اتفاقية الشنغن … هل مازالت قائمة و فاعلة ؟

شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_توقعت “فرونتكس” في تقرير داخلي احتدام الوضع على الحدود التركية-اليونانية. ووضعت وكالة “فرونتكس” مستوى التحذير عند “عال”بالنسبة لجميع الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي مع تركيا، وفقا لـ “القدس” اللندنية فى 2 مارس 2020 .ونقلت صحيفة “فيلت” الألمانية عن تقرير “فرونتكس”  أنه  “سيكون من الصعب وقف التدفق الهائل للأشخاص الذين انطلقوا في طريق السفر”. كمادعا الرئيس الفرنسي”إيمانويل ماكرون” إلى مراجعة اتفاقية “شنغن” مع احتمالية استبعاد عدد من الدول وفقا لـ”سبوتنيك” فى 26 أبريل 2019. وأضاف ماكرون بأن اتفاقية الـ”شنغن” لاتعمل كما ينبغي في الوقت الحالي.

اتفاقية الشنغن

تم توقيع الاتفاقية بتاريخ 14 يونيو 1985 من قبل خمس دول ( ألمانيا، فرنسا، بلجيكا، هولندا، لوكسمبورغ)، أخذت اسمها من بلدة “شنغن” في لوكمسبورغ. دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 26 مارس عام 1995. ووقعت على الاتفاقية دولا ليس من الاتحاد الأوروبى ( سويسرا، ليشتنشتاين، النرويج، أيسلندا).

حددت اتفاقية شنغن كيفية وإمكانية مراقبة الحدود لفترة مؤقتة وفقا للمادة (29) في اتفاقية شنغن. وتعد هي الأساس القانوني لإدراج مراقبة تتجاوز الشهرين، وذلك عندما يكون هناك خلل كبير ومستمر في مراقبة الحدود الخارجية، يهدد عمل المنطقة بدون مراقبة الحدود الداخلية، ومنذ عام 2008 كانت إعادة إجراءات مراقبة الحدود الداخلية تكاد تكون منعدمة.تضمن اتفاقية شنغن حرية التنقل بين البلدان الأطراف فيها، إذ لا يحتاج المرء لتأشيرة دخول ولا يخضع  للتفتيش أو السؤال عن جواز سفره. غير أن الحالة الوحيدة التي يتوجب فيها إظهار وثيقة السفر عند دخوله أول بلد في شنغن، الذي يعرف باسم الحدود الخارجية للمنطقة، حيث يصدق جواز السفر بختم  صادر عن هذا البلد الذي دخله. وعند عبور حدود إضافية داخل منطقة شنغن، لن يتم التحقق من أي وثائق، أوطبع أختام.أما بالنسبة للاجئين فإنهم غالبا ما يحصلون في البداية على تصريح إقامة مؤقت حتى البت في طلب لجوئهم. لكن هذا التصريح لا يسمح لهم بالتنقل بين دول الاتفاقية ، لكن بمجرد منحهم حق اللجوء،يمكنهم السفر والتنقل بحرية بين جميع دول منطقة شنغن باستخدام وثائق اللجوء الخاصة بهم

تقييم إلى اتفاقية الشنغن

تعددت أسباب إعادة مراقبة الحدود الداخلية لدول الاتحاد الأوروبى منها لتأمين الأحداث السياسية والرياضية اثناء انعقادها كإدراج البرتغال مراقبة الحدود أثناء قمة “لشبونة” لتجديد استراتيجية حلف الناتو فى نوفمبر 2010 . كذلك أثناء انعقاد مؤتمر “كوبنهاغن” حول المناخ فى ديسمبر 2009. وهذا النوع من المراقبة يتم التنسيق بين الدول بشكل مسبق ويستمر لبضعة أيام .وكانت أزمة الهجرة واللاجئين سببا فى فرض بعض الدول  رقابة صارمة على حدودها الداخلية، فمنذ بداية أزمة موجة اللاجئين عام 2015 وتدفق أكثر من مليون لاجئ إلى أوروبا. اضطرت بعض بلدان الاتحاد الأوروبى بتعليق اتفاقية “شنغن” كفرض السلطات النمساوية رقابة مشددة على حدودها فى يناير 2016.شكل التهديد الإرهابى سببا رئيسيا فى تشديد إجراءات مراقبة الحدود الداخلية لفضاء شنغن التي أعيد العمل بها إثر الاعتداءات الإرهابية في نوفمبر 2015 في باريس، ومددتها تسع مرات متتالية. وهذا النوع من المراقبة يسمى مراقبة طويلة الأمد ويتم اتخاذها كإجراءات احترازية ووقائية عند تنفيذ عمليات إرهابية.

