الكورونا يؤثر على الانتخابات البلدية في فرنسا
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تخيم على الناخبين الفرنسيين حالة من رهاب عدوى فيروس كوفيد-19 ليصل الأمر إلى احتمال التفريط في التصويت في الانتخابات البلدية التي ستجرى الأحد، وفق ما أوردته دراسة للمعهد الفرنسي للرأي العام. ويثير ذلك مخاوف من تسجيل رقم قياسي جديد في الامتناع عن التصويت يفوق الرقم الذي رصد في العام 2014. رغم أن الانتخابات البلدية هي المفضلة لدى الفرنسيين، تستمر نسبة المشاركة في التصويت منذ ثلاثين عاما، على الصعيد المحلي، في التضاؤل شيئا فشيئا.وفي عام 2020 (والدورتان مقررتان في 15 و22 مارس/آذار الجاري)، من المحتمل أن يؤدي انتشار فيروس كورونا إلى تقهقر نسب المشاركة.وأظهرت دراسة للمعهد الفرنسي للرأي العام نُشرت في التاسع من مارس/ آذار، أن 28% من الفرنسيين، أي ما يقدر بنحو ثلاثة ناخبين من أصل عشرة، ينوون عدم التوجه إلى صناديق الاقتراع بسبب فيروس كورونا، بل أن هناك 16% منهم “واثقون” من عدم التوجه إليها للإدلاء بأصواتهم.ووفقا للدراسة، فإن مثل هذا السيناريو يخص من ستة إلى ثمانية ملايين ناخب من أصل 44 مليون و300 ألف من المسجلين على القوائم الانتخابية.في عام 2014، سجلت نسبة الامتناع عن التصويت مستوى قياسيا في انتخابات بلدية الجمهورية الخامسة، حيث بلغ في الجولة الأولى 36.43% وفي الجولة الثانية 38.3%.
كبار السن مصممون على الاقتراع، والشباب متحفظون
على عكس الاعتقاد الشائع، فإن كبار السن، وهي الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، لم يكونوا أول من تخلى عن فكرة التصويت بسبب فيروس كورونا. فقد تبلغ نسبة غير الراغبين في التوجه إلى مراكز الاقتراع في هذه الفئة 11%، أي أقل بخمس نقاط من المتوسط الوطني.وعلى النقيض من ذلك، ترتفع وفقا لنفس الدراسة نسبة الناخبين الذين سيمتنعون عن أداء واجبهم الوطني في التصويت، ضمن فئة الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما لتصل إلى 23%، إضافة إلى سكان المنطقة الباريسية بنسبة 25%، و28% من المدراء التنفيذيين وأصحاب المهن العليا في المجتمع، و29% من الطلبة.كيف يمكن تفسير ذلك؟ يوضح فرانسوا كروس الخبير في المعهد الفرنسي للرأي العام “تأثير كوفيد-19 على المشاركة في الانتخابات أقوى لدى الفئات المستخدمة لمواقع التواصل الاجتماعي، [وبالتالي عرضة] للمعلومة البدلية والأخبار الزائفة”، ويضيف “وينتشر الخوف أكثر لدى الأشخاص المعرضين أيضا لنظرية المؤامرة”.على الصعيد السياسي، فإن ناخبي حزب اليمين أقل حساسية أمام تأثير فيروس كورونا المستجد على الاقتراع، فتبلغ نسبتهم طبقا لاستطلاع المعهد بين 23 في المئة إلى 25 في المئة.في حين يبدو عدد الناخبين المنتمين إلى أقاصي طرفي القطب السياسي الفرنسي (أقصى اليمين وأقصى اليسار) أكثر بكثير من متوسط عدد الناخبين الذين أعلنوا عزوفهم عن التصويت بسبب الفيروس:31 بالمئة من الناخبين التابعين لحزب مارين لوبان (زعيمة “التجمع الوطني” – اليمين المتطرف)، و30 بالمئة من الناخبين المنتمين إلى حزب جان لوك ميلنشون (زعيم “فرنسا الأبية” – اليسار الراديكالي).لكن الفيروس المستجد وحده لا يكفي لتفسير الاحتمال المقلق للامتناع عن التصويت، فمن الممكن أن يعبر بعض الناخبين المستائين من أزمة السترات الصفراء، ومن إصلاح أنظمة التقاعد عن غضبهم تجاه السلطات عن طريق تحطيم صناديق الاقتراع. فلطالما كانت الانتخابات المحلية فرصة لإنزال العقاب بالطبقة الحاكمة.وبما أن حركة “الجمهورية إلى الأمام” الحاكم ليس لديه إلا عددا قليلا للغاية من العمد المنتهية ولايتهم، فالفرصة متاحة أمام الناخبين لاتخاذ الامتناع عن التصويت كملجأ للتعبير عن استيائهم.من جهة أخرى فإن تغيير محل الإقامة أكثر من مرة، والعمل في مكان مختلف عن مكان الإقامة، عاملان يشجعان على عدم الاهتمام بهذا النوع من الانتخابات.فقبل ثلاثة أيام فقط من بدء الجولة الأولى الأحد 15 مارس/آذار، سيكون من الصعب على الحكومة تغيير مثل هذه الأمور.ومن المرجح أن تؤثر تصريحات السلطات بشأن الفيروس حتى الأحد على قرار الناخبين، ولعل أهمها خطاب الرئيس إيمانويل ماكرون مساء الخميس، لأن السلوك الانتخابي دائم التغيير حتى الدقائق الأخيرة.
تدابير وقائية
وأرسل السبت رئيس الوزراء إدوارد فيليب رسالة إلى جميع عمد فرنسا للتذكير بأهمية ما أسماه بـ”لحظة التنفس الديمقراطي”.وانتهز فيليب الفرصة للإعلان عن سلسلة إجراءات وقائية ملموسة بهدف طمأنة السكان. ودعا السلطة التنفيذية لكل بلدية إلى تعليق منشور لـ”إجراءات وقائية” عند مداخل مراكز الاقتراع. كما حث رئيس الوزراء رؤساء المكاتب على التحقق من هوية الناخبين المرتدين للأقنعة الطبية.
وفي رسالته، دعا رئيس الحكومة الناخبين إلى الإدلاء بأصواتهم على طول الفترات الزمنية من اليوم وتجنب ساعات الذروة. وأخيرا، سيحدد وزير الداخلية قريبا في تعليمات لرؤساء المحافظات سلسلة من الإجراءات لتعزيز عملية التصويت بالوكالة بهدف تسهيل المسار الانتخابي.ويبقى الحمل الرئيسي على المرشحين أنفسهم لإقناع الناخبين بأهمية التصويت لهم رغم انتشار الوباء، وهي مهمة معقدة خصوصا أن بعضهم اضطر مؤخرا إلى إلغاء لقاءات مع الناخبين.
فرانس 24