جهود دولية و إقليمية في إعادة تأهيل “أطفال الخلافة”
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_ يعيش الأطفال والنساء من عناصر تنظيم “داعش” في سوريا حالة مأساويه، بعدما وصل نحو (23) ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال الفارين من الأعمال القتالية في محافظة دير الزور” إلى مخيم الهول الذي يقع شمال شرق سوريا. حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة في 31 يناير 2019 ، أن (29) طفلا ورضيعا على الأقل لقوا حتفهم خلال شهرين بسبب البرد القارس، أثناء توجههم إلى المخيم أو بعد وصولهم بوقت قصير.ففي 4 إبريل 2019 وصل عدد المحتجزين من النساء والأطفال الأجانب المرتبطين بمقاتلي “داعش” في قسم منفصل من المخيم نحو( 10 )آلاف شخص لذلك تسعي عديد من المراكز والمنظمات المحلية والدولية لتأهيل هؤلاء الأطفال والنساء في سوريا.
عديد الأطفال والنساء في سوريا والعراق
أفادت دراسة للمركز الدولي لدراسات التطرف في جامعة “كينجز كوليدج” في لندن في 1 يوليو 2019 ، أن هناك على الأراضي السورية والعراقية، نحو( 41) ألف مواطن أجنبي من ( 80) دولة، هؤلاء تركوا وراءهم (4640)ولداً أقل عمراً من 17 عاماً، و(760 )طفلاً ولدوا ما بين سوريا والعراق، وتشكل النساء نسبة ( 13 %) من المنتسبين إلى “داعش”، ويشكل( 4 %) فقط من العائدين إلى بلادهم اعتباراً من يونيو 2018. والشاهد أن هؤلاء الأطفال يواجهون رفضاً مضاعفاً، ، وهم يواجهون تحديات قانونية ولوجيستية وسياسية هائلة في الحصول على الخدمات الأساسية أو العودة إلى بلدانهم الأصلية. ويصف “بيتر نيومان” مدير المركز وضع عوائل الدواعش والأطفال منهم على نحو خاص بالقول: “إنهم ضحايا الوضع لأنهم خالفوا إرادتهم، لكن هذا لا يعني أنهم في بعض الحالات يكونوا على الأقل مصدر خطر”.
دور الأمم المتحدة فى تأهيل ” أطفال الخلافة “
طالبت “ميشيل باشليه” مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 24 يونيو 2019 الدول المعنية باستعادة أفراد عائلات المقاتلين الأجانب الذين قتلوا أو اعتقلوا في سوريا والعراق، مشيرة إلى وجود( 29) ألفا من أبناء المقاتلين الأجانب لا يزالون معتقلين، معظمهم دون سن الـ12، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عنها.صرح “برتراند باينفيل” ممثل اليونيسيف الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 5 مارس 2019 ، إن الوكالة الأممية تعمل على ضمان إعادة تأهيل أطفال الخلافة الذين تربطهم صلات بتنظيم “داعش”. وأنه سيتم منحهم الفرصة للاندماج مع المجتمعات، من بينها مجتمعات آبائهم.حيث يدعم اليونيسيف مع مجموعة من الشركاء من الدول الأخرى مشروعات لتأهيل الأطفال،وذلك بطريقة هادئة حتى لا تزيد الوصمة الملازمة لهذه المجموعة من الأطفال.
دور الصليب الأحمر فى تأهيل ” أطفال الخلافة “
نوه “بيتر ماورير” رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في 4 إبريل 2019 ، إن منظمته تريد أن يُسمح للمئات من أطفال مقاتلي تنظيم “داعش” الأجانب في سوريا بالعودة إلى بلادهم وربما إعادتهم إلى أحضان عائلاتهم . وأضاف أنه ما إن يتم التثبّت من هوية الأطفال سيبلّغ الصليب الأحمر الحكومات للبحث عن عائلات لهم في البلاد، ولكنه اشتكى من قلة اهتمام الحكومات.
دور ألمانيا فى تأهيل ” أطفال الخلافة “
تفترض الاستخبارات الألمانية أن أطفال ونساء “داعش” الألمان لم يشاركوا بشكل عام، في الأعمال القتالية في سوريا، وهي معطيات تم استنتاجها من خلال ملفات( 110 ) جهادي عادوا إلى ألمانيا.ولكن عدم المشاركة في القتال لا يعني انعدام المخاطر، فالخبراء الألمان حذروا من ظهور جيل كامل من الجهاديين. لأن الأطفال ضحية غسيل دماغ أيديولوجي، لذلك لا يجب أن يتحولوا إلى جهاديين. طالب “هيربرت رويل” وزير داخلية ولاية شمال الراين ويستفاليا، غربي ألمانيا، في 21 فبراير 2019 ، ببرنامج خاص لإعادة تأهيل الأطفال والمراهقين المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية شمالي سوريا، بعد عودتهم للبلاد. وأكد “إعادة هؤلاء الأطفال إلى الحياة الطبيعية وإعادة تأهيلهم يتطلب درجة عالية من الاحترافية، ولا بد من وضع برنامج خاص للتعامل مع هذه الحالات”.حيث يبلغ عددهم نحو( 80 )طفلا.