انتقادات إلى اتفاقية الشنغن

أكد مسؤول أمنى  فى 1 فبراير 2020 أن الاتحاد الأوروبى  بصدد تجريب سجل جنائي أوروبي، بهدف إتاحة معلومات داخل الاتحاد الأوروبي عن السيرة الذاتية للشخص إذا كانت هناك حاجة إليها”. ويهدف المشروع التجريبي الذي تموله المفوضية الأوروبية إلى تمكين أجهزة الأمن في أوروبا من اكتشاف ما إذا كانت هيئة في دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي لديها معلومات عن شخص مطلوب بدون الكشف عن اسمه أو بياناته الشخصية.ورغم الانتقادات المستمرة من المفوضية الأوروبية من إجراءات مراقبة الحدود فقامت ألمانيا بتمديد مهمة مراقبة الحدود مع النمسا مرة أخرى حتى مايو من عام 2019. وقد أعلنت النمسا تمديد مهمة نقاط المراقبة حتى مايو 2019، وقامت باريس أيضاً بتمديد مهمة مراقبة الحدود حتى إبريل عام 2019، مبررة ذلك بالمخاوف من عودة العديد من “الجهاديين الأوروبيين” من سوريا. دون الرجوع إلى مؤسسات الاخاد الأوروبى لإصدار توصية بإدراج مراقبة الحدود،تقول عضوة فى البرلمان الأوروبى أن صندوق الأمن الداخلي سيدعم تحسين الاستجابة لحالات الطوارئ بالإضافة إلى تعزيز التركيز على البعد الخارجي للتحديات الأمنية للاتحاد الأوروبي.ونقل بيان أوروبي وزع في بروكسل عن “وينبرغ” قولها إن هناك كثيرا من التحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي كنتيجة مباشرة للفشل في تأمين الحدود الخارجية وفي حين أن هذا الصندوق الجديد لن يحل جميع مشكلاتنا، فإنه يمثل خطوة أخرى توفر دعماً مستهدفاً ومرناً لمساعدة الدول الأعضاء لتحسين أمن مواطنيها وفقا لـ”صحيفة الشرق الأوسط” فى 14 مارس 2019.

فرونتكس” الوكالة الأوروبية لمراقبة حدود الاتحاد الأوروبي

تعتزم وكالة فرونتيكس تقديم عدد من الموظفين وطائرات الهليكوبتر والعربات والتجهيزات لتأمين حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وفقا لـ”DW” فى 7 مارس 2020 . وتعد فرونتيكس هى الوكالة الأوروبية لمراقبة حدود لاتحاد الأوروبي بهدف منع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر. تأسست الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي فرونتكس في عام 2004 لآهداف من أبرزها حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي من الهجرة غير الشرعية. وتتخذ الوكالة من العاصمة البولندية وارسو مقرا لها.أعلنت وكالة حماية الحدود الأوروبية “فرونتكس” وفقا لـ”روسيا اليوم” فى 13 أغسطس 2019 انخفاض الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا في الأشهر السبعة الأولى من العام 2019 بنسبة (30% ) مقارنة بعام 2018. وذكرت “فرونتكس” عبر موقعها الالكتروني أن عدد المهاجرين غير الشرعيين بلغ (54300) مهاجر.وارتفع عدد المهاجرين غير الشرعيين عبر طرق الهجرة الرئيسة في أوروبا، في شهر يوليو 2019، بنسبة (4%)، مقارنة بشهر يونيو 2019 ليبلغ عددهم نحو (10500) مهاجر.

