منابر التطرف وصناعة الكراهية في ألمانيا
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تشهد سياسات ألمانيا تغيرا كبيرا في مساراتها، إزاء قضايا الهجرة واللجوء، والجاليات المسلمة والأجانب، ذلك بإصدار قوانين واتخاذ إجراءات جديدة تنعكس سلبا على الجاليات المسلمة تحديدا. وربما كان حزب المستشارة الألمانية ميركل ” الحزب المسيحي الديمقراطي” أكثر تشددا، إلى أن يصل الحد بوزير الداخلية السابق “دي ميزر” أن يدلو بدلوه في صحيفة “بيلد أم زونتاغ” حول الحجاب و”ريادة الثقافة الألمانية” وهي سابقة لم تعهدها ألمانيا، وكأنها تنزلق نحو اليمين المتطرف. بعد الحرب العالميّة الثانية بدأت في ألمانيا مرحلة البناء فتوفّرت فرص العمل مما ساعد على هجرة أعدادٍ كبيرةٍ من العمال المغاربة واليوغسلاف المسلمين إليها، واستعانت ألمانيا بالعمالة التركية حليفتها في الحرب للمساهمة بإعادة بناء ما دمّرته الحرب، كما هربت أعدادٌ من الجنود المسلمين من الجيش الروسي وعاشوا في ألمانيا بالإضافة إلى الطلاب المسلمين الذين كانوا يدرسون في الجامعات الألمانية؛ كلّ هذه المكونات أدّت إلى نشر الدين الإسلامي بين الشعب الألماني.يقدّر عدد المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا بأكثر من 3,000,000 مليون نسمةٍ، وبعض الإحصاءات أظهرت بأنّ العدد الفعلي يُقدّر بحوالي 4,000,000 أي ما يعادل 5% من عدد السكان الكلي
. من اجل فهم أسباب النزوح نحو التطرف في أوروبا
تشير بعض التقديرات إلى وجود أكثر من 2500 مصلٍّ وحوالي 300 مسجدٍ كبيرٍ، و400 هيئةٍ ومؤسسةٍ إسلاميةٍ والعشرات من المراكز الدينية التي تهتم بأطفال المسلمين وتساعد هذه المراكز على توثيق علاقات المسلمين مع بعضهم، وتساعد على فتح المدارس الإسلامية، وترجمة الكتب الإسلامية إلى اللغة الألمانية ليسهل الاطلّاع عليها من قبل الشعب الألماني.الحكومة الألمانية، الائتلاف الحاكم، يحاول التقرب من الجاليات المسلمة في ألمانيا وسد الفجوات، وهذا تمثل في قولها” أن الإسلام جزء من ألمانيا” والتي واجهت الكثير من المعارضة والانتقادات، حتى من داخل حزبها الحاكم.
الإسلام جزء من ألمانيا
وقالت ميركل في وقت سابق ، إن هناك نحو أربعة ملايين مسلم يعيشون في ألمانيا، كما أن هناك حصصا دراسية في الدين الإسلامي وهناك أساتذة جامعات في مجال العقيدة الإسلامية بالإضافة إلى مؤتمر الإسلام الذي يعقد برعاية وزارة الداخلية بهدف تحسين اندماج المسلمين المقيمين في ألمانيا في المجتمع. وتابعت ميركل حديثها قائلة :”لذلك فهي حقيقة أن الإسلام في الوقت الراهن جزء من ألمانيا أيضا”.يذكر بان تصريحات ميركل والرئيس الألماني” أن الإسلام جزء من ألمانيا” أثارت الكثير من الجدل والسجال خاصة مع أحزاب اليمين المتطرف وبعض السياسيين المعارضين لميركل. هذه هي مخاطر النزوح نحو التطرف في أوروبا كتب وزير الداخلية الألماني السابق “توماس دي ميزير” مقال نشره في صحيفة “بيلد أم زونتاغ” الألمانية يوم 30 أبريل حول 2017 موضع اندماج المهاجرين والثقافة السائدة في ألمانيا. أعرب دي ميزير في مقاله عن رأيه ووجهة نظره حول الثقافة السائدة في ألمانيا والتي يمكن أن تكون عادات اجتماعية، وحدد ملامحها في عشر نقاط. ومنها أن المرء يسلم على الآخر في ألمانيا بالمصافحة باليد ويكشف عن وجهه ويذكر اسمه.مقال وزير الداخلية الألماني يعكس مخاوف أوروبا المفرطة من الأجانب والمسلمين “الاسلامفوبيا”على مستوى الشارع والطبقة السياسية، وتصاعدت هذه المخاوف في أعقاب تصاعد العمليات الإرهابية في أوروبا خلال منذ عام 2015.الجماعات الإسلاموية يزداد خطرها في ألمانيا، وهذا كان موضوع ندوة حوار “فرانكفورت” حول كيفية الحيلولة دون وقوع الشباب المسلم في براثن التطرف وشباك التيارات المتطرفة، وتخفيف هاجس الألمان من المسلمين والأجانب، وتجنب صناعة الكراهية.الخبيرة الألمانية شروتر، تقول، أن الدين أصبح “يشكل معيارا للهوية عند الشباب في وقتنا الحاضر ودفع بالهوية العرقية إلى التراجع أمامه”. وأضافت شروتر أن الشروط والقوانين الدينية أصبحت أكثر تشددا. ولذلك ينشغل الكثير من الشباب المسلم في ألمانيا بالتفكير يوميا قبل أداء عمل ما والتساؤل عما إذا كان عمل هذا الشيء حلال أم حرام.
الخطاب المتطرف داخل المساجد
وكان للخطاب المتطرف داخل المساجد وقاعات الصلاة احد دواعي تلك المخاوف، بالإضافة إلى دعاية الجماعات المتطرفة على الانترنيت، التي تحولت إلى ذراع لاستقطاب الشباب نحو التطرف. وهذا ماوسع الفجوة مابين المجتمعات الأوروبية والمجتمعات الإسلامية والعربية داخل أوروبا ، بسبب عدم تفاعل أئمة المساجد مع الرأي العام. ويبقى عامل تحدث اللغة الأجنبية ، واحد من ابرز العوامل لتوسيع الفجوة مابين أئمة المساجد، وهذا يزيد تلك المخاوف بسبب عدم فهم ذلك الخطاب.الجماعة المتطرفة تعد “الجهاد” على الانترنيت دعامة رئيسة في تركيبة وعمل التنظيم إلى جانب “الجهاد” على الأرض. التنظيم يعطي أهمية للنشاط على شبكة الانترنيت. اعتمد داعش كثيرا على الدعاية المتطرفة، بإنتاج أشرطة الفيديو والدعاية بنوعية ومهنية للترويج لمبادئه. لذا فهو يعتبر الانترنيت احد نوافذ التنظيم وعالمه الافتراضي للوصول إلى أنصاره من الشباب، لذا فهو يعول كثيرا على ذلك. وإلى جانب”الهاشتاغات” و”تويتر” يصدر التنظيم مقاطع فيديو ترويجية تطلب من أنصاره نشر رسائل، وصور، ومقاطع فيديو على تويتر، و”إنستغرام”، و”يوتيوب” لدعم التنظبم. مخاطر التطرف مجتمعيا في أوروبا وتقدم الكثير من الجمعيات الإسلامية وإدارات المساجد في ألمانيا نفسها كشريك ضمن برامج الوقاية من التطرف. في هذا السياق قالت مديرة مركز أبحاث الإسلام في فرانكفورت سوزانه شروتر في حديث مع DW:” التعاون من قبل الجمعيات الٍإسلامية يعزز صورة الإسلام الإيجابية، بالإضافة إلى أنه يساهم في وصول الدعم الحكومي لها. لكن على المرء أن يتخذ المشاهدة الدقيقة، وخاصة إذا كان المرء معترف به رسميا كشريك مع الحكومات المحلية أو الدولة”.لقد شهدت دول أوروبا بالفعل صعود التيارات الاسلاموية المتطرفة منها السلفية “الجهادية” والتي أساءت كثيرا إلى الإسلام، ودفعت اليمين المتطرف في أوروبا إلى الصعود وخلقت”صناعة الكراهية عند الغرب لتتحول إلى “فوبيا” في مواقفها تجاه المسلمين والإسلام.وقامت الجماعة السلفية المتطرفة، بأنشطة “دعوية” واسعة، حتى باتت مساجد المسلمين غير آمنة!.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات