هل الدين أفيوناً حقيقياً للشعوب يُقلِلُ من اهميةً الثورات ..


عصام محمد جميل مروة

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_أطلق الفيلسوف الألماني اليهودي الدين والأوروبي الأصل والإنجليزي الشهرة قولاً او نظرية ما تزال أصدائها سائدة لكنها في أيامها احدثت وأوقعت رنيناً لها اصداءً طالت اصقاع العالم المسكون قاطبةً.شرقاً وغرباً جنوباً وشمالاً .قبل وبعد التقسيم والترقيع للكرة الارضيّة جغرافياً وسياسيًا واقتصاديًا .
في الواقع لم يكن كارل ماركس اول من وضع نظرية وقول ان الاديان او الكنائس منها تنبع أصول الشر والانحطاط للشعوب المغلوبة عن تحديد هويتها ومستقبلها المدنى والسياسي لكى تنال تنظيم حياتها والتكيف مع كل حديث وجديد قد يطرأ على كافة الأصعدة .خصوصاً في عصر النهضة او ما أُتفق على تسميتهِ بعد الثورات المتعددة في اوروبا .وإن كانت الثورة الفرنسية هي اولى من حددت عناصر الحاجة للإنسان العصري في رفع شعاراتها الثلاثية المتوازية.””الاخاء والحرية والعدالة””
كما صار معلوماً قبل ذلك الانقلاب السحري على الكنيسة الكاثوليكية والرومانية النشوء والمنبع في عواصم القرار آنذاك روما وباريس ولندن .لكن المعانات الفائقة التصور في المجتمعات تلك من ظلم الكنيسة ظهر القائد والثائر والإنسان “مارتن لوثر” في وجه الكنيسة وحملها مسؤولية التطاول والسرقة والاحتكار لموارد الفرد و وضع ضرائب لا قدرة للإنسان الجائع على تحمل تلك المعانات المفروضة من قبل الذين يبيتون في ردهات وصالونات الكنيسة الدافئة والتنعم بما يُسلبُ من الناس الفقراء والضعفاء وقليلي الحيلة وعجزهم عن رفضهم قوة الامر الواقع!؟
حتى ذُاع صيت شِراء الذمم ما بعد الموت وشاعت نظرية حجز المقاعد في جنة الفردوس حسب “صكوك الغفران ” التي نظمها اتباع القساوسة آنذاك بتغطية وحماية اعلى سلطة في اوروبا والكنيسة حيث صرح البابا الحبر الأعظم للكنيسة عن فتح أبواب الجنة والسماء لمن يدفع أموالًا ولكل واهب للضريبة ،”ثمة هناك موقع من السلطة المخولة لمهر الوثائق العابرة نحو السماء بعد الموت”!؟
لكن القرابين تلك كانت كنوزها تتجمع في خزائن الكنائس التي لم تطل طويلاً بعد ثورة الاعتراض التي قادها مارتن لوثر وغدّت تحمل اسم البروتستانتية في أيامها مما دفع المجتمع بعد سنوات “1540-1850” ان تثور الشعوب على أصول واحتكارات الدين والمذاهب المتلاعبة في رصيد وإنتاج الناس والهيمنة الغير مبررة للكنيسة من ينابيع ومواقع الدين الإلهي الذي لَهُ السلطة ولحكم ومن يعترض على ذلك سوف يكون مصيرهُ القتل والسحل والإعدام والشنق وكانت الثورات المتتالية في مابعد عصر النهضة خطوةً إيجابية في الانقلاب اولاً على الكنيسة وثانياً على المماليك في وقتها التي كانت تتعامل في الشراكة من اجل مصالحها وتغطية الأخطاء وتبادل الحصص التي كانت تُجًبىّ عنوةً من الشارع.حتى الثورة الأهلية الامريكية لم يكن العامل الديني غائباً عن انطلاقتها واندلاعها حسب ما كُتِبّ لاحقاً عن فرض الدين المسيحي على السكان الأصليين للمناطق والولايات المأهولة من الهنود الحمر والإثنيات الاخرى .كان محاربتها مندلعاً تحت غطاء المسيحية ونبذ الأديان الاخرى وطردها والعمل على إحلال الكنيسة مكان اي مركز او معبد ديني اخر.كما هناك رأينا الثورات والحروب الأهلية في اسبانيا وفي مستعمراتها .
