“نبع السلام ” و قراءة مستقبلية حول المأزق الأوروبى فى سوريا

Read Time:6 Minute, 29 Second

شيماء عز العرب

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تشعر الدول الاوربية بالقلق إتجاه التحركات التركية فى سوريا حيث شهدت منطقة الشمال السورى في 09 أكتوبر 2019، قيام القوات التركية باستهداف المنطقة الشمالية التى يتمركز بداخلها الأكراد، والتى تقول أنقرة إنها لحماية أمنها القومى وإنشاء المنطقة الآمنة لعودة اللاجئين، فرغم تحذيرات من شركائه في حلف الناتو، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن، في وقت سابق عبر منبر الأمم المتحدة، عن قيامه بهذا التدخل ، إضافة إلى أن العلاقات الاوروبية التركية تشهد حالة من الخلافات والتذبذبات على خلفية عدة ملفات منها ملف الانضمام للاتحاد الأوروبي وملف المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين والتنقيب شرق المتوسط عن الغاز.ومن جانبه ذكر موقع ” العربية نت ” فى 10 من أكتوبر 2019 أن أدانت كل من فرنسا وبريطانيا وهولندا، فضلاً عن الاتحاد الأوروبي “نبع السلام “، محذرة من تداعياته على المنطقة، واستقرارها، فضلاً عن مساهمته في مفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد التي مزقتها الحرب.وحثَّ الاتحاد الأوروبي تركيا، على وقف “نبع السلام ” في شمال سوريا، قائلاً إنه يرفض خطط أنقرة لإقامة منطقة آمنة للاجئين، ولن يقدم أي مساعدات هناك. وقالت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وعددها 28 دولة، في بيان مشترك، 9 أكتوبر 2019، إن “الاتحاد الأوروبي يدعو تركيا لوقف العملية العسكرية التي تنفذها من جانب واحد.. فما يسمى بالمنطقة الآمنة في شمال شرقي سوريا، التي لن تفي على الأرجح بالمعايير الدولية لعودة اللاجئين”. وذلك وفقا لوكالة ” رويترز “.

المخاوف الأوروبية من “نبع السلام

  • موجة النزوح واللجوء الجديدة الناجمة عن القصف والعمليات العسكرية :  في وقت تبدو فيه القارة العجوز عاجزة عن استيعاب المزيد من الفارين من الحروب والأزمات. مخاوف أعرب عنها وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، والذي حذر من كارثة إنسانية أخرى، قد تسهم في موجة نزوح جديدة، خصوصا عقب إعلان الأمم المتحدة فرار 140 ألف شخص من مناطق المعارك شمالي شرق سوريا. وذلك وفقا لموقع سكاى نيوز فى 10 أكتوبر 2019 .

في الأثناء، تتوجه أنظار أوروبا إلى اتفاقية اللاجئين التي وقعتها في 2016 مع تركيا، آملة أن تشكل بر أمان لها، مع أنها تظل الورقة التي يبتز بها أردوغان دول القارة العجوز كلما أبدوا استياء من قراراتها، حيث يشهرها مهددا بفتح الأبواب أمام تدفق اللاجئين نحو أوروبا، وهذا أكثر ما تخشاه الأخيرة في ضوء تفاقم مشاكلها الاقتصادية ومخاوفها من تغير النمط المجتمعي.وذلك وفقا لما نقلته فرنس 24 فى 5 سبتمبر 2019 .ويلتزم الاوروبيون من جهة اخرى دفع ثلاثة مليارات يورو لتمويل مشاريع من اجل تأمين استقبال افضل للاجئين في تركيا في 2016 و2017 بالاضافة الى “تمويل اضافي” وبالقيمة نفسها على غرار العامين السابقين لكن بشروط. وذلك وفقا لما نقله موقع ” مونت كارلو ” فى 14 مارس 2018 .