مراكز لتأهيل الأطفال والعائلات داخل سوريا
يجري عملية إعادة تأهيل مجموعة من الأطفال وفقا ً لـ”سكاي نيوز” في 11 فبراير 2019 في مركز يقع على الحدود السورية العراقية. كان تنظيم “داعش” قد جنّدهم عنوة، وزج بهم في ساحات القتال مطلقا عليهم اسم “أشبال الخلافة” المزعومة ، بعد ما عمل على غسل عقولهم، ، ويخضع المركز لحراسة أمنية مشددة. ففي سوريا أكثر من( 1200) طفل انتموا إلى “أشبال الخلافة” خلال عام 2015. وفي الموصل، بلغت أعدادهم(900 )طفل.ويقول المدير المشارك للمركز لـ”سكاي نيوز” بأن الأطفال الموجودين في المركز قبض عليهم جيمعا وهم يرتدون أحزمة ناسفة أو يحملون أسلحة في وسط مناطق القتال، مضيفا أن بعضهم حاول أن يفجر نفسه في الجنود الذين سارعوا إلى إنقاذهم. ويساعد المركز الأطفال في العودة إلى الحياة الطبيعية عبر تلقي الدروس وتقديم الدعم النفسي، في خطوة ترمي إلى إخراجهم من حالتهم المأسوية . وبالفعل يتحسن العديد من الأطفال. ومن بين هؤلاء “حميد” لا يعرف كم عمره فيقول: “عندما كنت في منطقة داعش اعتدت أن أرى الكثير من الناس الذين بترت أذرعهم وساقيهم من قبل داعش، وكانت هناك الكثير من الدماء”.حيث عاني من الكوابيس المؤذية بالبداية ، لكنه يتحسن ببطء”.بالإضافة لوجود مركز “هوري لحماية الأطفال وتعليمهم”،الذي أسس في 1 مارس 2017 في الجنوب الشرقي من مدينة “القامشلي” في سورية،داخل قرية “تل معروف” وسط بيئة قروية كردية. وهو عبارة عن سجن للأحداث وإصلاحية تعتمد منهجية التأهيل وسط حراسة أمنية عادية.حيث أحتضن أكثر من (275 ) معتقلاً من أشبال الخلافة غالبيتهم من السوريين ومن ثم العراقيين وأعداد أقل من الأجانب من دول مختلفة من آسيا الوسطى. وأطلق سراح معظمهم بعد إتمامهم فترة تأهيلهم ومحكومتيهم واستلمتهم عائلاتهم أو القبائل التي ينتمون إليها بكافلات قانونية. ويصل عددهم في يونيو 2019 نحو (75) طفل. كما يستقبل الإداريون والمدرسون الأطفال ويعلمونهم قوانين وأصول التعامل ، ويعملون علي تغيير أفكارهم وتعليمهم مناهضة التطرّف وحبّ العائلة والناس.ويتلقي الأطفال دروساً لمواد تعليمية متعددة في الأخلاق والأدب والعلوم والتاريخ والجغرافيا ودروس دينية صحيحة وحتى اللغة الكردية. ويسمح مركز هوري لذوي أطفال داعش بزيارتهم يوم السبت فقط، ويؤمن لهم خدمة التواصل مع ذويهم يومين في الأسبوع عبر اتصال هاتفي.
برامج وتمويلات مخصصه لتأهيل الأطفال
رأت هيئة بحثية أمنية،وفقا ً لـ”الشرق الأوسط” في 3 يوليو 2018 ، أنه على المجتمع الدولي توفير برامج إعادة تأهيل أفضل تصميماً وتمويلاً للجنود الأطفال. فتقول” ميا بلوم”، الخبيرة في شؤون الإرهاب والشرق الأوسط، في تقرير سنوي حول الصراع المسلح أصدره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن عملية إعادة دمج الجنود الأطفال سوف تطلب “مستوى من التنسيق والابتكار لم نشهده في أي برنامج حتى الآن”. حيث انخفض التمويل المخصص للجنود الأطفال، من( 27 )مليون دولار عام 2010 إلى( 6.5 ) مليون دولار عام 2016.
الخلاصه
باتت قضية عوائل الدواعش من الأطفال تمثل قنبلة موقوتة تكاد تنفجر في وجه الجميع، مهددة أمن وسلام واستقرار العالم عامة، والمجتمع الأوروبي على نحو خاص إذا لم تبذل العديد من الجهود المحلية والدوليه لتأهيل الأطفال.حيث يواجهون تحديات هائلة في الحصول على الخدمات الأساسية أو العودة إلى بلدانهم الأصلية.لذلك تطالب الأمم المتحدة والصليب الأحمر واليونيسيف بعودة هؤلاء الأطفال إلي بلادهم والتعاون في عمل برامج لتأهيلهم.مما لاشك فيه أن الأطفال هم الأطفال، ولكن مشكلتهم الصورة الذهنية المشوه المرسومة في رؤوسهم لا تنزع بسهوله.فمن المحتمل أن يتظاهر الأطفال بتفاعلهم مع مدرسيهم وزملائهم،وأن سلوكهم تغير ولكن هذا ليس حقيقة. مما يؤكد علي أهمية وجود مشرفين ودكاترة نفسين والجلوس معهم باستمرار، فليس مستبعدا أنه تم تدريب هؤلاء الأطفال من قبل “داعش”علي كيفية خداع من يتعاملون معهم فكريا واستخدام لغة الجسد بطريقه متقنه.لذلك لابد من الاهتمام بإدماج هؤلاء الأطفال وأمهاتهم الذين قد يكونوا شاركوا في أعمال عنف بصبر ولكن أيضاً بحزم، ومتابعتهم النفسية بعد تعافيهم وخروجهم من مراكز التأهيل.ومن الممكن أن نعطي لهم مهام قيادية داخل مؤسسات المجتمع والأندية لاستغلال قدراتهم بصورة أفضل، مع مراقبتهم من المختصين.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات