ردًا على العقوبات الأميركية ضد قادة الميليشيات، عبد المهدي والأحزاب تعطي الإذن بالإسراع بتصفية ثوار تشرين.
سمير حنا خمورو
شبكة المدار الإعلامية الأوربية …_بعد فشل السلطة العراقية، ومعها الميلشيات المسلحة
في إنهاء الاحتجاجات والاعتصامات في العديد من المحافظات رغم استخدامهم كل أساليب
البطش، من قنص والخطف، والاعتقالات والتعذيب، وكل هذا موثق بالصوت والصورة وفي
الصحف والمواقع الصحفية، ومنظمات دولية معنية بحقوق الإنسان مثل “هيومن رايتس
ووتش”، و”منظمة العفو الدولية”، ولا توجد وسيلة إعلامية عربية أو
غربية لم تتناول ما يحدث في العراق من حملة قمع مروعة تهدف لقتل وترهيب واعتقال
الناشطين السلميين، مع التأكيد على أن المتظاهرين لا يرفعون بوجه قوات السلطة غير
العلم العراقي والمطالبة بوطن، وليس وراءهم حزب أو جهة داخلية أو خارجية وهذا ما أثار
استغرابهم من اطلاعي على الصحافة والقنوات التلفزيونية الغربية. وبالرغم أنهم
تجاهلوا في البداية ثورة الشباب العراقي بوجه الظلم والفساد والعمالة لإيران، ولكن
استمرارها بقوة وثبات أرغمهم على التحدث عنها بل وحتى الإعجاب بها. فمنذ انطلاقتها
المباركة في الأول من تشرين/أكتوبر، سجلت الانتفاضة، نقلة نوعية ووعي ولوحت
بالهوية العراقية نابذة الطائفية، أنها انتفاضة عابرة للأديان والمذاهب والإثنيات،
وكلما زاد إصرار المنتفضين على تحقيقين مطالبهم العادلة، كلما زادت أحزاب السلطة الإسلامية
والميليشيات المسلحة التابعة لها في مجابهة هذا الحراك الوطني بمختلف الأسلحة،
والتآمر مع الجارة إيران عبر قائد فيلق القدس. ارتكبوا مجازر في كربلاء والنجف
والناصرية والعمارة راح ضحيتها المئات من الشباب وآلاف من الجرحى والمعوقين.ومع كل هذا زاد اعدد المتظاهرين وعندما شاهدوا أن
المتظاهرين متمسكين بالسلمية، فجأة قررت الميليشيات والأحزاب تسيير تظاهرات مضادة
ومناوئة، إلى ساحة التحرير، لاستفزاز المتظاهرين، وهي خطة مشابهة للخطة التي
استخدمها الحرس الثوري الإيراني بإخراج مظاهرات في العديد من المدن الإيرانية
للتنديد بالمتظاهرين السلميين، ومهاجمتهم وإثارة الرعب، واتهامهم بأنهم عملاء
مدفوعين من قبل دول خارجية، وفي الصباح دخلت إلى نفق التحرير مجاميع تابعين للحشد
الشعبي، وأخرى تابعة لحزب الدعوة والمجلس الأعلى وبدر، والحكمة، حاملين الأعلام
الخاص بكل فصيل بالإضافة إلى صور السيستاني. وفي المساء قاموا بطعن 11 شابًا بآلات
حادة، وسكاكين، وباءت هذه الخطة بالفشل.
وفي مساء اليوم التالي 6
تشرين الثاني/نوفمبر قُطع التيار الكهربائي عن ساحة الوثبة والخلاني وتحت جنح
الظلام، دخلت أعداد من المركبات البيضاء اللون فيها عنصر من ميلشيا عصائب أهل الحق
والخرساني، وحزب الله، (في حين ان وزارة الداخلية أطلقت عليها ميليشا مجهولة
الهوية)، بزي موحد، وفتحوا النيران بشكل عشوائي من بنادق “كلاشنيكوف” (AK-47) ومدافع رشاشة من طراز “بي كي”(PK) على المتواجدين، وكانوا قد أرسلوا قبل يوم عناصرهم
للدخول إلى كراج السنك، بحجة أنهم متظاهرين وقاموا بارتكاب جرائم شنيعة، وإطلاق
النار على الشباب، وإشعال النار في المرأب المكون من خمسة طوابق الذي يقع قبالة
ساحة الخلاني، والذي شغلوه المعتصمين منذ 16تشرين الثاني/نوفمبر وقاموا بإلقاء
الشباب من فوق بناية الكراج، حتى بعض الفتيات المسعفات لم يسلمن منهم فقد اعتدوا
عليهن. والغريب والمثير للتساؤلات اختفاء القوات الأمنية فجأة وتركوا القتلة
يتحركون بكل حرية لساعات وقبل أن ينسحبوا القوا القبض على العشرات من المتظاهرين
وأخذوهم معهم إلى أماكن مجهولة، وكانت حصيلة تلك الليلة 22 شهيدًا، وأعداد كثيرة
من الجرحى. واعتبرت منظمة العفو الدولية أن “الهجوم كان جيد التنسيق” من
قبل “رجال مدججين بالسلاح في قافلة طويلة من المركبات وهذا يطرح “تساؤلات
جدية حول كيفية تمكنهم من عبور نقاط التفتيش في بغداد وارتكاب مثل هذه
المذبحة”. وقد صرح مصدر طبي أنهم قتلوا بالرصاص والطعن بالسكاكين 29 شابا على
الأقل، وجرحوا ما لا يقل عن 137 شخصا آخر، بالرصاص والطعن بالسكاكين.وعندما وجدوا أن كل تلك الوسائل لإنهاء التظاهرات
والاحتجاجات باءت بالفشل، فانتقلوا إلى التوسع في عمليات الاختطاف والاغتيال بمسدس
كاتم الصوت لإخافة وترهيب النشطاء، ومن تلك الجرائم الجبانة اغتيال فاهم الطائي
(53 عاماً)، وهو ناشط بارز شارك في التظاهرات المناوئة للحكومة منذ أيامها الأولى،
اغتيل برصاص مجهولين على دراجة كهربائية في وقت متأخر من ليل الأحد/ الاثنين 9
كانون الأول/ ديسمبر في مدينة كربلاء، وإصابة إيهاب جواد الوزني، وفي اليوم التالي
10 كانون الأول، اغتيل الشاعر “علي اللامي”. وبعد ثلاثة أيام تم اختطاف
واغتيال الصحفي سامي شكارة، الذي يعمل بفضائية الحرة والناشط سيف راضي وألقيت
جثثهم على طريق شرقي القناة.وأمام صمت المسؤولين الأمنيين والحكومة، والأحزاب
تجاه جرائم الخطف والاغتيالات، لا يشك الثوار بان الخاطف والقاتل المجهول، معلوم
لدى ساحات الاعتصامات والرأي العام العالمي وهو تابع لميليشيات الأحزاب الإسلامية،
والمثير للاستغراب، ما أن أعلنت وزارة الخزانة الأميركية يوم الجمعة 6 كانون
الأول/ديسمبر فرض عقوبات على أربعة عراقيين بينهم ثلاثة من قادة الميليشيات
المرتبطة بإيران، بتهمة انتهاك حقوق الإنسان وقتل المتظاهرين، بالإضافة إلى ضلوعهم
بقضايا فساد، والأربعة الذين طالتهم العقوبات هم زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس
الخزعلي وشقيقه ليث الخزعلي، ومدير أمن الحشد الشعبي حسين فالح المعروف باسم أبو
زينب اللامي، وزعيم تحالف المحور الوطني في البرلمان العراقي خميس فرحان الخنجر. أسرع
رئيس الوزراء المقال عادل عبد المهدي لإصدار بيان يوم الأحد، يدافع عن القتلة
والفاسدين ومما جاء فيه “رفضنا واستنكرنا إدراج أسماء قادة وشخصيات عراقية
معروفة لها تاريخها ودورها السياسي ! … كذلك نرفض ونستنكر اهانة إعلام وصور
زعماء لبلدان لنا معها علاقات واتفاقات”، وكأنه بذلك أعطى الضوء الأخضر
للميليشيات بتكثيف عملية الاغتيالات ضد المتظاهرين، ولَم تمرّ إلا ساعات قليلة وفي
نفس اليوم، الأحد 15 كانون الأول، أعلن عن اغتيال المتظاهر الشاب (محمد جاسم
الدجيلي) في شارع فلسطين وهو خريج كلية ومن سكنة حي الإعلام في بغداد. كما أن
مسلحين مجهولين أقدموا على اغتيال الناشط المدني(حقي إسماعيل العزاوي) بينما كان
يستقل دراجته في منطقة الشعب شمالي العاصمة بغداد. وامتدت عمليات قتل الناشطين الى
مدينة اسطنبول التركية حيث أكدت “اللجنة المنظمة لمظاهرات ثورة تشرين”
اغتيال الناشطه المحامية (سجى عبد الكريم الراوي) بعد خروجها من السفارة
العراقيّة، وتعرض الناشطين (علي حمزة المدني) من سكنة محافظة بغداد والناشط المدني
(ثائر كريم الطيب) من محافظة الديوانيه إلى محاولة اغتيال بعبوة لاصقة في السيارة
التي يستقلونها أدت إلى إصابتهم بجروح. والأحد أيضا، تعرض الناشط (باسم الزبيدي)
من محافظة ميسان إلى محاولة تصفية من قبل مسلحين وأصيب بطلق ناري. واغتيل الناشط
(محمد جاسم)، كما تعرض الناشط (الدكتور مهند الكعبي)، أحد أعضاء تنسيقية كربلاء
للحراك المدني المستقل، لمحاولة اغتيال بعبوة استهدفت سيارته أثناء وقوفها في
منطقة سيف سعد، و”هو مصاب يرقد بالمستشفى”، بحسب بيان الحراك المدني في
العراق نشر يوم الاثنين. بالإضافة إلى ازدياد عدد المخطوفين من الناشطين في بغداد
وكربلاء، والناصرية، والسماوه، والنجف، والديوانية والبصرة والحلة، منهم الناشطة أسماء
سمير، والناشطين بندر الشرقي وغيث الجبوري، وكشف أخيراً عن احد السجون السرية
التابع للفصائل المسلحة، فقد أكد المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان والمركز العراقي لتوثيق
الجرائم النقاب يوم الاثنين 16 كانون الاول/ ديسمبر؛ أنّ مجموعات مسلحة اختطفت 300
متظاهرًا على الأقل في الآونة الأخيرة، من ساحة التحرير أو بالقرب منها أثناء
مشاركتهم في الاحتجاجات السلمية المتواصلة منذ أكثر من (75) يوما في العاصمة
العراقية، وأودعنهم تعسفاً في سجن سري تابع (للحشد الشعبي) كان مقرًا لإحدى
الفصائل المسلحة بالقرب من منطقة زراعية جنوبي بغداد. وأخر جرائمهم كانت صباح يوم
الثلاثاء الماضي، فقد تم (اغتيال محمود ابو مريم)، عامل في محل للجلود بالعامرية
طعنا بالسكاكين جريمته انه يوزع الطعام في ساحة التحرير، واغتيال المتظاهر (رائد
جابر)، أستاذ اللغة الإنكليزية المتقاعد من قبل مجهولين أو ما تطلق عليه السلطة
الجهة الثالثة. واغتيال (علي فرحان) الأستاذ بمعهد النفط في ميسان، بوضع عبوة
ناسفة بسيارته، يوم 19 كانون الأولى من قبل مجهولين أمام داره في الحي العصري
بناحية مندلي في ديالى.وامتدت يد الغدر يوم أمس السبت 20 كانون الأول إلى
الناشط المدني الشاب (علي محمد العصمي، مواليد 1993) مسلحين ملثمين يستقلون سيارة
نوع بيك اب نيسان لا تحمل لوحات تسجيل، واعترضوا سيارته في تقاطع الشيباني وأجبروه
على الترجل منها وقتلوه أمام المارة”، وهذه أول جريمة اغتيال في الناصرية وبوضح
النهار، وكان علي وشقيقه الأكبر سلام من الناشطين المشاركين بتظاهرات ساحة الحبوبي
منذ انطلاقها، وقد نصبوا أحد سرادق الاعتصام منذ شهر تقريباً”. وفي نفس اليوم كان أخر
ضحايا الاغتيال السياسي الناشط (علي الأسدي) في منطقة بغداد الجديدة، والناشط
(محمد جاسم).وللاغتيالات
رسالة مزدوجة الأولي إلى الشباب المنتفضين؛ بأنهم يستطيعون ملاحقة واختطاف وتصفية
كل من يطالب بالتغير السياسي، ويقف بوجه الأحزاب الإسلامية الشيعية والميليشيات
التابعة لإيران ويتعرض لولاية الفقيه والرموز الإيرانية، والثانية إلى الرأي العام
العربي والرأي العام الغربي، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، بأننا نقتل ونغيب
من نريد وعقوباتكم لا تؤثر علينا، ومصالحكم تحت رحمة ضرباتنا وكما ترون أننا فقد
صعدنا المواجهة وخطفنا وقتلنا وأنتم تكتبون وتنشرون مجرد بيانات.
الحوار المتمدن