص المناسبة لإعادة تأكيد نفسه.ولربما تتجسد هذه الذهنية بأفضل صورة في خطاب أدلى به المتحدث الراحل باسم تنظيم «الدولة الإسلامية» أبو محمد العدناني الذي كان يعدّ مناصري التنظيم للصمود في وجه هزيمة تكتيكية أخرى في أيار/مايو 2016 على أقرب تقدير – أي قبل ما يقرب من ثلاث سنوات من فقدان تنظيم «الدولة الإسلامية» آخر سيطرته على الأراضي في سوريا. وقد قال “النصر هو هزيمة الخصم”، ثم سأل المستمعين، “هل هُزِمنا عندما فقدنا المدن في العراق وكنا في الصحراء دون أي مدينة أو أرض؟ وهل سنُهزَم [إذا فقدنا] الموصل أو سرت أم الرقة؟ بالتأكيد لا! الهزيمة الحقيقية هي فقدان قوة الإرادة والرغبة في القتال”. وعلى الرغم من الفوارق المحلية والجيوسياسية بين الحالتين، لا يبدو أن إدارة ترامب ترى الديناميكيات الحالية في سوريا على حقيقتها: تكرار واضح لما حدث بين عامي 2011 و 2014. 

نشاط تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا منذ سقوط الباغوز

قبل فترة طويلة من خسارة تنظيم «داعش» للأراضي الأخيرة التي كانت تحت سيطرته في الباغوز، سوريا، اتخذ التنظيم تدابير فعالة لتعزيز هيكليته التنظيمية وتمكين نفسه كي يصمد كجماعة سرية إرهابية ومتمردة. وبخلاف ما حصل في الماضي عندما كان سيدير عملياته كمجموعة من “الولايات” داخل بلد معين، فقد سهّل التنظيم عملية صنع القرار وعملياته من خلال دمج كافة “ولاياته” السورية في كيان واحد يعرف باسم “ولاية الشام”.  ومن ناحية أخرى، شن التنظيم مجموعة من الهجمات المتمردة في مختلف الأراضي الخاضعة إما لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» أو نظام الأسد أو شبكة وكلاء إيران. ومن آذار/مارس إلى منتصف تشرين الأول/أكتوبر، يدّعي أنه نفذ مثل هذه الهجمات في عدة محافظات: 321 في دير الزور، 100 في الحسكة، 98 في الرقة، 32 في حمص، 9 في حلب، 8 في درعا، و 3 في دمشق .وتمشياً مع هذه العمليات، كانت الطليعة الأساسية من النساء الداعمات لتنظيم «الدولة الإسلامية» تحافظ على نشاط التنظيم داخل المخيمات التي تأوي الأسر التي غادرت الباغوز. وتتركز أبرز هؤلاء النساء الداعمات في الهول، وهو مخيم شمال شرق سوريا يسكنه 68000 نسمة. وهناك، يتمّ فصل الأجانب عن العراقيين والسوريين، وضِمِن هذا الملحق الأجنبي هناك قسم يحمل اسم “جبل الباغوز” حيث سعى أتباع التنظيم المؤمنون جداً بقضيته إلى الحفاظ على تطلعاته بالسيطرة على الأراضي والاستمرار بطرق حكمه الوحشية. وكما هو الحال مع الوحدات السابقة لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» مثل «لواء الخنساء»، تعمل هؤلاء النساء في المقام الأول كعضوات في دوريات الحسبة (أي الشرطة الأخلاقية). كما يديرون محكمة سرية من داخل خيامهم. وأدى هذا الاقتصاص غير القانوني إلى قتل العديد من النساء والأطفال خلال نصف العام الماضي. وفي الوقت نفسه، يقومون بتعليم الأطفال على أمل إنتاج جهاديين في المستقبل.وما يجعل الوضع في الهول والمخيمات السورية الأخرى أكثر إلحاحاً هو واقع أن الزعيم الحالي لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» أبو بكر البغدادي قد حثّ مقاتليه في منتصف أيلول/سبتمبر على تهريب مناصريه متى كان ذلك ممكناً – وهو سيناريو أصبح أكثر احتمالاً في أعقاب غزو ​​تركيا الأخير عبر الحدود. ومن أجل الدفاع عن مقاتليها وعائلاتها في وجه هذه العملية، أعادت الجماعات الكردية التي تقود «قوات سوريا الديمقراطية» توزيع بعض الموارد التي كانت تخصص عادةً لحماية المخيمات. وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر، أي بعد أيام قليلة من بدء التوغل [التركي]، غادر أكثر من 700 امرأة وطفل أجانب مخيم “عين عيسى” ما أن تمّ سحب الحراس منه؛ وأفادت بعض التقارير عن انضمام ثلاث من أولئك النساء، اللواتي أصلهن من فرنسا، من جديد إلى صفوف العملاء الناشطين لـ تنظيم «الدولة الإسلامية». ومن المرجح أن يستمر التنظيم في اختبار أمن مرافق الاحتجاز، ليس فقط في مخيمات النساء، ولكن في السجون التي تضم أعضاء من الذكور أيضاً.ويهدّد سحب الجنود الأمريكيين بدعم سردية تنظيم «الدولة الإسلامية» التي تسيّر هذه الاتجاهات، مما يعزّز قناعة مناصري الجماعة بأن ما يحدث هو “إرادة إلهية”. وحين كان التنظيم يخسر الباغوز في آذار/مارس، أعلن المتحدث باسمه أبو الحسن المهاجر أنه “بمشيئة الله، لا يزال أبناء الخلافة يثبتون أنهم الصخرة الصلبة والراسخة التي ستكسر تحالف الكفار … سوف يتقهقرون … بخزي وعار”. وقال ذلك في معرض شرحه بأن الخسارة كانت مجرد اختبار من الله للمساعدة على تطهير صفوف التنظيم: “النصر يأتي بالصبر، والراحة تأتي بعد المعاناة … وبالصبر يكون تحقيق الوعود”. إن قرار البيت الأبيض بالانسحاب [من شمال سوريا] لن يعزز هذا التصميم فحسب، بل يساعد أيضاً مجندي تنظيم «الدولة الإسلامية»، الذين يمكنهم الآن الإشارة إلى التطورات الأخيرة على أنها “دليل” على أن الله من ورائهم.   