  • زحف مقاتلي داعش إلى أوروبا : فقد تطرقت وسائل إعلام أوروبية فى 10 أكتوبر 2019 . إلى أن “نبع السلام ” قد يمنح “داعش” فرصة العودة من جديد. المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية، مصطفى بالي، حذر من أن الصمت الأوروبي سيؤدي إلى.ولم تخفِ أوروبا قلقها من تطور الأحداث، ودورها في فتح بؤرة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية مرة أخرى، لاسيما أن الآلاف من المقاتلين وأقاربهم محتجزين لدى قسد؛ إذ يبقى مصير 12 ألف مقاتل، بينهم 100 ألماني، غير واضح. في أثناء ذلك أعلنت تركيا عزمها إرسال هؤلاء المعتقلين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية، مما قد يشكل خطراً أمنياً داخلياً في الاتحاد الأوروبي.
  • إعادة إحياء لحزب العمال الكردستاني المحظور بألمانيا : وهذا ما أوضحه خروج مهاجرين ولاجئين أكراد في العديد من المدن الألمانية يطالبون بوقف العدوان شمالي سوريا، مما يفجر ذات المخاوف من تعبئة الحزب المحتملة لمناصريه، أملا في الضغط على الاتحاد الأوروبي لتوفير الحماية للأكراد في سوريا. نقلا عن موقع ” العربى الجديد ” فى 10 أكتوبر 2019 .

مواقف بعض الدول من “نبع السلام

أعلنت هولندا، وبريطانيا وفرنسا وألمانيا لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن؛ لمناقشة الأوضاع في سوريا فى 10 أكتوبر 2019، تبع ذلك اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج؛ لبحث أزمة التدخل التركي في شمال سوريا.وقبل انعقاد الاجتماع، أكد وزير خارجية هولندا ستيف بلوك من لوكسمبورج، أن بلاده أوقفت مبيعات الأسلحة إلى تركيا، مشيرًا إلى أنها تتطلع إلى رسالة أوروبية واضحة تجاه أنقرة، وأن كلًا من فرنسا وألمانيا أبلغتا تركيا بوقف تزويدها بالسلاح.اعتبرت فرنسا العمليات العسكرية التركية في سوريا تهديدًا لأمن أوروبا وذلك نقلا عن موقع روسيا اليوم فى 12اكتوبر 2019 ، وندد وزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان “بالعملية الأحادية التي أطلقتها تركيا في سوريا”، قائلا إنها “يجب أن تتوقف”.وأكد بيان مشترك من وزارتي الدفاع والخارجية الفرنسيتين فى 17 أكتوبر 2019 التعليق الفوري لكل مبيعات السلاح إلى تركيا، والتي يمكن أن تستخدمها في عملياتها العسكرية في سوريا. وذلك نقلا عن وكالة ” رويترز ” .أكد موقع ” سكاى نيوز ” فى 10 أكتوبر 2019 أن أمين عام حلف الناتو، ينس ستولتنبرغ حثّ تركيا على عدم التسبب في “مزيد من زعزعة استقرار المنطقة” عبر تحركاتها العسكرية في شمال سوريا.واستدعت الخارجية الهولندية وفق وزيرها ستيف بلوك، السفير التركي، لإدانة هجوم انقرة على القوات الكردية في شمال سوريا.وجاء الموقف البريطاني من خلال وزير خارجيتها، دومينيك راب، الذي قال إن لديه “مخاوف بالغة” بشأن الهجوم التركي على شمال شرق سوريا، وتابع قائلا في بيان “المخاطر تتضمن زعزعة استقرار المنطقة، وتفاقم المعاناة الإنسانية، وتقويض التقدم الذي أُحرز في مواجهة داعش، وهو ما يتعين أن نركز جميعا عليه”.

إمكانية تدخل أوروبا في سوريا لسد الفراغ الأميركي

ذكر الباحث جاسم محمد مدير المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب بألمانيا،وهولندا أن المؤشرات الحالية على أرض الواقع فى سوريا وأوروبا تعكس أن هناك استبعاد لأن تسد أوروبا الفرغ الأمريكى العسكرى على الأراضى السورية وإستمرارها فى تقديم الدعم اللوجستى لها مما يترتب عليه عودة داعش فى سوريا بل والعراق وتتمثل هذه المؤشرات وفقا لما سرده الباحث فيما يلى:

عامل الوقت: العمليات العسكرية للجيش التركي جاءت سريعة، والانسحاب الأمريكي كان صدمة لدول أوروبا، رغم ان دول أوروبا كانت تتوقع ذلك، لكنها لم تتوقع أن تترك قوات سوريا الديمقراطية أمام تركيا بهذه الطريقة. الانسحاب الأمريكي أيضا يترك قوات “قسد” هدف سهل لتنظيم داعش وللتنظيمات المتطرفة.