دور وكالة فرونتكس

أفادت صحيفة “الأوبزرفر”  فى 5 سبتمبر 2019 أن فرونتكس قد استفادت من استثمارات الاتحاد الأوروبي البالغة (100) مليون يورو في الطائرات المسيرة “درونز”. كاتلى تحلق قبالة سواحل ليبيا.ومن برامج فرونتكس تدريب قوات حرس حدود الدول الأعضاء ومصر ودول شمال أفريقيا المواجهة لساحل أوروبا الجنوبي لتحسين كفائتها في الحد من تدفق اللاجئين إلى قارة أوروبا  والمساعدة على ترحليهم إلى بلدانهم الأصلية.وتتوافر قوة دائمة لتحسين حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي في ظل الهجرات غير الشرعية بحلول عام 2027، تتكون من (10) آلاف عنصر بين حرس حدود وخفر سواحل سلطات وقدرات الوكالة الأوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية “فرونتكس” لتتمكن من مساندة دول تواجه تدفق مهاجرين. وتضم القوة الدائمة(5) آلاف عنصر عام 2021، قبل أن يزداد عديدها تدريجيا.وتتمكن “فرونتكس” من حيازة سفنها الخاصة وطائراتها بالاستناد إلى موازنة موسعة. كذلك نشر عناصر خارج الاتحاد الأوروبي، بما يتعدى دول الجوار، بموافقة تلك الدول.وسيتم أيضا إنشاء “احتياطي الرد السريع” للتدخلات الطارئة عند الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.ويكون بمقدور عناصر حرس الحدود “التحقق من وثائق الهويات الشخصية، التصريح بالدخول أو رفض الدخول إلى نقاط عبور حدودية، ختم وثائق السفر، تسيير دوريات عند الحدود وتوقيف الأشخاص الذي يعبرون حدودا بصوة غير شرعية”.ويلقى هدف تحسين حماية الحدود الخارجية توافقا بين دول الاتحاد الأوروبي. وفقا لـ”الحرة” فى 17 أبريل 2019

الخلاصة

دعت المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى إنهاء الضوابط الحدودية داخل منطقة “شنغن” وبالرغم من تلك الدعوات تستمر بعض الدول بمراقبة حدودها مع الدول المجاورة.وتسمح اتفاقية شنغن للدول الأعضاء بعمليات الرقابة والتفتيش على الحدود بشكل مؤقت لمدة  (6) أشهر وقد تصل لعامين فبعض الدول الأعضاء مدت مدة المراقبة الحدودية إلى 3 سنوات وأكثر لأسباب أمنية تتعلق بمكافحة الهجرة الغير شرعية ومكافحة الإرهاب.لايزال ضعف تبادل المعلومات بين وكالات الاستخبارات الأوروبية قائما ويحتاج إلى تناسق وتكامل، فى ظل ارتفاع قائمة المتطرفين المحلين، والتى تستغل حرية الحركة داخل أوروبا. إن اعتراف الاتحاد الأوروبى بوجود نواقص في أمن الحدود الخارجية، قد يسمح بعبور اللاجئين الغير شرعيين وتسلل الإرهابيين من خلالهم إلى دول أوروبا واستغلالهم اتفاقية” شنغن”.وتضع كل هذه الأمور اتفاقية “شنغن” موضع الشك ما يتيح لكل دولة تشديد مراقبة حدودها أو إغلاقها،ما قد يؤثر سلباً على الاقتصاد الأوروبى.وتلعب وكالة “فرونتيكس” دورا مهما فى حماية حدود أوروبا الخارجية والتى من شأنها أن تجعل حدود أوروبا الداخلية  آمنة وغير مغلقة.  أن تعزيز دور “فرونتكس” أثار تحفظات دول مثل إيطاليا، إسبانيا، اليونان و المجر، بمسائل تتعلق بالميزانية لخشيتهم تهديد السيادة، ومن الملاحظ أن التحفظات على تعزيز” فرونتيكس” تأتى من بعض البلدان التى تصاعد فيها أحزاب اليمين المتطرف كــ” إيطاليا، إسبانيا، المجر”.

التوصيات

تحسين إدارة الحدود الخارجية ومكافحة الهجرة غير الشرعية، تسريع عمليات التدقيق على الحدود الخارجية لأوروبا، تعزيز ربط قواعد البيانات بالدول الأوروبية، سد الثغرات التي تستفيد منها الشبكات الإرهابية والجماعات المتطرفة، وتحسين سبل مكافحة الإرهاب.

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post “صفقة القرن”: لماذا ما زالت تكتسب أهمية؟
Next post الحكومة البلجيكية والقضاء على الكورونا