تجنب أسوأ النتائج

من الصعب التنبؤ بمدى وسرعة عودة تنظيم «الدولة الإسلامية» بالنظر إلى الديناميات السريعة التغير على الأرض في شرق سوريا. ومع ذلك، فإن المعضلة الرئيسية واضحة أساساً: في ظل مغادرة القوات الأمريكية لمعظم مواقعها، ومع استمرار «قوات سوريا الديمقراطية» في انهماكها بالتوغل التركي، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: من سيواجه التمرد الناشط للغاية ويعيد تصميم الحملة التي كان تنظيم «الدولة الإسلامية» يشنّها منذ أشهر؟ لو كانت تركيا مستعدة للاضطلاع بهذا الدور، لكانت الولايات المتحدة قد ساعدتها على تحقيق ذلك قبل خمس سنوات – لكن بدلاً من ذلك، قررت واشنطن إقامة شراكة مع «قوات سوريا الديمقراطية» ذات القيادة الكردية وهو أمر تعتبره أنقرة مرفوضاً. وقد أطلق التوغل التركي الآن أحداثاً متعاقبة تساعد تنظيم «الدولة الإسلامية»، مما يشير أيضاً إلى أن أنقرة ليست جادة عندما تتعهد بمواجهة التنظيم.إذاً ما الدور الذي يمكن أن تلعبه الولايات المتحدة الآن بعد انسحابها؟ من جهة، يجب أن تحاول إنقاذ ما في وسعها من الحملات البرية والجوية التي شنتها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» عبر العراق والأردن. ويتمثل مبعث قلق أكبر في الموجودين في السجون والمخيمات داخل سوريا، لأنها تضم العديد من الغربيين. يتعيّن على الحكومة الأمريكية بذل المزيد من الجهود لتحديد من فروا من مخيم “عين عيسى”، مع التأكد في الوقت نفسه من عدم معاناة المنشآت الأخرى من أعطال أمنية مشابهة ولا تشهد عمليات فرار جماعية مماثلة.وتتطلب المهمة الأخيرة حلاً دولياً، والولايات المتحدة وحدها هي القادرة على توفير القيادة اللازمة لإقناع الدول الأوروبية والعربية بضرورة إعادة مواطنيها وعليها أن تعمد إما إلى مقاضاتهم أو إعادة تأهيلهم. ومن شأن هذا الجهد الجماعي أن يقلل من الموارد اللازمة لمواصلة إدارة السجون والمخيمات، وتخفيف الضغط على من يحرسها، ويحدّ من احتمال عودة العناصر الأكثر تطرفاً في تنظيم «الدولة الإسلامية» من أجل تجديد صفوف الجماعة. وعندها فقط يمكن لإدارة ترامب أن تتراجع عن خطأها القسري بسحب قواتها بطريقة فوضوية بعد أشهر فقط من تحقيق نصر عسكري تاريخي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».   

معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post خمسة وعشرون عاماً على السلام المنسي: السبل الكفيلة بحماية العلاقات بين إسرائيل والأردن وتعزيزها
Next post “نبع السلام ” و قراءة مستقبلية حول المأزق الأوروبى فى سوريا