في جنوب امريكا كان التطاحن العنيف هو الأساس عندما تدخلت الكنيسة في حل النزاع المسلح العسكري الذي ادى الى زهق مئات الألاف من الارواح البريئة تحت مسميات العنف الديني .وكان ذلك واضحاً في ادبيات الأديب والروائي الرائع “غابرييل ماركيز” والشاعر والناقد والماركسي الكبير “بابلو نيرودا ” كتبوا عن ثوراتهم ورفاقهم وأصدقائهم وعن متاهات الحروب العفنة القذرة التي غيبت العقل والشفقة معًا وسادت حينها عمليات غسل الأدمغة واستغلال الكنيسة الفقراء تحت اعتاب الصليب.مع مرور الزمن الغابر وظهور وبلوغ نظرية “الدين أفيون الشعوب” خارج المناطق والبلاد الأوروبية والغربية إذا ما اتفقنا على ان الصراع أيامها كان بين “الكنيسة ورعيتها وبين الرأسمال والطبقة الفقيرة ” . فكيف لنا الان بعد اندلاع الثورات الأكثر تعلقاً. بالأديان وهنا نصل الى عقدة “الإسلام ” التي حددت مصير الفرد “الرضوخ الى تعاليم ووصايا القرآن”.لكن لدينا تجارب عنيفة في العالم العربي عن الدين وإتباعه عن الثورات وتدخل العمائم في مسارات الثورات المتتالية التي تفجرت منذ مطلع القرن التاسع عشر مرورًا بالقرن العشرين الذي تمتُ زوال الامبراطورية العثمانية أثنائها حيث تجسدت المطالبة الانسانية في الاحترام الكامل للفرد المسلم .لكن هناك من يعتقد ويرا النظريات المختلفة في الايدولوجيا ان الدين والمذهب والطائفة هو الأساس في ادبيات الناس بعيدا عن كل ما يشوب ويُشوّه الحياة الهادئة .ان الدين أفيون الشعوب هذا ينطبق على الشعوب العربية بعد ربيع دام اكثر من عقد من الزمن “2010-2019”.الى اليوم سقطت انظمةً كثيرة وتبدلت ملامح النظرية لكنها الشعوب الى اللحظة تقع في اخطاء الفراغ الديني والمذهبي المزروع في الناس .لكننا عندما نقترب من تحقيق تغييراً في حِراك لبنان على سبيل المثال وليس الحصر تخرج القوى السياسية الممزوجة والمتغطرسة والمنغرسة من رأسها حتى أخمص قدميها في الطائفية المقيتة والبغيضة التي تتسلح بالدين ضد العلمانية والمدنية فلذلك ترى أن الاعتداء على الكيانات للدولة التي تظللهم يكون ذلك مضيعاً للوقت بلا فائدة.كما اثبتت الثورة والانتفاضة العراقية الفريدة والمجيدة بعد مرور اكثر من ثلاثة اشهر على اندلاع شرارتها ها هي الميادين والساحات بعد سقوط الشهداء والجرحى والمعتقلين تتجدد يوما بعد يوم برغم خروج “العمائم السوداء “. في تهديداتها المعهودة واتهاماتها العدائية للحراك بالتخريب والخروج عن المألوف.سوف تبقى حناجر الثوار الجدد من الشباب والصبايا تدك اذان الذين يعتبرون الحركات المدنية تُشكلُ خطراً على الدين ومنظريه في الجوامع والمساجد والحسينيات.النتيجة واحدةُ هناك وهنا في تونس في ليبيا وفي الجزائر وفي المغرب وفي لبنان وفي العراق وفي سوريا وفي فلسطين وفي مصر وفي البحرين . بعيداً عن النظرية للتطور الحديث للإنسان تبقى العلاقة واضحة ما بين الدين والمجتمع وما بين الطبقة المفروزة التي لها أساس ناتج من منطلق ديني واضح!؟الدين ليس افيوناً للشعوب فحسب بل هو هاجس يقف في وجه العقلنة والتروى عند كل خطوةً تغييرية في مجتمعاتنا .كما ان الأفكار الماركسية اللينينية التي سادت مطلع القرن المنصرم جعلت من الثورات متهمة وخارجة عن الدين وتتحكم بها أدوات ملحدة او لا تعترف بعمليات ادوار غير “مادية ” يعني ذلك كانت نظرية الدين أفيون الشعوب تأخذ مكانها منذُ بداية الإنسان .لذلك كانت الثورات في فرنسا وفي روسيا الاتحاد السوفياتي لاحقاً وفي كوبا وفي فيتنام وفي الصين وفي الهند وفي امريكا قد تم التخلي عن الدين الى فترة معينة ومميزة في رفع شعار فصل الدين عن الدولة ومحاصرة الكنيسة ونشاطها بعيدا عن حركة المجتمع اليومية .

الحوار المتمدن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post زيادة الأجور في هولندا
Next post وزير العدل الهولندي: جهد ممتاز بذلته شرطة دبي في اعتقال زعيم «ملائكة الموت»