 ضعف أوروبا: إن أوروبا الآن تعيش أضعف حالاتها، بسبب قضية “البريكست” بريطانيا، يمكن تحييدها عسكريا بسبب ما تعانيه من مشاكل سياسية وانشغالها قي قضايا تهم أمنها القومي أكثر من التدخل العسكري في سوريا، وإن تدخلت بريطانيا، فسوف تتحدد بضربات جوية.

فرنسا: قدمت فرنسا الكثير من الوعود لقوات قسد، حيث وعدتها في وقت سابق بالدعم وعدم التخلي، ورغم القدرات العسكرية الفرنسية، فإنها تفتقد إلى القوة العسكرية على الأرض، ولا يمكنها الدخول في سباق مع الجيش التركي الذي حسم عامل الوقت لصالحه.

ألمانيا: القوة العسكرية الألمانية في سوريا، تتحدد في الدعم اللوجستي، وتأمين وقود الطائرات لقوات التحالف الدولي ضد داعش.

الرهان على الخيار السياسي: إن دول أوروبا لا تبحث عن الخيار العسكري، في دول المنطقة ومناطق النزاع خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وكأنها أصبحت قاعدة أبرزها إلى ألمانيا رغم أن بعض دول أوروبا لديها من يقاتل بالوكالة في مناطق النزاع ضمن مبدأ “الجيل الرابع والخامس من الحروب الهجينة”، وهذا يعني: لا قوات أوروبية على الأرض.

الخلاصة

استغلت تركيا الفراغ الأمريكى وتقلص دور التحالف الدولى على الاراضى السورية وضعف الدعم العسكرى الاوروبى وتوقفه عند حد الدعم اللوجسيتى وقليلة من الضربات الجوية وقامت بعملية “نبع السلام” التى تعد من شأنها فرصة تتيح للتيارات الإرهابية إعادة بناء نفسها مرة أخرى ، وخاصة أنه لا توجد مؤشرات على إمكانية حسم هذه المعركة بعد ، بل وأصبحت دول أوروبا فى مأزق عسكرى فى ظل الانسحاب الأمريكى و إمكانياتها العسكرية المتواضعة وانشغال بعضها بمشاكلها السياسية الداخلية وهذا وضعها أمام خيارين  فإما أن تختار مساومة تركيا ماليا، بتنفيذ التزاماتها تجاه أنقرة بموجب اتفاقية اللاجئين، واستغلال تدهور الليرة التركية، وإما بخلق جبهة دولية مناوئة لتركيا تعمل على الضغط باتجاه جعل العدوان على الشمال السوري محدودا للغاية.

التوصيات

من الواضح أن تركيا تستخدم ملف اللاجئين كورقة ضغط على اوروبا فى مختلف المواقف لذا لابد أن تعمل الدول الأوروبية على معالجة هذا الملف حتى لا يكون ثغرة أمنية يتحرك من خلالها انصار حزب العمال الكردستاني داخل ألمانيا وغيرها مع تخفيض التعامل الدبلوماسي مع تركيا والتنديد بالعملية العسكرية ورفضها، والتهديد بفرض عقوبات اقتصادية ورفض إعطاء غطاء جوي من حلف الناتو في المنطقة.أما تركيا فعليها الالتزام ببنود الاتفاقية التى وضعتها واشنطن لوقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا وتعليق العملية العسكرية التركية خلال 5 أيام، فبمجرد إيقاف عملية “نبع السلام” تُرفع العقوبات الحالية على تركيا وفقا لماجاء فى الاتفاقية

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post الاتحاد الأوروبي … الآفاق المستقبلية للتعاون الأمني
Next post الاحتجاجات المجتمعية في المنطقة العربية والحاجة إلى إعمال العقل والتدبر